هل هذا وطني ؟
1035 مشاهدة
بعدما قطعنا أشواط نحو الديمقراطية ورفعنا شعارات دولة الحق والقانون ، بعدما أصبحنا ننظم ملتقيات وطنية ودولية توقع فيها اتفاقيات تؤكد على روح حقوق الإنسان وتحقيق الكرامة والمساواة والعدل ، بعدما قمنا باستفتاء وطني لدستور جديد وضع قطيعة مع قوى القمع والفساد والظلم والتسيير العشوائي ، وتبنى مفهوم جديد للدولة و رؤية الحياة المشتركة ودولة المؤسسات وحفظ حقوق المواطنين وحريتهم …ها نحن اليوم نقوم بتنزيل وتسويق ذلك بطريقة خاطئة، ونعطي صورة حقيقية للنهج الذي نسير عنه ،الذي يؤكد لنا أننا ما زلنا نحن لماض لا يشجع على المستقبل بل يضرب في مستقبل المستقبل، مستقبل تمحن في طفولته واعتبرها طفولة استثنائية ، وشمها بطابع السعادة رغم الفقر المادي واللامادي الذي لا يشجع على الإطلالة نحو يوم مشرق، لكن رغم ذلك هذا المستقبل لم يستسلم للظروف القاهرة، بل حاول ولازال يحاول بكل ثقة ومثابرة وعزم ، ليكون مصيره وظيفة سامية حيوية مثلتها الأديان بالرسل وجعلتها الدول المتقدمة في المقام الأول، لنراها اليوم في وطننا تكرم بالعصي وسط الشوارع بتهمة الاحتجاج وطلب حق يضمن الاستقرار الجزئي، لأنه لا يمكن أن نتخيل في مغرب اليوم أنه بمبلغ خمسة آلاف درهم الكل في العائلة ينتظر منه نصيبه، يمكن أن تؤسس به أسرة وتعيش في سعادة أفلاطونية كما يتصور البعض ، وكما يحاول ساساتنا توهيمنا من خلال خطاباتهم التقليدية ، لايمكن أن نتصور بهذا المبلغ يمكن أن تضمن لنفسك ولعائلتك التطبيب عند المرض وتشتري لإخوتك ملابس العيد ولوازم المدرسة وتحقق الاكتفاء الذاتي لتضمن مصاريف البيت بدون أخد قروض ، لا يمكن بهذا المبلغ أن تشتري سيارة كما نرى في الاشهارات التوهيمية التي تمارس علينا يوما بعد يوم نوعا من الإكراه والعنف الرمزي، ليكون مصيرك حافلة الازدحام لتصل عملك وأنت متحمس مرتديا أقنعة البهلوان لترسم الابتسامة على وجه طفل أكلت منه التجاعيد أحاسيس الفرح والمرح ، محاولا مساعدته لركب عالم العلم والمعرفة والتسلح بالفكر وتشجيعه على الخيال والابتكار .
هذا كله جعلني أتساءل ونفسي هل هذا وطني ؟ وطني الذي قرأت عليه في التاريخ والجغرافيا ، وطني منبت الأحرار مشرق الأنوار ، وطني الذي علمني الحقوق ورباني على الواجبات ، وطني الذي خاطبني واستجبت له ، وطني المسيرة الخضراء ، وطني الراية الحمراء ، وطني السلم والسلام ، وطني مغرب ومغاربة العالم …سؤال استنكاري جوابه لن يغب على أذهاننا ولن تنساه ذاكرتنا ، جواب يحميه الأمل وحب الوطن، جواب يشجعنا على النضال والعمل على المشاركة في بناء مغرب جديد يؤمن بثقافة الاختلاف والعيش المشترك ومحاربة أفكار التطرف والعدوانية والسير نحو التقدم ومحاربة قوى الظلامية.