تُحرِج خطبُ الجمعة للتبليغ التي تحررها وزارة الشؤون الإسلامية وتلزم أئمة الجمعة بتلاوتها، أغلبَ هؤلاء الأئمة الذين يتورطون في اللحن ويصيبهم العيّ فلا يُفصحون ولا يُبينون حين يضطرون لمضغ اللفظ وبتر الكلام وتشويه العبارة حتى يُضيعون المعاني.
وما يكون لحفَظَة القرءان الكريم ان يَلْحنوا ولا أن يُتَأْتئوا لكنهم تحت سطوة خطبة الوزير التي تكتب ببيانٍ بليغةً وبقاموسٍ رصين فصيحةً وبأسلوبٍ متين متناسقةً وبعبارات دقيقةٍ دالةً مفيدةً…فإنهم يرتبكون فيختلُّ لسانهم ويتيهون بين اللفظ ومعناه ويتحشرج الصوت في حناجرهم كأنهم يبلعون أرياقهم وهم بين خوف ورهبة أن تَزِلَّ بهم القدم من على منابرهم وكذلك هم بالمصلين يفعلون.
إن المصلين يتفهمون أن يتلوَ إمامٌ صحيفةً لم يكتبْها فلا يخطئ ولا يلحَن، ويلتمسون العذر بمبرر وظيفة المنبر التي تصعد بصاحبها درجاته للذي يلين جانبه ويهين لسانه ويطيع حتى لا يضيع، فيلزم حدود التلاوة عبثا يحاول الإقناع بلا إمتاع، يلهث في الجري بين السطور يلحق المعاني ولا يدرك أفهام سامعيه لأنه لا طاعة لرأيِ إمامٍ ليس مسؤولا عما يقول ولا اقتناعَ له بما يتلو ولا قدرة له على الإفصاح بما يلفظ.
وإذ يتساءل المصلون كيف بإمام يقنع بكلام لا رأي له فيه، وأن يعظ ويوجه ويبلغ بحديث في خطبة بين يديه يرفعها كقنبلة بين كفيه يتلوها بسرعة من يجري وقد اشتعلت النار في ثيابه، وكثير ممن يجتهد في تلاوة خطبة الوزير لا يبلغ بها أفئدة سامعيه والمنصتين إليه ولا ينفذ إلى قلوبهم لبرودة في قناة التواصل بسبب فقدان الخطيب لشفرة الرسالة.
وإنه من واجب الإمام في خطبة الجمعة ان يكون سيد المنبر يعظ ويوجه ويعلِّم ويبلغ ويحض ويحث مادامت بين يديه العصا وهو يرتقي المنبر بما أهَّلَهُ تكوينه الديني والاجتماعي والثقافي وحظوته لدى المؤمنين ليكون إمامَهم متسيدا بعلمه وبما يحفظه من آيِ القرءان الكريم وكفى بالوزير إشارة يلتقطها الإمام ليصوغ مما أفاء الله به عليه من علم وحظوة خطبة جمعة تحقق الغايات وتبلغ المرامي التي من أجلها سن الله الاجتماع في أيام الجمعة ينتشر الناس ويسعون بعد أداء فريضتها.
فهل يكتفي وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية بتحديد موضوع خطبة الجمعة وببعض محاورها مع تحديد الهدف ويترك التحرير والصياغة للخطباء، أم عليه تكوين الخطباء في فنون الإلقاء والتواصل وتكوينهم تكوينا لغويا يجنبهم اللحن ويقيهم العي؟؟؟!!!!
