غذاء العقل والشخصية.. لهذه الأسباب يجب أن يمارس المراهق الرياضة يوميا
4188 مشاهدة
أظهرت دراسة حديثة أن المراهقين الذين يمارسون الرياضة أقل عرضة للقلق والاكتئاب. وتوصل باحثون بجامعة دبلن سيتي إلى أن 8% فقط من المراهقين يمارسون الرياضة ساعة يوميا، ويتراوح النشاط البدني بين المعتدل إلى القوي.
وتوصل الباحثون، الذين حاولوا اكتشاف العلاقة بين النشاط البدني والصحة العقلية للمراهقين، إلى أن 40% من أعراض الاكتئاب والقلق سببها عدم ممارسة أي نشاط رياضي.
وأكدت النتائج أهمية زيادة مستويات النشاط البدني لدى المراهقين الأقل نشاطا، وأشار الباحثون إلى أن الرياضات الجماعية أكثر إفادة في مواجهة مشاعر القلق والتوتر والاكتئاب لديهم.
وأوضحت أن الذكور أقل شعورا بالقلق، باعتبار أنهم الأكثر ممارسة للرياضة، وشددت على أهمية استمرار ممارسة الشباب للرياضة طوال فترة المراهقة لفوائدها على الصحة البدنية والعقلية معا.
مهارات التواصل
يمكن أن تساعد الرياضة على اكتساب بعض المهارات التي يحتاجها المراهق للتواصل مع الآخرين. إذ يرى الكثيرون أن المراهقة وقت تغيير وغليان الهرمونات وانعدام السيطرة، ومن هنا جاء باحث علم النفس العصبي والنفسي، فرانسيسكو روبالو، بفكرة تحليل العلاقة بين الرياضة والمراهقة.
وتعتبر الرياضة في مرحلة المراهقة جهاز تصريف الطاقة وتحديد الأهداف، ويصبح دور المدرب في هذه العملية هو نفسه دور المرشد.
التطور العقلي
يتطور التقليم العصبي لدى المراهق في تلك المرحلة العمرية، وهي عملية التخلص من الروابط العصبية المتعلقة بمرحلة الطفولة، والتي لم تعد تناسب حياة البالغين. وفي الفترة نفسها ينشأ النضج من مجموعة من الروابط والمهارات الجديدة التي تساهم في التحكم بالمشاعر والسلوكيات.
يرى الأخصائي النفسي روبالو أن تعليم القيم المتزنة للمراهق من خلال الرياضة عادة ما يكون له تأثير إيجابي. وذلك دون تجاهل دور المعلم أو المدرب، الذي يكون شخصا بالغا من خارج الأسرة يؤدي دور الوسيط، ويصبح مثالا يقتدى به، فهو من يضع المبادئ التوجيهية الرياضية، ويحدد الأهداف ويضع القواعد للفريق.
الذكاء العاطفي
تتحسن في مرحلة المراهقة القدرة على اتخاذ القرارات، إذ يكتسب الشاب الصغير سيطرة أكبر على اندفاعاته. على سبيل المثال، يمكن للرياضة أن تعلم المراهق التضحية بوقت الاستمتاع مع الأصدقاء من أجل التدريب وتحقيق مراكز متقدمة والفوز بميداليات في مسابقات رياضية، فيصبح لديه القدرة على ترتيب الأولويات وفقا لما فيه فائدة حقيقة له.
تتطور بفضل الرياضة طرق التعامل مع العقبات لدى المراهق، ويصبح أكثر تمكنا من ضبط ردود الفعل الغريزية والعاطفية المكتسبة في الطفولة. وتضمن ممارسة الرياضة أيضًا تدريبًا لتحسين المهارات المتعلقة باتخاذ القرار، والتحكم في الانفعالات.
البحث عن الهوية
وفقا لعالم النفس إريك إريكسون، فإن المراهقين يميلون إلى النزاعات والعنف أحيانا. لذا فإن المطالب البدنية والعقلية للرياضة، بالإضافة إلى كونها مصدر إلهاء، توفر أدوات للتغلب على نزعة العنف لديهم.
ويساعد الجهد الذهني والجسدي الذي يبذله المراهق بالرياضة على تخفيف التوتر، كما أن أي نشاط رياضي تنافسي يفترض صقل القيم والقدرات، والتي يعتبر تعزيزها مهما في مرحلة المراهقة.
ويعد التغلب على العقبات، واكتساب مهارات أفضل، أحد الأمور الإيجابية للرياضة، بالإضافة إلى تكوين الشخصية.
في الرياضات الجماعية يكون الأداء مشتركا لتحقيق الهدف، مثل كرة القدم أو السلة أو اليد، وتكون هناك « كيمياء » بين الفريق وانسجام بين أفراده مما يحقق الأهداف، ومن هنا يكتسب المراهق روح الفريق.
تؤثر كل هذه الأمور مع بعضها على التقييم الذاتي، وتعزز احترام الذات لدى المراهق. ومن القيم التي يمكن اكتسابها، احترام الخصم، وتنعكس هذه القيم بشكل كبير على حياة البالغين.
هنا تأتي أهمية المدرب ودوره الحاسم في تحفيز المجموعة والفرد على دمج هذه القيم.
يحث علماء النفس على النشاط الرياضي عند الأطفال والمراهقين الذين يعانون من مشاكل سلوكية، إذ يساعدهم الانضمام إلى مجموعة ذات أهداف مشتركة.
وبالنسبة للمراهقين الذين يعانون من فرط النشاط، يوصى بالرياضات التي تتطلب طاقة عالية. أما من أجل اكتساب مهارات اجتماعية، فينصح بالرياضات الجماعية، مثل كرة القدم.
وتساعد الرياضات التي تزيد من المهارات الدفاعية على الثقة في النفس أكثر، وتعزز الشعور بالسيطرة، مثل فنون الدفاع عن النفس، وينصح بها للمراهقين الذين واجهوا حالات التنمر.
وأخيرا، فقد خلص علماء النفس إلى أن الانضباط، والإدارة العاطفية، والمهارات الاجتماعية، وإدارة النجاح والفشل، أو اتخاذ القرار، كلها مكتسبات يتعلمها المراهق من خلال ممارسة الرياضة.