من أجل تفعيل دورية عبد النباوي.. لا بد من توفير الحماية والحصانة اللازمتين لقضاة النيابة العامة..
1049 مشاهدة
يصنّف الفساد على أنّه أسوء مرض لأي دولة من الدول النامية في العالم الثالث، بل حتى في الدول الناشئة من العالم الثاني؛ لأنه يجعل الاقتصاد يعمل بنحوٍ غيرِ فعالٍ، بل ويساهم في انتشار الجريمة بجميع أصنافها.
وأمام تنامي عدد قضايا الفساد المالي، وتورط شخصيات بارزة فيها، وجه محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، دورية إلى كل من المحامي العام الأول لدى محكمة النقض والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، حول محاربة جرائم الفساد المالي، أكد فيها أن الفساد يعتبر آفة تهدد مختلف مخططات التنمية، وتقوض سيادة القانون وتضعف ثقة المواطنين والمستثمرين في المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية، وذكر الوكيل العام للملك بأن دستور المملكة جاء بمجموعة من المبادئ من أجل توطيد الشفافية والنزاهة، ومعاقبة كل أشكال الانحراف في تدبير الأموال العمومية واستغلال النفوذ وتنازع المصالح، كمدخل أساسي لتحقيق مساواة المواطنين أمام الخدمات العمومية، وتكافؤ الفرص بين المستثمرين عند ولوج السوق، والحيلولة دون تفشي مظاهر الرشوة واختلاس وتبديد المال العام والتلاعب بالصفقات العمومية وغيرها من المظاهر السلبية، ومصادقة المغرب بتاريخ 09 ماي 2007 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تقدم مجموعة من المعايير والتدابير لتطوير النظم القانونية والتنظيمية لمكافحة الفساد. كما تلزم الدول باتخاذ تدابير وقائية وأخرى زجرية في القطاعين العام والخاص، لمواجهة مختلف صور جرائم الفساد.
دورية إعتبرها قضاة النيابة العامة خطوة رائدة في مجال مكافحة الفساد بالمملكة المغربية، وفق ما قرره الدستور الجديد، وما كرسته التوجيهات الملكية السامية، وأوصت به مختلف المواثيق الدولية ذات الصلة.
إلا أن تنفيذ هاته المذكرة باستقلالية وتجرد، يتطلب تمتيع قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق بالحماية والحصانة اللازمتين، وذلك أمام ما قد يتعرضون إليه من تهديدات ومضايقات من طرف لوبيات الفساد التي عادة ما تكون هي المتهمة في قضايا الفساد.
وعاصمة النخيل، تعد أكثر المدن التي اهتزت على وقع قضايا الفساد المالي، حيث أن المتهمون فيها ليسوا بأشخاص عاديين وإنما بمسؤولين استغلوا السلطة والمناصب الممنوحة إليهم، من أجل التوغل في عالم الفساد، بل ومحاولة مراوغة القضاء بشتى الطرق، ولعل الملفات التي لا زالت عالقة بين أدراج محاكم لدليل قوي على طغيان وقوة لوبيات الفساد بمدينة مراكش.
ومن أجل مواجهة لوبيات الفساد وقطع طريق استغلالها للسلطة والمال من أجل التأثير على مسار العدالة، على الجهات المسؤولة أن تعيد النظر في خريطة العمل القضائي، والحد من كل الممارسات المشينة التي قد تعيق تحقيق العدل، وهذا لن يتأتى دون تفعيل آليات المراقبة بانتظام، وضمان حماية العاملين في هاته المنظومة، وكذا النهوض بأوضاعهم المادية، وخاصة تحسين أجورهم.