
قدمت وزارة الاقتصاد والمالية جواباً حول مساطر إعداد سندات الطلب والصفقات العمومية، موضحة أن القانون الجديد رقم 2.22.431 جاء لضمان الشفافية والمنافسة العادلة، وأن المتنافسين ملزمون بتقديم كل الضمانات القانونية والتقنية والمالية، إلى جانب الوثائق التي تُثبت قدرتهم على تنفيذ المشاريع، وذلك عند طلب الإدارة أو عبر البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية.
وبحسب جواب الوزيرة، فإن سندات الطلب تُعتبر عقداً إدارياً كاملاً، ويُسمح للإدارة أن تطلب كل الإثباتات والضمانات اللازمة، بما فيها ضمانات بنكية وعينات ووثائق تقنية مفصلة، للتأكد من أن المقاولات المتقدمة قادرة فعلاً على تنفيذ الأشغال أو الخدمات المطلوبة.
كما أشارت الوزارة إلى أن الهدف من هذا الإطار القانوني هو حماية المال العام، ومنع أي محاولة لتقديم ملفات أو عروض غير حقيقية أو غير صادقة، مضيفة أن اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية أصدرت قرارات تؤكد على ضرورة احترام القواعد والضمانات القانونية.
لكن، ورغم التوضيحات القانونية، فإن الواقع اليوم يكشف عن تحديات كبيرة، خاصة بالنسبة للمقاولات الصغيرة والصغيرة جداً. فمنذ البدء في تطبيق النظام الجديد، ظهرت إشكالات متعددة في تدبير سندات الطلب، خصوصاً مع بعض المتعهدين الذين يقدمون أثماناً منخفضة جداً فقط للمشاركة دون نية حقيقية أو قدرة على تنفيذ المشاريع، وهو ما يربك المؤسسات العمومية ويُفشل تنفيذ عدد من المشاريع المحلية.
الأمر الثاني والأخطر، حسب عدة شهادات ميدانية، هو أن عدداً من الخازنين الإقليميين في مجموعة من المدن لا يعتمدون على كل المقتضيات التي ذكرتها الوزيرة في جوابها، ولا يأخذون بعين الاعتبار إمكانية طلب كل الضمانات والإثباتات، بل يلجؤون في كثير من الأحيان إلى الحل الأسهل: الرفض المباشر، وهو ما أدى إلى تعطيل مشاريع وتسبب في إفلاس العديد من المقاولات الصغرى والصغيرة جدا التي تعاني أساساً صعوبات في التمويل والمنافسة.
هذا الوضع يعكس، بحسب مهنيين، وجود تناقض واضح بين ما قدمته الوزارة في جوابها وما يتم تطبيقه فعلياً من طرف بعض مصالح الخزينة العامة، مما يفرض ضرورة مراجعة آليات التطبيق وتوحيد ممارسات الإدارات والخزنة عبر مختلف الجهات، حتى لا يتحول القانون من وسيلة للشفافية والحماية إلى عائق أمام الاقتصاد المحلي وفرص الشغل.
وفي انتظار توضيحات جديدة أو إجراءات تصحيحية، تبقى المقاولات الصغيرة أمام تحدٍ مزدوج: المنافسة غير المتكافئة وقرارات إدارية لا تُطبق دائماً بروح القانون، وهو ما يستدعي تدخلاً سريعاً لضمان العدالة الاقتصادية والاستثمارية على أرض الواقع.







