
في تطور جديد يكشف الخلفيات الحقيقية التي تحيط بمحاولة جرّ رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، إلى ردهات المحاكم، أفادت مصادر متطابقة أن سياسيين نافذين يواجهان متابعات قضائية في ملف يتعلق بأملاك الدولة، يمارسان ضغوطا متزايدة على صاحب مصحة خاصة بمدينة مراكش، من أجل دفعه إلى تقديم شكاية قضائية ضد الغلوسي، في خطوة اعتُبرت جزءا من تصفية حسابات سياسية.
المصادر نفسها أوضحت أن الضغوط التي يتعرض لها المعني بالأمر تأتي بعد أن كشف الغلوسي، عبر تدويناته، وخرجلته الاعلامية معطيات تفصيلية حول تفويت عقار عمومي لفائدة المصحة المعنية في ظروف مشبوهة، وهي القضية التي فجرها الغلوسي ضمن ملف أوسع يهم استغلال النفوذ وتبديد المال العام.
ورغم أن صاحب المصحة لم يتقدم بعد بأي شكاية رسمية، إلا أن التحركات التي تقوم بها جهات محسوبة على سياسيين اثنين يواجهان متابعات في ملف تفويتات عقارات الدولة، تشير إلى وجود محاولات مبيتة للزج باسم المصحة في هذا الصراع، وتحويل الأنظار عن جوهر القضية التي تتعلق بالفساد وسوء تدبير المشاريع العمومية.
في هذا السياق، يواجه الغلوسي أيضا شكاية قائمة كان قد تقدم بها البرلماني يونس بنسليمان، يتهمه فيها بـ”نشر معطيات مغلوطة تمس سمعته وسمعة المؤسسات”، على خلفية انتقادات وجهها الغلوسي لتدبير مشروع المحطة الطرقية الجديدة بمراكش، وما شابه من شبهات وتجاوزات.
وقد اعتبر بنسليمان أن الغلوسي تجاوز حدود حرية التعبير، واصفًا تدويناته بـ”التشهيرية وغير المؤسسة”، مؤكدا أن “اللجوء إلى القضاء هو حق مشروع لمواجهة حملات استهداف ممنهجة”، ونفى أن يكون الهدف من الشكاية إسكات أي صوت معارض.
من جانبه، شدد الغلوسي على أن ما يتعرض له من مضايقات وشكايات ما هي إلا نتيجة مباشرة لانخراطه الجاد في فضح ملفات الفساد، مؤكدا أن محاولات تكميم الأصوات لن تزيده إلا إصرارًا على مواصلة مساره في الدفاع عن المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتتابع المحكمة الابتدائية بمراكش محمد الغلوسي بتهم “إفشاء السر المهني” و”بث وتوزيع ادعاءات كاذبة بقصد التشهير”، بعد تأجيل أولى جلسات المحاكمة إلى 19 شتنبر المقبل.
الملف أثار موجة تضامن واسعة من قبل جمعيات وهيئات حقوقية، اعتبرت أن استهداف الغلوسي يدخل ضمن حملة ممنهجة لضرب دور المجتمع المدني، وتشجيع الإفلات من العقاب في قضايا الفساد المالي والإداري.







