مراكش تحتضن ندوة دولية حول الماء والطاقة المتجددة
1788 مشاهدة
تحتضن مدينة مراكش خلال الفترة ما بين 23 و25 من شهر فبراير الجاري ندوة دولية حول موضوع الماء و الطاقات المتجددة و التنمية المستديمة.
وقال الأستاذ محمد الدرويش مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم في كلمته الافتتاحية أمس الخميس » نفتتح أشغال هاته الندوة المباركة بحضوركم ودعمكم واهتمامكم والمنظمة بأبعاد دولية تجسدت في مساهمة فاعلين اكاديميين و اجتماعيين و سياسيين من البرتغال و فرنسا و تونس و موريتانيا و ليبيا و مدن مغربية متعددة من فاس و اكادير و الرباط و القنيطرة و تطوان و مكناس و الدار البيضاء على ارض مراكش الحمراء و بمتحف الماء جوهرة المتاحف المغربية و العربية و الافريقية و حتى الغربية و الذي انشئ بمبادرة غير مسبوقة و قرار من السيد وزير الاوقاف و الشؤون الاسلامية الدكتور احمد التوفيق الاستاذ بكلية الاداب و العلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط و الذي اشرف على تدشينه ولي العهد مولاي الحسن سنة 2017 و منذ ذلك و المتحف يطور علاقاته و تتعدد زياراته من قبل الطلاب و التلاميذ و السياح و الخبراء و الاساتذة الباحثين و ينفتح على الاكاديميين و مكونات المجتمع المدني و نود في هذا المقام ان نوجه تحية و تقدير خاصين لمديره الاستاذ الدكتور عبد النبي المندور الذي اثبت عن قدرات عالية في تسير و تدبير هاته المعلمة فهنيئا له و هنيئا للمتحف و موظفيه و مستخدميه به . اننا نلتقي على ارض مغربية افريقية عربية متوسطية ارض الانفتاح و تلاقح الثقافات و السلام والمحبة والأخوة والاطمئنان فمرحبا بضيوفنا الاعزاء من اوروبا و افريقيا ».
وأضاف » يواجه المغرب خلال السنوات الأخيرة محدودية الموارد المائية وعدم انتظامها في المكان والزمان، اذ أن المغرب مع مرور الأيام والسنون صار يعاني من تزايد الطلب على هاته المادة الحيوية و انعدام الترشيد في الاستعمالات مما تسبب ادى الى نقصان هاته الموارد و البدء في الاستغلال للثروات المائية الجوفية كما ان المملكة المغربية تاثرت بالانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية و بذلك نسجل انتقال هاته الموارد من 2500 متر مكعب للفرد الواحد سنويا سنة 1960 الى ما يقارب 600 متر مكعب اليوم . إضافة إلى كون النظام المائي بالمغرب يتميز بتناوب أعوام زاخرة بالأمطار والمياه ، وأخرى عجاف يطبعها جفاف حاد ، ويمكن أن تدوم لسنوات عديدة مثلما حدث بين 2015 و2020. فقد تم تسجيل ضعف شديد في حصيلة السدود منذ عام 2015 ؛ حيث سجلت هذه الحصيلة أضعف مستوياتها في أواخر شهر نونبر من سنة 2021؛ وهي نسبة 30 بالمائة . وهي اوضاع مقلقة تسائل الفاعلين و المسؤولين على هذا القطاع لإشكالات لا يبدو انها ستزول خلال الاعوام المقبلة بسبب آثار التغير المناخي الذي يشهده الكوكب الأرضي » .
وجاء في مداخلته « لنا ان نعتز بالسياسة الحكيمة و الرشيدة لصاحب الجلالة المرحوم الحسن الثاني في بناء السدود بمنطق استباقي و استشرافي للأوضاع المتقلبة و الانعكاسات السلبية على المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و هي نفس السياسة التي اختارها جلالة الملك محمد السادس منذ توليه عرش اسلافه المنعمين و ذلك من خلال توجيهاته و قراراته الخاصة بالإشكال المائي و التقلبات المناخية كان اخرها ما جاء في خطبه يوم 14 اكتوبر 2022 خلال افتتاح الدورة البرلمانية من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة اذ قال حفظه الله (( أولا: ضــرورة إطــلاق برامــج ومبــادرات أكثــر طموحــا ، واسـتثمار الابتـكارات والتكنولوجيـات الحديثـة ، فـي مجـال اقتصـاد المــاء ، وإعــادة اســتخدام الميــاه العادمــة، وثانيـا : إعطـاء عنايـة خاصـة لترشـيد اسـتغلال الميـاه الجوفيـة ، والحفــاظ علــى الفرشــات المائيــة ، مــن خــلال التصــدي لظاهــرة الضــخ غيــر القانونــي ، والآبــار العشــوائية، وثالثــا : التأكيــد علــى أن سياســة المــاء ليســت مجــرد سياســة قطاعيـة ، وإنمـا هـي شـأن مشـترك يهـم العديـد مـن القطاعـات. وهـو مــا يقتضــي التحييــن المســتمر، للاســتراتيجيات القطاعيــة ، علــى ضــوء الضغــط علــى المــوارد المائيــة ، وتطورهــا المســتقبلي، ورابعـا: ضـرورة الأخـذ بعيـن الاعتبـار، للتكلفـة الحقيقيـة للموارد المائيـة ، فـي كل مرحلـة مـن مراحـل تعبئتهـا ، ومـا يقتضـي ذلـك مـن شـفافية وتوعيـة ، بـكل جوانـب هـذه التكلفـة )).
وانسجاما مع المقتضيات الدستورية التي ثمنت دور الجماعات الترابية بوصفها فاعلا أساسيا في التنمية ، وتحديدا الجهة ، التي تحتل ، من بين مختلف الجماعات الترابية ، مكانة خاصة ، لا يبدو أن توفير مستديم للماء داخل البلد يمكن أن يحالفه النجاح بدون تعبئة منصفة وفعالة للموارد على مستوى الجهات. ولا يستقيم هذا الأمر إلا بفضل إعمال منهجية المشاركة والتنسيق والاستشارة بين مختف الفاعلين والمتدخلين من حكومة ، وجماعات ترابية ، ومجتمع مدني، ومادامت مشاريع التنمية تقتضي بالضرورة إعمال مقاربات نسقية و استباقية ، لا يمكن ، بأي حال ، الاستغناء عن الدور الذي يمكن أن يضطلع به الاساتذة الباحثون من مختلف العلوم والتخصصات بما فيها العلوم الاجتماعية ، التي من شأنها بناء نماذج تحليل يكون في وسعها توقع الأزمات وتجنب المخاطر.
ومن هذا المنطلق أشار المتحدث أن مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم قررت في اطار سلسلة الندوات و اللقاءات التي تنظمها بشراكة مع جمعية جهات المغرب، وباتفاق مع رئيستها السيدة امباركة بوعيدة وتعاون مع مجموعة من المؤسسات الوطنية، تنظيم هاته الندوة الدولية بالمدينة الحمراء مراكش، في موضوع يؤرق المجتمع المغربي بكل مكوناته و مستويات مسؤولياته يناقش خلالها الاساتذة الباحثون و الخبراء من دول مختلفة البرتغال و فرنسا و تونس و ليبيا و موريتانيا و المغرب من مدن متعددة مراكش و الدار البيضاء و اكادير و تطوان و طنجة و القنيطرة و اسفي و فاس و مكناس و الجديدة و الرباط الموضوع من جوانب متعددة و هكذا يشاركنا اشغال الندوة هاته مختصون في الماء و الطاقات المتجددة بكل انواعها و التاريخ و الاقتصاد و المالية و علم الاجتماع و بذلك تكون الندوة متفردة و متميزة في معالجة قضايا موضوعها من زوايا متعددة و مختلفة .
وبصرف النظر عن طبيعة التساقطات المطرية اللامتكافئة بين مختلف مناطق المغرب وجهاته، يتعين على المغرب أن يجد حلولا للنمو الديمغرافي القوي الذي تشهده أقطابه الحضرية الكبرى مثل الدار البيضاء ومراكش وأكادير. إن ضمان وصول الماء الصالح للشرب إلى الصنابير وبجودة عالية ، ومحاربة جميع مصادر هدر المياه الصالحة للشرب يعتبر تحديا لكل المتدخلين في مسلسل إنتاج الماء وتوزيعه. ولكن ، حتى نتمكن من ترشيد استهلاكنا لهذا المورد الثمين، يبدو أن الأهم هو تحسيس المستهلك بأهمية اقتصاد الماء ، وجعله ينخرط بنشاط وحيوية في هذا الأمر، سواء كان هذا المستهلك فردا ، أو جماعة محلية ، او فلاحا ، أو مقاولة صناعية. فمسألة الماء يجب إدماجها في كل الجوانب المرتبطة بالتنمية السوسيو-اقتصادية ، ويجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من النقاش العمومي مع اعتماد سياسة تربوية تكوينية للمواطن من الاولي الى العالي من قبل القطاعات الحكومية المكلفة بمنظومة التربية و التكوين .
و رغم ان المغرب اليوم يتوفر على ما يقارب 140 سدا كبيرا يسع لما يناهز 18 مليار متر مكعب كما يتوفر على الالاف من الابار و الاثقاب لتعبئة المياه الجوفية كما ان امملكة المغربية توفقت في اكتساب خبرات بجودة عالية لاساتذة باحثين و خبراء مختصين و مهندسين و تقنيين تمكنوا من التحكم في الموارد المائية بانشاء خزانات كبرى للمياه فان الاجماع الوطني حاصل على ان موضوع الموارد المائية و الطاقات المتجددة و التنمية المستديمة المرجوة قضايا تهم حياة المواطنات و المواطنين اجتماعيا و اقتصاديا و الأمن المائي و الامن الغدائي متلازمان و ضروريان لكل تنمية مستديمة فالماء ضروري في الفلاحة حتى نضمن الامن الغدائي علما ان القطاع الفلاحي يستهلك ما يقارب 85 في المئة من حجم موارد المغرب المائية و و يظل اقل من 20 في المئة يسخر للصناعات و السياحة و الحياة الاسرية .
لكل ما ذكر و ما لم يذكر فالمطلوب اليوم أكثر من اي وقت مضى بكل مسؤولية ووطنية صادقة اعادة النظر في مقتضيات المخطط الاخضر و الحد بكل الوسائل المشروعة من كل مظاهر التبذير و الاستهلاك المبالغ فيه و غير الرشيد للموارد المائية و محاربة كل مظاهر التلوث مع التشبت بسياسة بناء السدود الكبرى و المتوسطة و الصغرى ضمانا لعدالة مجالية تساهم في تحقيق الامن الغدائي .
وستتم خلال الندوة مناقشة قضايا الماء و الطاقات المتجددة الخطة الوطنية المعتمدة من أجل التوفير المستديم للماء والتزود به ، من خلال المحاور المتعلقة بتكييف الموارد المائية مع التغيرات المناخية، و الماء والصناعة، والماء والطاقة والأمن الغذائي، وتحلية مياه البحر: تبادل تجارب، والانعكاسات الاقتصادية و الاجتماعية، مع الأخذ بالاعتبار مجموع الإشكالات التي تواجه القائمين على الميدان في هذا المجال ، والاقتراحات التي تقدم من أجل كسب الرهان.