الغلوسي: « وزير العدل يعلن حالة الاستثناء ويمنح حصانة للفساد »

أثار تصريح وزير العدل أمام لجنة العدل والتشريع جدلاً واسعاً، حيث اعتبر العديد من المتابعين أنه يشكل تراجعاً عن المبادئ الدستورية المتعلقة بفصل السلط وتعزيز الديمقراطية التشاركية. وقد وصف الحقوقي محمد الغلوسي في تدوينة له الخطوة بأنها « إعلان عن حالة استثناء وتعليق لأحكام الدستور »، في إشارة إلى توجه الوزير نحو منع المجتمع المدني والجمعيات من التبليغ عن جرائم الفساد، مع تكبيل النيابة العامة في تحريك المتابعات ضد المشتبه في تورطهم في قضايا المال العام.
ووفقاً للغلوسي، فإن تصريحات وزير العدل تعكس توجهاً نحو منح « الامتياز القضائي » لرؤساء الجماعات الترابية، وهو ما اعتبره محاولة لإعادة « هيبة » العمل السياسي، لكنها، في المقابل، تضرب في العمق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كما ينص عليه الدستور المغربي.
ويؤكد الدستور في فصوله المختلفة، لا سيما الفصول 70، 71، 12، 13، 14 و15، على دور البرلمان في التشريع ومراقبة عمل الحكومة، إضافة إلى إشراك المجتمع المدني والجمعيات في إعداد وتقييم القرارات العمومية. إلا أن الغلوسي يرى أن الحكومة، عبر وزير العدل، تسعى إلى تقويض هذا الدور، ومصادرة إرادة الأمة من خلال تحويل البرلمان إلى مجرد « غرفة تسجيل » للقرارات عوض أن يكون سلطة مستقلة تعبر عن إرادة المواطنين.
كما انتقد الحقوقي ما اعتبره « تحالفاً بين الحكومة ولوبيات الفساد »، متهماً إياها بمحاولة حماية المستفيدين من الامتيازات غير المشروعة، والذين يشملون شخصيات يواجهون تهماً خطيرة مثل تبييض الأموال، الاتجار في المخدرات، واختلاس المال العام.
وفي ظل هذا الوضع، يرى الغلوسي أن استمرار الحكومة في « الدوس على الدستور والقانون »، إلى جانب ارتفاع موجة الغلاء والاحتكار، قد يؤدي إلى تعميق مشاعر الغضب والاحتقان في البلاد. واعتبر أن هذه السياسات قد تشكل تهديداً للأمن والاستقرار الاجتماعي، داعياً إلى مراجعة جذرية لهذا النهج بما ينسجم مع روح دستور 2011 والمكتسبات الحقوقية التي راكمها المغرب خلال العقود الأخيرة.