
في الوقت الذي تروج فيه السلطات المحلية لبرنامج “مراكش الحاضرة المتجددة”، وتُرفع فيه الشعارات حول تنمية المدينة وتحديث بنياتها، تتكشف يوما بعد يوم فضائح مرتبطة بالاستغلال غير المشروع لأملاك الدولة. محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، كشف خلال ندوة صحفية عقدت يوم الأربعاء 16 يوليوز، عن معطى خطير يتعلق بتفويت عقار عمومي بمساحة 3744 متر مربع بمنطقة باب اغلي، لفائدة مصحة خاصة معروفة بالمدينة، في ظروف تطرح أكثر من علامة استفهام.
العقار المذكور، التابع لأملاك الدولة، جرى تفويته في البداية وفق دفتر تحملات واضح، ينص على إنشاء مركز للأبحاث في أمراض القلب والشرايين، بالإضافة إلى مدرسة لتكوين الممرضين، باستثمار مالي يناهز 35 مليون درهم، وبأجال محددة. غير أن المفاجأة الكبرى، بحسب الغلوسي، هي لجوء المستثمرين إلى الحصول على قرار آخر صادر عن لجنة الاستثناءات التي كان يترأسها والي سابق، يقضي بتحويل المشروع إلى توسعة للمصحة، مما يعني تغيير الغرض الأصلي من الاستثمار وتحويله إلى مشروع تجاري ربحي، بعيدا عن الأهداف الاجتماعية أو الصحية التي تم التسويق لها في البداية.
الأخطر من ذلك، حسب ذات المصدر، أن هذا الملف لم يكن ضمن الأبحاث القضائية السابقة المتعلقة بتبديد أملاك الدولة أو المضاربة في العقار العمومي، ما يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الجهات المختصة ستتحرك لفتح تحقيق تكميلي ومعمق بشأن هذا التحايل المقنن على أملاك الدولة، تحت غطاء الاستثمار.
الغضب الشعبي يتزايد في مدينة مراكش، حيث يرى المواطنون أن المال العام بات يُوزع بالوثائق الرسمية والمحاضر، وأن المشاريع التنموية المعلنة ليست سوى واجهة لتبرير صفقات مشبوهة. وفي الوقت الذي تُعلن فيه الجماعة عن مشاريع تبليط الشوارع وإنشاء الأنفاق، تستمر عمليات التوزيع المجاني للعقارات العمومية لفائدة جهات نافذة، دون حسيب أو رقيب.
الغلوسي ختم مداخلته برسالة واضحة مفادها أن من يفضح الفساد يتهم بالتشهير، بينما الفاسدون يراكمون الثروة ويستفيدون من الحماية، مطالبا بمحاسبة المتورطين وتفعيل دور القضاء لحماية المال العام ووضع حد لهذا النوع من التلاعب الذي يمس بصورة المؤسسات ويقوض ثقة المواطنين.




