
استفحلت ظواهر كثيرة منافية للقيم التربوية ومخالفة للقانون في المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية في مراكش تبث محاكم المدينة في بعض ملفاتها، ونظرت فيها لجن أوفدتها الأجهزة الوصية عن القطاع إلى المؤسسات التعليمية المعنية للتحقيق والبحث والتقصي.
وفي ظل الصمت المطبق لمصالح وزارة التربية الوطنية إقليميا وجهويا والتكتم الشديد على تقارير اللجن المتخصصة، ما تزال تتناسل ظواهر التحرش في حق التلميذات القاصرات والنساء العاملات في قطاع التعليم وكذا الشطط والمسؤولية التقصيرية والابتزاز وخيانة الأمانة والعنف المدرسي وغيرها…
وتنظر محاكم مراكش في عدد من الملفات التي يمثل فيها نساء ورجال التعليم كطرفي ادعاء في قضايا وقفت الإدارة الوصية إزاءها موقف الحياد، متحللة من التزاماتها تجاه أعوانها المتابعين أو المتهمين أو المشتكين بسبب من المسؤولية المهنية في إطار الوظيفة العمومية.
ويوجد من بين هؤلاء مدراء مؤسسات تعليمية وأطر إدارية وأساتذة ومعلمون وموظفون مسؤولون بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش-أسفي، يواجهون تهما أمام القضاء إما بالتحرش الجنسي أو بالتشهير وإما بالقتل الخطإ غير العمد والسياقة في حال سكر طافح وإما بأمور أخرى موثقة في صكوك الاتهام القضائي والإداري، وأكثرهم يمارسون وظائفهم دونما لجوء من جانب الإدارة إلى المساطر لإعمال القانون الأساسي للوظيفة العمومية لاسيما الفصول منه المتعلقة بالتأديب.
فأمام شكايات التحرش الجنسي التي انتهت إلى مكاتب المسؤولين الإقليميين هذا الموسم، أربع منها في حق تلميذات بالمستويات التأهيلية والابتدائية في مراكش، وواحدة منهن معروضة أمام القضاء تَهُمُّ نازلةً بثانوية مولاي رشيد، اكتفت في شأنها المديرية الإقليمية بالاستماع إلى أطراف الشكاية والشهود المدعوين هذا الأسبوع للمثول في جلسة الحكم فيما تقرير اللجنة الإقليمية لم يفصح عن مضمونه الذي إن برأ المشتكى به وهو إطار إداري فالمديرية مطالبة بالتنصيب طرفا مدنيا دفاعا عن العون، وأما إذا ما ثبت في حقه شيء مما تم ادعاؤه فأحق وأجدر توقيفه مؤقتا عن العمل بمقتضى الفصل 73 في بابه الأول من القانون المشار إليه أعلاه.
وجراء الحياد السلبي للمديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية في مراكش والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في جهة مراكش-أسفي، يواجه موظفون وأعوان عاملون تحت إمرة الإدارتين مصائر المتابعات القضائية والآثار القانونية للأحكام الصادرة على مسيرهم الإداري وحياتهم المهنية ووضعهم الاعتباري.
فحتى لاتكون زيارات اللجن لمواقع الشكايات والتظلمات والعسف والعنف مجرد إجراءات شكلية، فالضرورة تدعو إلى التحري والتقصي باللجوء إلى الآليات القانونية والمسطرية والاستعانة في التحقيق بكل وسائل التدقيق والبحث والتمحيص ثم صياغة التقرير الذي تتحمل فيه الإدارة كامل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لتكون خصما من موقف الدفاع عن مصالح المرفق العام في مواجهة العون المخل بالتزاماته المهنية أو المرتكب لجنحة تمس بالحق العام؛ وإما أنها تكون إلى جانب العون ضد كل ادعاء بالافتراء والاتهام بالباطل حماية لسمعة المرفق العام والمؤسسة التربوية وذلك في إطار القانون.
وإن كثيرا من الآليات الموصى بها في قطاع التربية الوطنية للحد من سوء الأخلاق ومن الشطط والعنف والشقاق…هي معطلة في المؤسسات التعليمية ومنها مراكز الاستماع والوساطة التربوية التي تشتغل دون توجيه وفي غياب التوثيق لتدخلاتها والمصاحبة والمواكبة للمستمع إليهم، بل إن الاستماع في حد ذاته أصبح وسيلة للتخويف والترهيب يدفع المعنيين به من الضحايا في الأوساط التلمذية إلى الهدر أو إلى تغيير المؤسسات التعليمية.
ولا تكون لجن التحقيق في كثير من مهماتها موفقة في ما تم انتداب أعضائها لأجله حين تتوجه لسلك مساطر الصلح وتأخذهم بالزملاء الرحمة والرأفة ويفوت اللجن حماية حقوق الغير من التلامذة وأسرهم الذين يضطرون في المواقف غير المنصفة الى طلب الاعدالة والإنصاف في المحاكم.
وبقدر ما يكون التوقيف المؤقت عن العمل مؤلما ويكون التحري وكشف الحقائق مرا، فهو أهون من مصير التعليم والتربية والتكوين في بلادنا وبالأخص في جهة مراكش -أسفي التي تؤول فيه المؤسسات التعليمية إلى واقع من المَشاهد لمآسي تدمي القلب وتفقأ العين.
فهل لمسؤول جرأة فضح المستور وكشف الحقائق بسبب كل هذا المشهود عيانا والذي تتناقله الأسماع وبلغ منه قليل لأروقة المحاكم ويروج أمام القضاء!!!







