غداة الدورة ال27 للمعرض الدولي للكتاب والنشر وفي حوار لمراكش الإخبارية، الطالبي يدعو إلى تحفيز الفاعلين الاقتصاديين على الاستثمار في سوق النشر بمعادلة رابح– رابح
4187 مشاهدة
في حوار قصير مع الزميل عبد الواحد الطالبي عضو هيئة تحرير الموقع الاخباري (مراكش 7) بمناسبة نشر الكتاب الذي أصدره نهاية العام الماضي تحت عنوان « ساحة جامع الفنا تتحدث عن نفسها » وخصص ريع طبعته الأولى لفائدة شيوخ حلقة هذه الساحة المصنفة تراثا شفهيا للإنسانية من قبل اليونسكو، وغداة المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي اختتم فعاليات دورته ال27 الأحد الماضي في الرباط، يدعو الطالبي إلى كسر احتكار الإعلام لسوق الإشهار والإعلانات بتحفيز الفاعلين الاقتصاديين على الاستثمار في مجال الثقافة والإبداع بجعلهم في دائرة رابح -رابح.
وأكد في هذا الحوار الذي أجرته معه (مراكش الإخبارية) ان الكتاب والمؤلفين الذي يتحملون تكاليف النشر من مواردهم الذاتية والتي لا يعوضهم عنها لا توزيع المنشورات ولا سوق النشر، لا يمكنهم دعم المبادرات التضامنية ولا جعل الكتاب في خدمة الفئات التي تشكو الهشاشة وبالتالي المساهمة في التنمية الثقافية دونما دعم الدولة والفاعلين الاقتصاديين والشركاء المفترضين للمشروع التتموي الجديد.
كيف يمكنكم تقديم كتابكم « جامع الفنا تتحدث عن نفسها » إلى جمهور القراء والمهتمين الذين ما يزالون لم ؤطلعوا على مضمونه؟
كتاب « ساحة جامع الفنا تتحدث عن نفسها » في أصله سلسلة حوارات مع شيوخ الحلقة وتراث ساحة جامع الفنا، أجريتها ونشرتها في جريدة العلم سنة 2001 وأعدت صياغتها بأسلوب سردي مشوق ثم ضممتها في كتاب طبعته نهاية العام الماضي وخصصت ريع الطبعة الأولى لفائدة (الحلايقية) في ساحة جامع الفنا تضامنا معهم في ظروف الجائحة التي منعت الحلقة ومنعت الساحة عن روادها وزوارها احترازا وقائيا من تفشي فيروس كوفيد-19.
الكتاب صدر عن المطبعة الوطنية في مراكش ب280 صفحة من القطع المتوسط بين دفتين صمم غلافهما الفنان الخطاط محمد أبا عبيدة، والكتاب يشمل 28 حوارا معززا بصور توثيقية عبارة عن سرد سيري لتجارب مختلفة مثيرة من حياة أشخاص يقدمون الفرجة والمتعة والطعام والخدمات وأيضا شتى الفنون في ساحة جامع الفنا ودونهم فإن الساحة بلا قيمة.
والكتاب يصلح أرضية للبحث في التراث الشفهي لساحة جامع الفنا وتأريخ فرجتها منذ أربعينيات القرن الماضي كما أنه يكشف الحجب عن الحياة الخاصة لصناع الفرجة في الساحة الذين يهدون السعادة من جراح واقعهم ومن آلام معاناتهم مع الفقر ومع الأحلام المسروقة.
كتاب « ساحة جامع الفنا تتحدث عن نفسها » ليس هو وفقط سرداً سيريا لشيوخ الحلقة وصناع الفرجة ولكن، صوت دافئ عميق متلجلج بمشاعر مضطربة من نفس شفيفة لروح طيبة تصيح بابتسام من تحت أنقاض القبور.
لماذا اخترتم هذا العنوان للكتاب؟
إن كل الذين تناولوا ساحة جامع الفنا بما تم نشره الى الآن استغنوا بالبعض عن الكل وانتحوا ركنا من الساحة وفصلوا فيه تفصيلا من زاوية نظر خاصة إما بحثية أو توثيقية أو تأريخية أو فرجوية سردية، وجهودهم كلها مشكورة محمودة، غير أن هذا الكتاب سباق للنشر السيَري لحياة أعمدة الساحة ورواد الحلقة بألسنتهم وتقديم ساحة جامع الفنا في واقعها كما لا يمكن تزييفه في أية صورة.
وسيجد القارئ أن الكاتب تصرف في حدود ما تسمح به تدخلاته لتوجيه الحوار أو لتقديم الشخصية كما رآها وأحسس بها وتفاعل معها في وقت إجراء الحوار ضمن شروط وسياقات مكانية وزمانية وانفعالية وتأطير ذلك تحت عنوان كبير ثم تراجع ليترك ساحة جامع الفنا تتحدث عن نفسها.
ولهذا اخترت العنوان للكتاب لأني نأيت قدر ما استطعت وتركت لكل أحد من شيوخ الحلقة وتراث ساحة جامع الفنا الذين استمعت إليهم، أن يتحدث بقليل أوكثير عن الساحة بما هي عليه دون تجميل وبلا مساحيق.
وقد لا يكون مستوى التعبير الشفوي العفوي لشيوخ الحلقة وتراث ساحة جامع الفنا الذين تحدثوا إلي، على قدر مستوى لغة الكتابة ولكن، الغاية بررت الوسيلة أن يصل صدى الأصوات المبحوحة لساحة جامع الفنا أقاصي قراء العربية الفصيحة حتى وإن لم يتح لكثير ممن تجمعت أصواتهم طي الكتاب إدراك إصداره سنة 2021 إذ أسرعت إليهم الموت قبل موعد النشر.
وإن الغاية في جملة واحدة هي إفساح النشر أمام ساحة جامع الفنا لتتحدث عن نفسها
لماذا انتظرتم عقدين من الزمن لنشر الكتاب في ظروف الجائحة وفي فترة فرض حالة الطوارئ الصحية بالمغرب؟
فعلا، أتى إصدار هذا الكتاب الذي أصنفه إنتاجا إعلاميا، بتزامن مع ظروف الجائحة والأزمة من تداعيات الحجر الصحي المفروض الذي منَعَ ساحةَ جامع الفنا من روادها وجمهورها، ويكاد بنيانُها على مدى سنة ونصف يتداعى بلا أعمدتها الذين هم شيوخ الحلقة؛ ومَنَع الحلايقية من مورد رزقهم بلا معيل وبلا عون يواجهون واقعا مفروضا فيهِ الموتُ بكورونا أرحمُ من الموت جوعاً تحت الحَجْر
ووجدت لدي صدى، الأصواتُ المبحوحةُ لحناجرِ شيوخ الحلقة تستغيثُ، فاستنجدت بالكتاب الذي أجعل طبعته الأولى هِبَةً لساحة جامع الفنا وشيوخ الحلقة فيها عل ريعها من توزيع الكتاب يخفف شيئا من عبء الحياة التي تنوء بكلكلها أكثر قساوة وأشد عنَتاً على هذه الفئة في الأيام العادية بلْهَ في ظروف الجائحة.
كان شهران كافيان اشتغلت فيهما بالدوام خلال فترة الحجر للصياغة والتوضيب والترتيب وتجميع الوثائق والحوارات.
ففي الأزمات تعرف معادن الناس وفي المحن تختبر المواقف ويكون للتضامن معنى إنساني ومدلول واقعي.
هل ترون أن الكتاب والنشر بعامة يمكن ان يسهم في التنمية بالكيفية التي تقترحونها من خلال مبادرتكم التضامنية مع شيوخ حلقة ساحة جامع الفنا؟
يقودنا سؤالك إلى إشكال السياسة الثقافية ودورها في التنمية والأجدر بهذا السؤال أن نجد الجواب عنه في البرامج السياسية التي تتقدم بها الأحزاب إلى الناخبين.
إن الثقافة تعتمد على النشر بكل الوسائل المتاحة مقروءة ومسموعة ومرئية، والمقروء هو أساس المعرفة التي تتقدم بها الأمم. ومن دون دعم لقطاع النشر سواء من الدولة او من الفاعلين الاقتصاديين سيظل المقروء في الظل محدودا في دائرة ضيقة يتحمل الكتاب والمؤلفون تكاليف النشر داخلها بمواردهم الذاتية التي لا يعوضهم عنها لا توزيع المنشورات ولا سوق النشر.
وبالنسبة لكتاب « ساحة جامع الفنا تتحدث عن نفسها » فإن طباعته تكلف بها وتحملها ماديا الدكتور مولاي أحمد العمراني ومؤسسته الأكاديمية المدرسة العليا للدراسات الاقتصادية والتجارية والهندسة HEEC وذلك في إطار دعم تضامني مع مبادرة جعل الكتاب في خدمة الفئات الأكثر هشاشة والتبرع بريع طبعته الأولى لفائدة شيوخ الحلقة وتراث ساحة جامع الفنا في ظروف الجائحة.
من خلال تجربتكم كيف تنصحون المقبلين على النشر لاسيما الشباب لتجاوز حاجز التكاليف ليكون الكتاب في خدمة التنمية وداعما للتضامن مع الفئات الهشة؟
ليس من نصيحة تقدم سواء للشباب او لليافعين في هذا المجال أكثر من الصبر والإرادة. إن الكتاب اليوم مدعوون إلى التعبئة لجعل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ينخرطون في مجال الثقافة والإبداع بالقوة الاقتراحية في جعلهم ضمن دائرة رابح-رابح.
فالكتاب والنشر عموما في مجال الثقافة والفكر والابداع يجب أن يلج سوق الإشهار والاحتضان حتى لا يبقى هذا السوق حكرا على المجلات والجرائد والمواقع الاخبارية في قطاع الإعلام.
والشباب المبدع والمثقف مطالب بالتواصل المستمر مع الفاعلين الذين ما يزالون يعتبرون سوق النشر كاسدا والثقافة قطاعا مفلسا لإقناعهم من أجل الاستثمار فيه وتشجيعه والدفع به لتحقيق التنمية من خلاله