فيديو : دوار المعصرة بالمحاميد 15 سنة من التهميش والإقصاء
2914 مشاهدة
فجأة تتوجع امرأة حامل؛ أو يختنق طفل صغير جراء روائح الصرف الصحي المفتوح وسط مساكن أهل « دوار المعصرة المتواجد بأسكجور بحي المحاميد بتراب مقاطعة المنارة، تتم المناداة على رجال الإسعاف؛ بعد حضورهم لا يجدون إلى داخل الدوار سبيلا، بسبب ضيق الأزقة أو خوفا من أن تسقط سيارة الإسعاف في حفرة من مجاري الصرف الصحي المهترئة، ذالكم هذا جزء من معاناة ساكنة دور المعصرة والذي رصدته جريدة مراكش الإخبارية عن كتب من خلال التقرير التالي:
قطار فك العزلة المتوقف ل 15 سنة.
لا يمكن أن تمر عبر الشارع المجاور لدوار » حاحة المعصرة » المحاط بالبنايات الشاهقة والإقامة الفاخرة إلا ويلفت نظرك سرب من المنازل عبارة عن مقطورات من طين وقش يشد بعضها بعض، مرسوم في مقدمتها واجهة قطار متوقف.
عندما سألنا سكان الحي عن ذلك كان الجواب لقد توقف عندنا قطار التنمية ومعه قطار الحياة والعيش الكريم منذ 15 سنة، أي مع انطلاق المشروع الملكي « مدن بدون صفيح » ونحن ننتظر الدور ونكابد المعاناة ولا من يستجيب، وبهذا الخصوص عبر احد الفاعلين الجمعويين عن واقع ما يعيشونه قائلا: « عنوان الحياة بهذا الدوار هي الإهمال والتهميش والعزلة والمعاناة اليومية ».
بين الطمس الطبوغرافي والاعتراف القانوني
« دوار مدفون » هكذا عبر أحد سكان الدوار بلكنة مراكشية، مردفا بعد أكثر من 40 سنة من الاستقرار بهذا المكان اكتشفنا أخيرا أننا غير موجودين على الخريطة وأن الدوار لا يتوفر على مسح طبوغرافي، وأن أكثر من 50 منزلا ليست إلا طريق رقم 15 المؤدية لشارع النخيل » ما هذا الاحتقار والهوان » حسب تعبيره، ورغم أن السلطات المعنية أعادت المسح الطبوغرافي للدوار من أجل إدراجه ضمن خانة أملاك الدولة، وهذا بحد ذاته بداية لمعاناة أخرى متعلقة بالتعويض والحصول على مسكن كريم.
ونحن نتجول وسط الدوار ونكتشف المكان ومعاناة الساكنة خرجت أمرآة تحمل شكواها، محملة بعبئ ثقيل من الهموم والمآسي » نحن لا نتوفر على شوهد إدارية حتى ابنتي التي حصلت على شهادة البكالوريا هذه السنة لم أحصل لها على شهادة السكن إلا بعد جهد جهيد وكد وسعاية… وكلما طلبت شهادة السكن يكون الجواب من أنتم ؟ أنتم غير موجودين في البيانات الخاصة بهذا المجال الجغرافي، مردفة: « ألسنا أبناء هذا الوطن؟
حياة بدون ماء ولا صرف صحى
حوالي 47 أسرة المنتمية لدوار « المعصرة الشاريج » لا تتوفر على مياه صالحة للشرب منذ شهر يناير2021، بل لا تتوفر على شبكة الربط بالماء الصالح لشرب ولا على حتى سقاية عمومية لتخفيف المعاناة… »نحن في القرن 21 ولازلنا نطالب الربط بالماء الشروب ونتوسل عدم انقطاع الكهرباء في كل وقت وحين… عيب وعار أن يُسمع هذا » كما جاء على لسان إحدى فتيات الدوار، مردفة: « لولا رحمة بعض المحسنين لا تم اعتبارنا منطقة منكوبة تعاني نذرة المياه، فالدوار بأكمله يتوفر على صنبور وحيد بصبيب ضعيف جدا دائم الانقطاع…بل منا من يحمل أثقاله ويتوجه صوب بعض الأحياء المجاورة لطلب الماء على استحياء وخجل وحرج… إلى متى ستستمر هذه المعاناة؟
وعلى أعتاب احد المنازل وجدنا أمرة تجاوزت الستين تنتظرنا بفارغ الصبر واضعة يدها على خدها، توجهت نحونا مباشرة قائلة:هذا منزلي على وشك أن يتهدم بفعل كثرة الحفر الموجودة داخل الدور التي نصرف من خلالها النفايات المنزلية، وغالبا ما تفيض النفايات داخل المنازل، لكم أن تنظروا هذا ابني في الفراش يعاني الربو والحساسية بفعل الروائح المنبعثة من هناك مشيرة لمجرى وسط الدوار، مضيفة « نريد حل لا وعدا ».
عندما تنتهك عورات البيوت
ما أشقى أن تعيش بشكل يومي فاقدا للامان وأنت تراقب السماء رافعا رأسك إلى النوافذ في كل وقت وحين خوفا من أن يطلع أحد على عورتك وأنت بين أبنائك داخل حرمة منزلك » تقسم إحدى السيدات من سكان الحي مستطردة: لا انزع جلبابي طول اليوم ولسنوات طويلة هكذا أعيش، مضيفة « عندما يسقط غطاء رأسي أجول ببصري بين النوافذ وأسطح العمارات المطلة علينا.. متسائلة لماذا أغلب الداوير المجاورة لنا تم تعويضها إلا نحن « ..؟ نريد الإصلاح نريد أن نكون مثل جميع البشر ».
« يريدون أصواتنا بدون حل مشاكلنا »
تقول سيدة من أهل الدور « لا نريد من أحد يحمل إلينا وعوده الانتخابية الكاذبة وأن يزورنا و يقف عند أعتاب منازلنا يطلب ودنا لقد جربنا الجميع ولا أحد وقف عند وعده وعهده »..الأمر الذي جعل طاقم الجريدة يبادر إلى السؤال حول من يمثل الدائرة لانتخابية التي ينتمي إليها الدوار،
فكانت معظم الأجوبة » لا نعلم » لعلها سيدة تنتمي إلى حزب كذا أو كذا… جل سكان الدوار لا يعرفون من يمثلهم على مستوى الدائرة الانتخابية التابعة لمقاطعة المنارة، وهو ما يدل على حجم القطيعة الموجودة بين المواطن و بعض المنتخبين » والتي يصدق عليهم وصف » الكائنات الانتخابية » حسب تعبير أحد شباب الدوار.
و حسب تعبير الساكنة فسلوك المنتخبين يتكرر في كل موسم انتخابي، « فلا يتم التواصل معنا إلا عندما يقرب موعد التصويت ليتم تقديم الوعود ورمى الورود، لكن الحال كما هو منذ سنوات.. » يضيف متحدثون بحيرة.
ونحن في حديث حول الساسة والسياسة، ظهر إلى الواجهة رجل شارف على التسعين سنة أو تجاوزها ، يحمل أوراقا في يده الى جانب عكازه ـــ إنها أوراق أول اقتراع انتخابي إلى أخر اقتراع سنة 2015ــــــ قائلا: » منذ أول انتخابات بعد حصول المغرب على الاستقلال وأنا أصوت إلى اليوم وكان الأمل في كل مرة أن يتغير وضع هذا الدوار لكن عمري الآن شارف على الانقضاء دون أن أرى معاناو أهلي وسكان حي تنتهي.. كان بوحا تعتصره الحسرة والأسف.
قاطرة تنمية دوار المعصرة المعطلة مسؤولية من؟
32 مليار درهم هي القيمة المالية التي رصدت سنة 2004 لبرنامج مدن بدون صفيح وكان الرهان هو القضاء على السكن العشوائي في متم سنة 2020.
« دوار المعصرة اسكجور حي المحاميد » من الدلائل الصارخة على تعثر البرنامج، وبهذا الخصوص طرح مجموعة من المواطنين بذات الدوار السؤال عن السبب وراء تأخر استفادتهم من البرنامج رغم الجهود المبذولة والأموال التي صرفت والوعود التي قدمت، إذ كشفت إحصاءات برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لسنة 2015 أن المغرب حل في الرتبة الأولى عالميا في مجال محاربة مدن الصفيح.
وفي ذات الشأن يذهب مجموعة من المراقبين أن أسباب التعثر يرجع إلى التلاعبات التي شابت إحصاء المستفيدين من هذا البرنامج، وتناسل الأسر القاطنة بهذه الإحياء.
وكما عبر سكان الدوار المذكور فإن من الأسباب كذلك هو غياب الإرادة السياسية للفاعل المحلى بمختلف تشكيلاته وتلوينه، وهو ما عبر عنه احد سكان الدوار بالقول « نحتاج مسؤولا غيورا على الوطن ».