هل يلتقط حزب الاستقلال الإشارة؟طموح سقفه السماء لشباط والزحف متواصل نحو باب الحد
2632 مشاهدة
ما تزال الرسالة المشفرة لحزب الاستقلال التي بعثت بها اللجنة التنفيذية من خلال قرارها بشأن حراك الفاسيين خلف حميد شباط الأمين العام السابق، تلقى الإهمال وعدم التجاوب مادام الحراك مستمرا ومن خلاله نجم شباط يسطع أكثر.
ولم يثن قرار تجميد الفروع والتنظيمات المحلية والإقليمية في العاصمة العلمية وما صاحب ذلك من تجميد عضويات، استقلاليي فاس من الالتفاف من حول عمدة المدينة السابق الذي يقود حملة واسعة مكتفة بتعبئة شاملة مدعومة يتجاوز طموحها استرداد وفقط مقعد رئاسة مجلس المدينة.
وتنبهت قيادة حزب الاستقلال إلى ما يحيط تحرك أمينها العام السابق في ما يشبه الظروف التي أحاطت بحملة ترشحه لخلافة عباس الفاسي خلال المؤتمر العام ال16 الذي هزم فيه شباط ديمقراطيا غريمه عبد الواحد الفاسي نجل الزعيم مؤسس الحزب ومن خلفه جيش الصقور والحمائم.
وأسرعت اللجنة التنفيذية في إجماع غير مسبوق بإصدار بيان أعلنت فيه حل جميع الفروع بفاس ووضع ترشيحات « الميزان » في هذه المدينة بيد نزار بركة الأمين العام وقيادته، بمبرر لم يقنع سوى بادئي الرأي ممن لم يخبروا جيدا شؤون تدبير حزب الاستقلال في علاقته بالحكم وبالنظام.
إن حميد شباط الذي ارتقى في حزب الاستقلال خلال عقدين فقط مراقي لم يجمع زعامتها بيد واحدة من قبله سابق وربما لن يجمعها لاحق، لم يتأت له ذلك بقوة الدفع الذاتي فحسب لا نضالا ولا فطنة ولا كفاءة أو إراثة…وإنما قادته ظروف الأمس وما أشبهها بظروف اليوم وليس بضربة حظ ليتزعم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الدراع النقابي لحزب الاستقلال ثم الأمانة العامة لهذا الحزب التي ترجع المشورة في ولايته للمرشد قبل التصويت في المؤتمر او في الهيئة التقريرية…
وكان السقوط على قدر سرعة الصعود، وتلك ميزة تحسب في السياسة لرجال المواقف في المعارك الحاسمة التي يُدعَون إليها متى ما كانت الحاجة ماسة إلى تدارك الزمن عند فترة الانتقال من مرحلة التفكير في أمر إلى مرحلة تنفيذه.
والمغرب حاضرا في مفترق طرق، يحتاج للرجال أكثر من الأفكار لبلوغ منتهى المحطة في الآجال الدنيا دون خطو التؤدة الذي أثبتت تجارب العقد الأخير بطؤها في حسم النتائج بالأهداف المرسومة في مخطط التوازنات السياسية والتنموية والاستراتيجية داخليا وخارجيا وإن اقتضت الأحوال الضرب واللكم ولكن بقفازات ناعمة.
فليس كاف النظرية والخطب والبيانات ونضال الوسائط الالكترونية وبعض التشريع، لكسب التحدي في التخلص من العنكبوت التي خاطت نسيجها كالكفن على أنموذج سياسي حزبي في بلادنا تحنط بالخطاب غير القابل ان يكون ممارسة واقعية.
ولذلك يحتاج المغرب إلى سياسة القرب وإلى نضال القرب وإلى تنمية القرب التي ينشدها النموذج التنموي الجديد وتنادي بها السلطة العليا في البلاد ويطالب بها الشعب وهي غاية الممارسة الديمقراطية الحق بالتواصل الدائم مع المواطنين والإنصات إليهم والإحساس بهمومهم وتقاسم المشاعر وإياهم في ما يسرهم وما يضرهم.
إن تجاهل رسالة حزب الاستقلال المشفرة بتعطيل كل دواليب الحزب في فاس مقدمة لحل نفسه أو امتعاضا واحتجاجا بالانسحاب من لعبة السياسة كما مارسها في إطار المكيافيللية، ينبئ بفصول مثيرة في ركح الفرجة الانتخابية ان على صعيد الانتخابات المحلية والتشريعية في مشهد أول وفي المشهد الثاني على صعيد قيادة حزب الاستقلال ثم رئاسة الحكومة في مشهد ثالث ولا شك أن أبطال المسرحية كلهم من لحم ودم أشخاص حقيقيون…
ولعل مواصلة حميد شباط لحملته التواصلية في فاس يلقي بوجهه للمواطنين ويصد عن قيادة الحزب وأمينه العام، فيه من دلالات الرد والجواب عن بيان اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وبلاغ رئيس منظمة شبيبته ما يكفي من الإشارات أن الأوامر صدرت لمواصلة الزحف الذي ربما لن يتوقف سوى من خلف أسوار باب الحد أو لمركز القرار الذي لا يتيح الدستور منحه لدى الحزب الأغلبي وبالضرور للأمين العام أو الرئيس أو الكاتب الأول.