محمد بنعبد السلام استثناء مغربي يقهر التوحد ويظفر بالدكتوراه في علم الأديان
3048 مشاهدة
لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس..مقولة تمثلها الشاب المغربي الألمعي محمد بنعبد السلام، ليحول طيف التوحد القاتم إلى أطياف مشرقة من أنوار الحياة ومباهجها، وليمنع الاضطراب القاسي من أن يغرقه في المآسي، فنبغ علميا وبرز أكاديميا، ومتع فنيا، وتوهج مجتمعيا، وأعطى مثالا للتحدي والأمل في زمن الاضطراب والألم.
تمكن محمد بنعبد السلام بعد مسار دراسي شاق فعلا من الظفر بأكبر الشهادات الأكاديمية، وحاز من كلية العلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط دكتوراه في الدراسات الإسلامية بأطروحة جامعية في موضوع « علم الأديان »، بميزة مشرف جدا مع تنويه الأساتذة يوم أمس الخميس 16 دجنبر، لتكون مدينته رباط الفتح شاهدة على فتح علمي مبين بعد رباط معرفي ومكابدة السنين، قهر فيه ابنها التوحد وزاد مجدها وتجدد.
محمد الاستثناء، الذي تجاوز الاضطراب، وأحرج بروحه المقاتلة مجتمعا بأكمله، ودولة بمؤسساتها، حيث روى والداه في مقابلات إعلامية سابقة كيف تنقلوا به في صباه بين المدارس الخاصة التي أبت أن تزيح عن عقله ظلمة الجهالة لأن طيف التوحد يحوم حوله، وكيف كان الطفل المتقد بالذكاء المحارب بسبب اختلافه بالسخافة والغباء، غريبا في وطنه، حتى تلقفته يدا مواطنة بلجيكية صاحبة مدرسة خاصة وقبلته تلميذا بها، ليتدرج رويدا في رحابها، قبل أن تضطر لصرفه بإيعاز من بني بلده، ولتستمر رحلة التنقل بين المدارس، ليستمر في الصبر والنضال حتى فاق أقرانه وتفوق على من رفضوه وحاولوا وأد مساره.
إن توهج محمد فرحة غامرة يحق لنا أن نسر بها في زمن الانكسارات، لكن لا يمكن أن تنسينا رحلته التي لولا جميل الأقدار ومقاتلته من أجل الحياة، ولولا جهاد والديه، لكان يجر خيباته على هامش الحياة، كما يحق لنا الفرح، يحق لنا التساؤل، عن جهود الدولة ومؤسساتها في مواكبة المختلفين بيننا، وعن حقهم في الحياة الكريمة في وطنهم، وحقهم في الظفر بخير ما تجود به أرواحهم وسواعدهم وطاقاتهم، وقودا للتنمية ولبنات في بناء مجد وطن يستحق كل جميل.