مبادرات مدنية للإحتفاء بالمتفوقين في الباكالوريا..تشجيع للتفوق في زمن التفاهة
1813 مشاهدة
مع الإعلان عن نتائج الباكالوريا والاحتفاء الوطني بالمتفوقين ممن حازوا أعلى المعدلات، تظهر كل سنة مجموعة من المبادرات التحفيزية من المجتمع المدني لتشجيع قيمة التفوق العلمي تتجاوز الاحتفاء الطقوسي إلى المبادرات الملموسة، وتتجاوز بعضها الطابع الفئوي لتنفتح على المجتمع، في محاولة لمدافعة سيادة التفاهة وصولات « نجوم البوز » وتصدر المعدلات العالية للمشاهدات لتحل محلها المعدلات العالية للمتفوقين في الدراسة.
نذكر في هذا الإطار البادرة التشجيعية التي قامت بها مدرسة لتعليم السياقة بمدينة آسفي بتكريم الحائز على أعلى معدل في الباكالوريا بإحدى الثانويات من خلال منحه الفرصة لاجتياز امتحان رخصة السياقة مجانا، وجاء في رسالة وجهتها « مؤسسة المطار لتعليم السياقة » إلى مدير إحدى الثانويات بهذا الخصوص أن الغرض هو « دعم وتحفيز المستوى التعليمي بالإقليم ».
وفي بادرة مدنية من بين الكثير التي تصب في منحى المنح الاجتماعية للمتفوقين أعلنت جمعية « الرائعة المغربية » عزمها التكفل بتلميذة حاصلة على الباكالوريا بتفوق ممن يعشن وضعية اجتماعية صعبة ومساعدتها على إتمام دراستها العليا.
وفي سؤال حول أثر هذه المبادرات من وجهة نظر نفسية أكد الدكتور أحمد الكرعاني أخصائي الطب النفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش في تصريح ل »مراكش الإخبارية » على أن « هذه المبادرات إيجابية جدا تجعل من يتابعها يتحفز للحصول في مناسبات أخرى على نفس التقدير والاحتفاء »، وقال د.الكرعاني في تصريحه أن « لهذه المبادرات أثر مهم جدا على التلاميذ المتفوقين وعلى أسرهم لعدة اعتبارات:
أولها: كونها جزاء او مكافأة على المجهود الذي قاموا به والذي لم يضع هباء، ونقطة البكالوريا وميزتها هي في حد ذاتها جزاء نفسي ينبني على أساس إعطاء التلميذ النقطة التي تتناسب مع المجهود الذي قام به، لذلك ما نسميه نحن بالنقطة له بعد نفسي وإدراكي مهم جدا؛ وهذا نفسه ينطبق على هذه المبادرات التي يحس التلميذ من خلالها على أن مجهوداته لم تضع هباء، وأنه كوفئ عنها.
ثانيا: كونها تحفيزا على تكرار نفس العمل، لأن المكافأة تعد تأكيدا إيجابيا على فعل معين، وهذه المسألة تحيلنا على المدرسة السلوكية ومفهوم « le conditionnement » أو « الإشراط »، وهو مكافأة شخص ما عندما يقوم بعمل معين قصد حثه على تكراره حتى يصبح فعلا تلقائيا، وكذلك يستوعب تلميذ الباكالوريا المتفوق المحتفى به بطريقة لا إرادية أنه يتعين عليه بذل نفس الجهد في مساره في التعليم العالي لينتج عنه مكافأة سواء مادية أو معنوية، فالهدية واحتضان الوالدين والقبلة والابتسامة تجعل الشخص يكرر الفعل والذي يعد في هذه الحالة هو الاجتهاد.
وثالث الاعتبارات كون التحفيز يدخل في إطار ما يسمى بالاعتراف الاجتماعي الذي يعد عنصرا بالغ الأهمية في التقدير الذاتي, فالشخص الذي يعيش في وسط يحظى فيه بالاحتضان والاعتراف والتقدير والتشجيع على ما هو إيجابي، يكون قادرا على تغذية تقديره لذاته ومحبته لذاته واحترامه لذاته ».