« رحلة ذهاب بدون إياب » ..سرد توثيقي يسترجع مأساة طرد مغاربة الجزائر
1963 مشاهدة
« رحلة ذهاب بدون إياب »، هكذا اختار محمد الشرفاوي تاريخ مأساة الطرد التعسفي لمغاربة الجزائر سنة 1975، جرح كبير لم يستطع الزمن أن يطوي مواجعه، كيف والسبيل إلى ذلك مستحيل والزمن يعيد احترامها بأشكال وشخوص أخرى.
ما طبع على ظهر الكتاب يشي بشيء من لهيب الوجع الذي يحمل الكاتب بين جنبيه، ويخرج زفرات تحرق الأوراق أمامه، وتحفر في جدار التاريخ مأساته، على ظهر الكتاب حديث عن عيسى وأترابه، حيث خط عنه الكاتب ما يلي « كان عيسى في العشرين من العمر حين تعرض للطرد، تحت تهديد البنادق، من أرض الجزائر التي حضنت ميلاده. عميقا كان الجرح، ولذا لم يندمل قط. فهل دافعه البحث عن الإفلات من التعاسة الغامرة إياه أم من الرغبة في الانتقام الملاحقة له؟ لا يرى عيسى غير منفذ وحيد لعدم الانهيار: الإباء. كأنه باب انغلق بعنف ونهائيا على عشرين سنة من الحياة ومحاها ».
أربعون سنة بعد ذلك ، سيتحقق عيسى من وجود شروخ في معمار حياة شيدها هو نفسه. للشروخ هذه اسم: التهجير؛ ولها تاريخ محدد : 28 دجنبر 1975. وهي تُحدث جلبا أصم يتذكره: الصرخة المكتومة لـ 45 ألف أسرة، لإخوان وأخوات بالدم وجدوا أنفسهم، مثله تماما، لاجئين بين ليلة وضحاها في مخيمات وجدة بالمغرب. إن قصة عيسى هي قصة محمد الشرفاوي ذاتها، وكذلك قصة آلاف الآخرين الذين عاشوا، على غراره، «المسيرة الكحلة» سنة 1975.
هكذا شاركنا محمد الشرفاوي مأساته ومأساتنا جميعا، متفننا في سرد ألم خلفه جرح طرد من مسقط رأسه وبلاد غادرها ولم تغادره، ليبحث الدكتور المهندس الذي يمارس منذ أكثر من ثلاثين سنة في تخصص البحث الصناعي حول الميكانيكا، السلوى بين دفتي كتاب، ولتتفاعل روح الفاعل الجمعوي في الحقل الاجتماعي ومجالي حقوق الإنسان ونقل التكنولوجيات مع ألمه بالحروف، وليجعل رئيس اللجنة الدولية لمساندة الأسر المغربية المطرودة من الجزائر في 1975 كتابا كضمادة فوق جرح عنيد.