ويأتي هذا اللقاء، الذي نظمته جامعة القاضي عياض بمراكش، في إطار استعداداتها للمناظرة الجهوية حول التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، المزمع تنظيمها، في شهر مارس المقبل، بتوجيهات من الوزارة الوصية، والتي ستشكل أرضية للتشاور وتبادل وتقاسم وجهات النظر، وتعبئة وتحفيز الذكاء الجماعي، من أجل إعادة التفكير في نموذج جديد للتعليم العالي، وترسيخ بعده الجهوي، استجابة لتطلعات وانتظارات مختلف الفاعلين بالجامعة والجهة.
ويندرج اللقاء، في إطار التعبئة العامة، التي أطلقتها هذه المؤسسة الجامعية، منذ منتصف شهر يناير، من خلال تنظيم لقاءات للتبادل والإنصات، ومجموعات التركيز، وكذا المشاورات مع مختلف الأطراف المشاركة داخل المنظومة الجامعية والفاعلين المؤسساتيين، والاقتصاديين والاجتماعيين التابعين لترابها، قصد الإنصات لهم واستقاء وجهات نظرهم.
وقال والي جهة مراكش-آسفي، عامل عمالة مراكش، كريم قسي لحلو، في كلمة بالمناسبة، إن اللقاء يأتي “في إطار التشاور والتحاور مع مختلف الفاعلين المحليين من أجل بسط تصوراتهم ومقترحاتهم حول الطرق والوسائل التي من شأنها النهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وذلك في أفق تنظيم المناظرة الجهوية حول التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خلال شهر مارس القادم”.
وأوضح قسي لحلو، في هذه الكلمة التي تلاها بالنيابة عنه الكاتب العام لعمالة مراكش، محمد كمالي، أن أهم الركائز الأساسية لأية تنمية اقتصادية واجتماعية “تمر حتما عبر مستوى التكوين بالجامعة وجودته، وقدرته على إنتاج خريجين مكونين بشكل جيد، قادرين على التأقلم والتكيف مع متطلبات سوق الشغل والتطورات المتسارعة التي يعرفها، والتحولات التي تحدثها التكنولوجيا الحديثة”.
وأضاف أن “الجامعة أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بترسيخ المسار الذي لا رجعة فيه، والذي تبنته بلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ألا وهو خيار الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري، وذلك بانخراطها الفعال في إيجاد الحلول المبتكرة للمشاكل والقضايا ذات البعد الجهوي والمحلي، سواء على مستوى التكوين أو الابتكار والبحث العلمي”، داعيا إلى توجيه هذا الأخير بشكل فعال إلى القطاعات التي تحظى فيها الجهة بالريادة على المستوى الوطني، مما “سيمكنها من الرفع من قيمتها المضافة وخلق آلاف مناصب الشغل ذات القيمة العالية، دون أن يغفل القطاعات التي يمكن أن تكون واعدة في المستقبل”.
وسجل الحاجة، في هذا الاتجاه، إلى وضع إطار عملي للتعاون وخلق شراكات بين الفاعلين الاقتصاديين المحليين والجامعة، مما سيضمن لهذه الأخيرة مصادر كافية لتمويل البحوث العلمية ذات القيمة المضافة من جهة، وللشركاء تطوير موادهم ومجالات اشتغالهم من جهة ثانية، و”كل ذلك في إطار سياسة رابح-رابح”.
من جهته، استعرض رئيس جامعة القاضي عياض، مولاي الحسن احبيض، سياق المناظرة الجهوية وكذا الأهداف المتوخاة منها، والتي تتماشى وأهداف النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والأهمية البالغة التي يكتسيها البعد الإيكولوجي في هذا الصدد.
وأوضح أن هذا الاجتماع، الذي يأتي في إطار سلسلة من اللقاءات الجهوية، الرامية إلى بلورة رؤية وخارطة طريق تهم التعليم العالي، والبحث العلمي والابتكار، يسعى إلى أن يشكل فضاء للتقاسم والإنصات لمقترحات وانشغالات مختلف الأطراف على صعيد العمالة، والمتصلة بكل ما يتعلق بهذا القطاع الحيوي، في أفق انعقاد المناظرة الجهوية، التي تعتزم جامعة القاضي عياض تنظيمها، الشهر المقبل.
وأعرب عن الأمل في أن تتوج أشغال هذا اللقاء، كما هو شأن تلك التي عقدت عبر الجهة، بتوصيات ومقترحات كفيلة بإغناء النقاش، وتشكل أساسا لمشاريع تطوير التعليم العالي بصفة عامة، طبقا للتوجيهات السامية لجلالة الملك، المتعلقة، على الخصوص، بأجرأة النموذج التنموي الجديد.
وألقى أحبيض، أيضا، عرضا تطرق فيه إلى مختلف محطات مسلسل المناظرة الجهوية، الذي تم إطلاقه من قبل جامعة القاضي عياض، والفاعلين والأطراف المشاركة المعنية، وكذا إلى المحاور الرئيسية والمواضيع، التي ستكون في صلب هذه اللقاءات التشاورية، داعيا الحضور إلى المشاركة في هذا النقاش على شكل مساهمات مكتوبة، تعبر عن أفكارهم وتعكس وجهات نظرهم، ووضعها رهن إشارة رئاسة الجامعة، من خلال البريد الإلكتروني: assises.regionales@uca.
وفي معرض تفاعلهم مع اللقاء، أشاد المتدخلون، من جانبهم، بالمقاربة التشاركية المعتمدة، كما عبروا عن اقتراحاتهم القمينة بالنهوض بالتعليم العالي وعن متطلبات ورغبات الساكنة تجاه الجامعة، في مجالات تنمية الطاقات المحلية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقابلية التشغيل في الأقاليم، في أفق الخروج بخلاصات ومستنتجات، بالإضافة إلى مشاريع شراكات فعلية من أجل نموذج جديد للجامعة المغربية يكرس التنمية الجهوية.