العمدة الوزيرة ولوثة السياسة براءة المنصوري ومسؤولية محيطها
1975 مشاهدة
كَثُر اللّغْط هذه الايام من الداخل والخارج عن فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الجماعي لمدينة مراكش والوزيرة في حكومة جلالة الملك، في كل شأنٍ اتّصلَ بها عدا مسؤولياتها التمثيلية أو الانتدابية التي نأى عنها النقدُ والثناءُ سيان، وشحذت الرماح أسِنّتها وصوَّبت الأقواس نبالَها في حرب ضروس لم تُقرَع طبولُها ولا صَهَلتْ في ساحاتها الخيولُ فلا مِنْ حولها ثار النقْع ولا حَمِيَتِ الغارات، معاركُها تُنذِر ولا تصْرَع.
وانشغل الناس بأخبار فاطمة الزهراء كأنما ليس في البلاد ما يشغل الناس من أخبار السياسة والاقتصاد والرياضة أما بالثقافة فلا يُبالون، أو لكأنما هذا الغلاءُ الفاحش المستشري لم يقهرِ الناسَ ولم يَفطِر أكبادهم جرّاء فرْطِ الصَّبر على ضيق العيش وفقدان الأمل أن يتحقق من وعود الساسة ما يرجون.
وما من دبيبٍ في أرض المغرب من غرب البلاد إلى عاصمتها وحتى مراكش، إلا وحسيسُه في أذن فاطمة الزهراء المنصوري منه همسٌ، سوى أن تكون صمّاء أو لها فيه قضاءُ وطَر ولها مأْرب.
فلا هي نطَقتْ والصَّخبُ مِنْ حولِها لطواحين الهواءِ التي أدارتها ريحُ الشمال من فوق عَلَمِ الْعَلَمِ، ولا صَمتَتْ عند لُجَّة الغالي حين قيل حَسَن، وما كانت كشهرزاد سكتت عن الكلام المباح عند الصباح لما رفع الديك صوته بالصياح.
وبين الصمت والصيْت مجرد صوتٍ ينتظِرهُ العارفون بفاطمة الزهراء المنصوري مذ كانت طفلة ويفعت شابة دلولة بغَنَج أنثوي طافحٍ ولكنها كالماء إن رضِيَت فسخاءً وان غَضِبت فطوفاناً، وما يزالون يتوقعون منها ما طال أمد انتظاره من رد فعلٍ يتعجبون هذا الصبر على عدم إبدائه من امرأةٍ يؤْذيها كل هذا الذي نما به الخبر وتعَطَّل عنده الموقفُ الذي لا بد منه.
وقد يكون مفهوما صمتُ التواطؤِ في التَّستُّر على الفساد مِن مُفْسِدٍ، ومفضوحاً كَذِبُ المخادع المراوغ من سياسي منافق، وغيرَ مقبول ولا مفهوم كلُّ الخداع والمكر والاحتيال الذي أحاط بامرأة ما يزال صمتُها مُحيِّرا ًوهي التي وإن قذفتْ بها السياسةُ سريعاً إلى مواقعَ ومناصبَ تحتاجُ عُمراً للوصول إليها، فإنَّ خُبْثَ هذه السياسة لم يُعْدِها بعدُ.
ولا شك أن في تربية فاطمة الزهراء المنصوري وما نشأتْ عليه ما يربَأُ بها عن دسائس المتهافتين على الريع، الجَشِعين الطائشين الطامعين في المكاسب والمواقع، والمتسللين الانتهازيين المرائين ، واللئام أكَلة النَّيئة والجيف…وإنما لا يُبَرِّئُها ذلك ولا صفاءَ النية وحُسنَ الطوية مما يَضُّر بمصلحة الوطن والمواطنين ومما يمس بالأخلاق العامة ويزعزع الثقة في المؤسسات وفي الشخصيات العامة إضافة لما يتربص بشخصها وعائلتها وأسرتها من ضرر معنوي…
وما الخوفُ سوى من اللَّوْذِ بالصمت لتصفيةِ حسابات يكون ضحيتَها في الأخير أولئك الذين آثروا السكوتَ عملاً بمقولة « لم آمرْ بها وقد سرَّتْني » حتى إذا ما وقعت الواقعة وأزفت الآزفة جاء الخبر اليقين كما دَرَجَ في المثل الشعبي « طاحت الصمعة علقوا الحجام ».
وما الخوف أيضا إلا ان يكون التغافُلُ مدعاةً لتمادي الدّهماء في ممارسات الِاقْتياتِ تحت الموائد من فرث الفُتات لفئات الأَرَضَة التي إن استبد بهم الشَّرَهُ جزّوا رؤوس السادة وطرحوهم أرضاً يفعلون بهم ما تفعل الأنصال في الذبيحة بعد إسقاطها.
وعسى لا يكون هذا الشريط من القيل والقال وكثرة المقال مما يُثار موضوعُه العمدة الوزيرة، مجردَ إلهاءٍ للشعب وصَرْف نظره عن جميع ما لا يحق فيه إلهاءٌ ولا صرفُ نظرٍ في تدبير الشأن المحلي وتسيير الشأن العام وقضايا الفساد الإداري والمالي الذي يكاد يعصف بالبلاد.
فهل تتيَقَّظ فاطمة الزهراء المنصوري لمحيطها وما يُحاك حولها أم أن لوثةَ السياسة لَفَّتْ حول طَوْقها وضمَّتها الى دوامتها؟؟؟؟