في ليلة ساحرة بإقليم شيشاوة، احتشد الآلاف من الجماهير في ساحة عمومية مترقبة ظهور مجموعة “إتْران إمنتانوت”، الأمازيغية الأسطورية. أجواء من الفرح والبهجة عمّت المكان، حيث ارتفعت أضواء ملونة نحو السماء، لتضفي على الأجواء لمسة من الجمال والإبداع. في تلك اللحظة، ظهر سلطان المجموعة، محمد بوفضيل، ممسكًا بآلة “البانجو”، مرتديًا جلبابًا أنيقًا، بينما تبعته باقي الأعضاء كأنهم خرجوا من بين صخور جبال أركوس إمنتانوت الشاهقة.
كانت بداية العرض موسيقية روحية، حيث ساد الصمت لحظات قبل أن تنطلق نغمة سريعة من “البانجو”، ليشتعل الحماس في أوساط الجماهير. تعالت الأصوات بالصيحات والزغاريد، وكان صوت محمد بوفضيل، الحنجرة الذهبية للمجموعة، يخترق الأجواء بكلمات موال حميمية، تأخذ المستمعين في رحلة بين دفتي الأحاسيس الدافئة والعنيفة.
إلى جانب قوتها في الأداء، تميزت مجموعة “إتْران إمنتانوت” بقدرتها على خلق تجربة موسيقية تجمع بين الأصالة والحداثة. استطاعت هذه المجموعة أن تتربع على عرش الأغنية الأمازيغية بإقليم شيشاوة، متجاوزة الحدود المحلية والوطنية، لتصل أنغامها إلى قلوب جمهور واسع، محليًا ودوليًا.
الكتابة عن هذه المجموعة والفنانين الأمازيغ في شيشاوة مهمة ليست بالسهلة. فهم ليسوا مجرد موسيقيين، بل هم حراس للتراث الأمازيغي العريق، ينقلونه بألحانهم وكلماتهم من جيل إلى جيل، ليظل راسخًا في ذاكرة الثقافة المغربية.
