الصحافي سعيد بلفقير يكتب لاخنوش الوزير
1050 مشاهدة
يا وزير البحرين (مثنى بحر وليس الدولة) يا وزير الأرض وما عليها من شجر وحجر، من تين وطين، من عقارب يلاعبها الصغار وحمام يقود القطيع.
والله نحن شعب "ناقص تربية"، لأننا آمنا دائما بانتمائنا المؤلم، لأننا ندفع الضرائب على كل شيء، ضريبة على الراتب الركيك، ضريبة على فقرنا الفاحش، ضريبة على عجزنا القدير، ضريبة على أملاك ليست بأسمائنا، بل حتى الموت المؤجل ندفع ضرائبه في حياة الانتظار هاته.
ياوزير الثروات، ربما خانتك كلمات ليست بالأساس لك، وأنت في منبر هو ليس بالأساس لك، وأنت الثري بن الثري، الذي يمكن أن يشتري فما فصيحا، وعقولا راجحة، وليس الأيادي المصفقة فقط.
وإن لم تكن تقصد ما نطق به لسانك أيها الوزير، إلا أننا كشعب تعوزه التربية، قفزنا على الكلام واستأصلناه من السياق، روضناه بما يليق بخيباتنا الجامحة، وكأننا كنا ننتظر من يشككنا في انتمائنا ولو بالإيماء، ولو بنظرة، ولو بسكوت من مقام التجاهل.
ذاك أيضا لم يكن من مقاصد كلامك أيها الوزير، ولكن ماذا عسانا نفعل نحن الشعب المستكين لآلامه المضحكة، الجاحد أمام أحزاب صنعت لنا وطنا من قماش، حشته بأوراق الصحف والجرائد، طرزت واجهته بعرق الكادحين تفوح منه رائحة الخديعة.
يا أيها الوزير، لا يمكن أن نحاسبك على كلام خرج عن سياقه بالتأويل، ولا يمكن أن نحاسبك حتى إذا قصدته فعلا، لسبب بسيط، هو أنك وزير. ولكن تعقيبا على كلام كنت تقصده فعلا، فالانتماء يا عزيزَ سوس، لا يمكن اختزاله في ثلاثية "الله الوطن الملك"، والتي أضحت ثلاثية يرفعها الظالم والمظلوم، المواطن والمسؤول.
ألا يكفي ما تقتطعونه من خبز المواطن كل يوم ليكون معيارا للانتماء عطفا على مباديء المواطنة في الغرب، ألا يكفي أن كفة الواجبات ترجح أمام كفة حقوق ظلت خالية من أي شيء، ألا يكفي الغلاء ومعه الصبر، ألا يكفي الفساد ومعه الصمت، ألا تكفي "الحكَرة" ومعها انسداد الأفق!!!
شكرا أيها الوزير لأنك أتحت للشعب مساحة لحديث وإن لم تكن المقصود به فإنه لن يحرك ساكنا في وطن ساكن.
الانتماء، أن تحارب الفقر لا الفقراء، أن تمنح الحياة بدل أن تعاقب الموتى.