العودُ أَحمدُ… اختلاطُ المشاعر في معالم دروب الخلاص
1050 مشاهدة
في مثل هذا اليوم، وأنا على مكتب الأخ والصديق « عبدو » بمراكش الحمراء وقبل أن أحييه، بادرني بضحكته الرنانة، وهو يقول: » ما هذه المسافة التي ابتدعتها، يا كاتبنا » ، أم تراك عُدت؟ »…
فابتسمتُ، ولم أنبس ببنت شفة…وحدثتُ نفسي بمثل ما حَدثها به يومَ ذاك… »يفقدُ الإنسان لونه ويسيطر عليه الشر، فلا بد من البحث عن وسيلة لترويضه، وإعادته مرة أخرى إلى جادته وسيرورته »…
???????
يوم ذاك كان الزحام، وفيضان بشري يغطي الصالة، وهو الشيء الذي لم نعهده من ذي قبل في محفل ثقافي كهذا، ونحن جلوس على الأرائك الوثيرة في باحة الاستقبال بإحدى الفنادق المصنفة بالبيضاء،
صحبة ثُلة منَ الكُتاب الشباب والمخضرمين ضمن الوفد الذي يستعد للذهاب إلى مصر في الأسبوع الثقافي المشترك المنظم هناك بالقاهرة…
???????
القاهرة زخة من الجنان، زرد وهدير على العتبات، القاهرة صاحبة القبول والجاه، كم من قلب في حبك شجاه ما شجاه، من هذا الأطلس الحر الشامخ، من هذا الجبل الأشم كمجدنا، نأتيك ببضاعة مزجاة. …يا قاهرة، حبكِ في الفؤادِ كبيرُ، وله أريجٌ طيبٌ وعبيرُ، دوحةٌ أغضانُها كعروقِنا يمتدُّ فينا عطرُها المسحورُ… والعَينُ التي تَنْعَمُ في بحبوحةِ الـجَفنَينِ…القاهرةُ المعنى الذي ظلَّ يُطِلُّ: الوردُ والـمِسْكُ، وغصنُ البانِ والشوكُ …، وتلكَ النعمةُ السابغةُ: البسمةُ والنيلُ! ونأتيك بالحب الكبير يا قاهرةْ…
أثناء ذلك كانت الذاكرةُ تبحثُ عن أي وهم منسي أو هَم ثقافي تداعبه، تجتره، وتجره كخيبات، فينصاع عنوة، ثم أصلبه على عمود أفكاري، وتجهش به أحاسيسي فأنفثُهُ…وأبتَسم، محدقا في المدَى…: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ??? وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.
???????
الأصواتُ تتعالى، تقدم أحدهم ولم يكن مجبرا من رؤية كل ما يمكن أن يدفعه إلى مأزق ما، حتى لايعير النظر دافعا للهجوم، يغمض عينيه، يظهر اللامبالاة تماما مثل الآخرين، كل مستقر داخل حالته، كأنهم منقطعون عما حولهم، لايعنيهم شيء، تقوقع تام، يغردون خارج سرب وحدتهم، يعرفون مسبقا ما ينتظرهم وما يتطلعون إليه، مشى بخطوات متثاقلة بطيئة..كان يبدو في العقد الخامس، وقد غزا الشيب مفرقه، وهو يقدم بطاقات الأعضاء يمدها إلى من لايراهم…وكان ما يجري أمامه قد وصل إلى مرحلة انفلات الأصوات، حرارة الأنفاس لم تبرد بعد، فما زالت الأصوات تتعالى، وتختلطُ وتختنقُ حينها، وكان من بين ما راعني واستوقفني غياب كاتبين اثنين كبيرين، وثلاثةُ شعراء مرموقين، فقد كنتُ أعتبرهم مثل الشمس والأرض والسماء..في شموخهم ومجدهم وتميزهم وأنفتهم وكبريائهم وتمسكهم بهويتهم وتواضعهم…ولم أر أحدا في مثل عطائهم، فلم يكونوا يبخلون على أحد…وكان الشبابُ يجمعهمُ العُنفوانُ ورغبةٌ كبيرةٌ في تشكيل العالم بحثا عن الجديد، بدءا من الكتابة وانتهاء بالواقع….
ثم سمعنا أحدهم وهو يصعد على كرسي صائحا: »…حبدا لو أقام العرب صندوقا للثقافة لعلنا نعدل قليلا من صورتنا المشوهة… »وبدأ التصفيق…واختلطت الأصواتُ مرة أخرى… وكان من جملة ما شد انتباهي وأثار فضولي، أن كاتبا شابا قد ذهب إلى الغرفة المجاورة التي اتخذت كمكتب خاص باللجنة المشرفة على النشاط، ثم عاد إلى الصالة منكس الرأس، متدمرا صحبة كاتب صحفي، وكأن شيئا قد عكر مزاجه… كان الشاب ممتقع الوجه، قد هز رأسه بطريقة آلية بادئ الأمر ، حينما التقت عيناي بنظراته الحادة، وابتسم بتصنع، لكن نظراته هذه المرة واهنة كجسده الواهن، الألم ينبض في جسده ورأسه، وكأن السيل بدأ بقطرات..ثم صار أمواجا عاتية في ومضة برق خاطف، ثم انشقت الأرض وفتحت فيها هاوية، والارتعاب يعتصر عينيه، ليستلقي بمعطفه الثقيل على الأريكة مخفيا رأسه بين يديه، وكان في عقده الرابع فيما يبدو، إنه حي لكن…، ثم ما لبث أن لحقهما آخران وهما يلعنان ويشتمان…ولم نفهم شيئا…حتى سمعنا فنانا تشكيليا يتحدث عن أحد الكتاب المخضرمين والذي تعامل معهم بازدراء وجفاء وغرور وحسد وحقد دفين…وهو من أعضاء اللجنة، وسرعان ما طفت على السطح قضايا أخرى وفي رمشة عين وكالنار في الهشيم …، ثم سمعنا كاتبا شابا يورد قصة دالة: « ذلك أن الشاعر الإيطالي « وفنزيو » كان مغرورا بنفسه إلى درجة التصلب في الرأي..وذات يوم وصلت إليه رسالة، وما إن قرأ العنوان حتى رفض أن يتسلمها، لأن العنوان كان كالآتي: »إلى أكبر شاعر في إيطاليا، ولما سئل عن ذلك، قال: »أنا أكبر شاعر في العالم »…ثم همس أحد الشباب في تخاذل وقد حدجنا ببصره، وأردف: إن الأقنعة لا تدوم طويلا، فسرعان ما تتلاشى، فيظهر المرء على حقيقته… ابتسمت بتصنع، ونظرت بعيدا كما جرت العادة في مثل هذه المواقف، ولم أفهم ما كان يرمي إليه..، وبصوت خفيض علق أحد المخضرمين: »أيا كان فالمرء أحيانا لا يكون سوى دورة مياه تسير على قدمين » استغربتُ كثيرا متسائلا: أما زال هذا الوباء ينخر روح بعض الكتاب على الرغم من الروح الكلية التي بدأت تحل في الفرد المعاصر..؟ والذي أومنُ به أن الذينَ تخونهم أنانيتهم لايستطيعون أن يبدأوا من جديد…وخاصة مع الآخرين، وكان مما أثارني كذلك في أحاديثهم هو أن بعضهم يربطُ بين الحياة الشخصية للأفراد وإبداعاتهم…في هذه الأثناء أخذ بعض الشباب ينسحب إلى الساحة، بجانب المسبح وهم يتابعون نقاشاتهم الحادة، ثم سمعنا مشاداة كلامية بين أعضاء اللجنة، وتعرت خلالها مجموعة من الحقائق وبودلت أثناءها اتهامات حول بعض الخروقات…لم تعد ثمة كلمات أخرى تُقال…وكانت السماء ملبدة بالغُيوم…
???????
تقدم كاتبان وهما يحملان فنجانان يتحدثان ويرتشفان، ويحدقان في الوجوه، ثم بدا شاب غير أنه بادر بعناق آخر..عناقا ينم عن علاقة وطيدة، وإن مرحا يبدأ عنده الآن، في هذه الأثناء ظهر لي أحد النقاد المحترمين وكان يرتدي معطفا رقيقا، وهو يتطلع إلى ستائر النوافذ المغلقة وسط الصالة، كان يتطلع إلى اللافتات ويبدو أنه يقرأ أشعارا..ثم هو يطيل النظر في بعض اللوحات التشكيلية..، ثم تحرك ثلاثة إلى الصالة وليس معهم حقائب أو أمتعة..وكانت هناك شابة تومئ برأسها، يداها أمام صدرها، عيناها تشعان بالبهجة، كل من يلمحها يدرك على الفور أنها ذات وجد…ثم ظهر شاب حليق الرأس بملابسه الجلدية السوداء، سرعان ما تذكرته، كان شابا وسيما وأنيقا للغاية درس معي في السنة الأخيرة بالكلية، وقد تغيرت ملامحه كثيرا…وقد ولى وجهه إلى الزجاج …وبجواره كهل يعتمر قبعة، ويضع فوق ركبته جهاز حاسوب ويُدونُ بعضَ الملاحظات في مذكرة صغيرة ويبدو وديعا…أما أنا فقد كنتُ مستغرقا في تجاعيد الصالة، وقد رسمتُ أملا ويمامة بالأفق…حتى التقيت صاحبا قديما فجلست بجانبه على الأريكة…وكانت أصداء المتعة سارية، وسرعان ما مالت شاعرة إلى ياقة الورود لتسوي أطرافها في المزهرية….
???????
من اخترع المرآة، ليس ضروريا أن يكون نرجسيا، ربما اخترعها ليتشفى من الذين يتهربون من رؤية وجوههم فيها.إذا كانت المرايا تصوركم فأين ستولون وجوهكم؟ لقد هلكني البعد عنها ولم يهلكني المطر في الغابة.أنا حيث أنا، وجاري مثل جمجمة مصقولة في الصحراء، يحتمي فيها العقرب الأصفر هاربا من شروق الشمس…إن حياتنا هي تجاربنا، لكن الكاتب الحقيقي لايعلم التجارب، إنه يوقظ الإحساس بها.لم أجيء لأعلم، لكن لكي أوقظ « كما قال ميهر بابا »فكلما تعمق الوعي في فهم العالم زاد تناقضه وغرابته.
هناك من ينظر إلى الآخر نظرة « ساتورنوس » إلى أولاده، فإذا لم يجد من يفترس من صلبه أو غير صلبه يتجه إلى نفسه بالذات ليسقط في عدمية مطلقة وليضاعف قبح العالم.
???????
ثم ما لبث أن عاد بعض الشباب الذين غادروا مقاطعين…لما ظهر على حين غرة الكاتب المخضرم من جديد على المسرح، المنتشي بجنون العظمة المصطنعة الزائفة، ثم طاشت السهام، ويُفرض الرأي الواحدُ ويَتفرد بالساحة وحده، وبدا أن الآخرين في حالة انبهار، هو الذي يُفكر ويُقرر، فماذا يَبقى؟ كم في يم الغُرور من تمساح، فاحذر يا غائص!… وهاهو يتاجر بالمبادئ والشعارات…ولسان الجزاء يناديه: « يداك أوكتا، وفوك نفخ… » وبدل أن يصحح موقفه، اتبع هواه، فلم يسدد رأيه بالتأني، ولا ضميره باليقظة…بيد أن وجهه وصوته متغيران، كان يبدو أشبه بوجه سكران وصوته يتعالى، وكأنه يستهجنهم جميعا، حتى غمرهم الضحك، هكذا أصبحنا نضحك كي لانصاب بالإحباط الأخير، فقد اختلطت علينا المشاعر، ولكي لايصبح آخر ما تبقى في روحنا من ضوء…، همس أحدهم متهكما: يبدو بأنهملم يُقدروا أهميتَه ويرشحوه للجائزة، ثم تدخل آخر بقوله: إنه لم يعجبه انتقاد بعض الشباب له في إحدى الجرائد…وها هو يصب جام غضبه على من انتقده يوما…وفجأة صرخ أحدهم في وجه آخر: أنت مجرد نكرة…لا وجود لك..أنت صانع كذب، نارا أحيانا وحطبا في أحايين كثيرة.. كان فيما يبدو منتشيا، وسرعان ما غمرته صلابة، ولم يخمن أحدٌ في أية لحظة أن الرجل يمكن أن يكون مريضا نفسيا…كان يبدو كالمعتوه، ثم عمت الفوضى الصالة، ثم إذا بشخص يلتقط بلا وعي بعض الكتب، ورمى بها بعنف صوبه، أصابت رأسه…وضحك الجميع..وهو مازال يحدق ويشتم، ارتفع صوته أكثر من ذي قبل…حتى شعر بجفاف في حلقه، حدق نحوه بصوت مرتفع نسبيا، بما يدرك بعض الحاضرين أنه كان سبا مقذعا دون شك…
وطبعا لن تكون المرة الأولى التي سيضطرون إلى أن يستلهموا فيها روح أصنام متحركة، فقد تجاهلوه رغم رعونته، ثم ما لبثت أن غطت القاعة هيستيريا ونقاشات عقيمة، تداخل فيه ما هو سياسي بما هو حزبي ونقابي وحقوقي..واختلط الحابل بالنابل…وبدا كأنهم يحكون عن زمن فيه القنافذ والثعالب والضفادع والذئاب يحتقنون ويحتقرون وإن تواجد معهم حالما صداحا بين الزهور والورود أو في الشجر…
فكيف إذا تتعايش غالبة ساحقة من الكتاب مع مثل هذه المواقف، ولا تمتلك الجرأة في إذانة ما تبصره الحواس، التي تحولت إلى مستودع قديم مليء بالإحباط والتذمر واليأس، مصاب بالاهتراء وقليل من الحلم…
الآن… قد يموت الواقفون..وكل الشعراء الحالمين الأصفياء قد يتنقلون إلى الضفة الأخرى، وقد يموتون لأنهم رقيقوا الإحساس…ولم يكن أنا يُشغلني الآنَ ما يُقال وما لايُقال…ستلفظني وستغلقني الأبوابُ …بلا كلام.
أما اليراع فقد تفيأ منحى آخر من البوح، باقتحام الذات وانقلابها عليه في الآن نفسه…وببَسط ما شاءَ له الانفلات من الألم والكمد…
وقبل الختم وبعده، الكمد هو الكمد، وأن لاشيء تغير حتى بين بعض المثقفين، الكبر والعُجاب والحسد والتعالي والزهوُ الخَادع … وكل ما يجري بين المثقفين وللأسف هو ما يجري في كل لقاء..وكل ما أعرفه أن كل ما يجري أشبه بالذي يجري بالكهوف المجاورة…صرتُ أدركُ أن لفظة الثقافة التي هي شديدة الصلة بحياتنا، قد تميعت بل مسخت، أو ربما نحن الذين ضخمنا معناها بشيء من الهلامية والفضاضة المائعة، أدركت الآن أن الثقافة فعلٌ وليست مصدرا، إنها قيم وارتقاء وسمو نحو إنسانية الإنسان، وعلينا أن نعبر عنها بما نقوم به ونفعله. وإلا فويل للعالم من المثقفين إذا فسدوا، ثم لملمتُ ما تبقى من شدوي وحنيني، وما تبقى من فكري وصرخة روحي، ولم أستطع أن أتطهر أو أتخلص، فقد بقي هناك شيء ما يجثم على صدري…
???????
أخي التوأم لم تكن هوايتُه القراءة ولا الكتابة، فهو لم يخط خطا ولن يفعل…ولن يكتبَ شيئا، ولن يحكي أية قصة عن الذي يقع…، ولايستطيع أن يتبنى أي رؤية سردية، ولا أعتقد بأنه سيكتبُ سطرا على حين غرة، وهو مثلُ أبيه لم يكتب خاطرة في حياته، لو سألت زوجته لفضلت الموت على كتابة رسالة، ولا أحد يكترث، لقد بدأت القصيدة بالتشتت والضياع لهذه الأسرة الصغيرة…مرة أخرى يُقتل الطفل في أحضاني…أم الذي كان طفلا سواي، لستُ أدري..؟ وهأنذا أفتح عيني حين أفتحها على كثير …ولكن لا أرى أحدا…، ثم اقشعر بدني ورحلت…
???????
وفي يوم آخر لقيت شكري كانت عيناه ساهمتان وكأنهما يغوصان في مستنقع رديء، حالة من قلق الأيام والأعوام البعيدة، ترتسم في عينيه الأزقة والدروب، والصامدون على الجراح، والأطفال الضائعين، والمتاجرة في أحلام الفقراء، والحكرة، وسيرة الإنسان في المكان، وأهل الهامش من المسحوقين والتائهين والمكلومين والمهاجرين ومن مرغتهم الحياة…وحساد النجاح والكلمة، وصراع الأجيال… والرجال الذين غابوا في تراب المقابر…، والشهوة الزائفة، وجنون العظمة، والشهرة بعد الموت، ومن يدعي أنه أنقدك من الويل والموت، والتكريمات الأفاقة…، في هذه الأثناء تذكرت إحدى مواقفه المتميزة كالعادة، « فما من أحد فوق النقد » فقد رأيت أنه يصول ويجول مشرحا نصوص الجميع بمبضع العارف دون خشية من سطوة الأسماء الكبيرة، فهو ينتقد بأسلوب يلغي التبعية الفكرية والفنية دون أن ينتقص من كمية الاحترام التي يكنها لإنجازاتهم، ولم يكن يريد أن يكون محبوبا أومرهوبا بمقدار ما تشغله مسألة التعبير عن قناعاته الفكرية دون وصاية أو مصادرة..ذلك أن الكبار قبل الصغار يقعون في أخطاء كبيرة…فقد كتب « أندري جيد » ذات يوم تقريرا عن رواية « مارسيل بروست » « البحث عن الزمن الضائع » أكد فيه أنها لاتصلح للنشر، ثم ندم على ذلك الحكم بقية حياته…لذلك دخل شكري إلى النصوص التي شرح من خلالها تجربته الابداعية وفهمه لدور الابداع الأدبي، مغسولا من كافة الأحكام المسبقة…ويبدو أنه كان في هذا الوقت بالذات كمن يقرأ كل أفكاري التي أحملها وأعتقد فيها…
فقد تخلى عن جائزته مقابل مبدإ كان يسكنه، ويتمثل في رد الاعتبار للجنوب المتوسطي تضامنا مع قوارب الموت…، مؤكدا على ضرورة رد الاعتبار لساكنته…
وكأنني ما زلت أسمع صدى صوته ونحن ننزل عبر سلاليم مبنى إذاعة طنجة الجهوية، بعدما توقفنا بقاعة الانتظار ، آنذاك وكأنني أرى الشمس وهي لا تكف عن مغازلة ضفائرها الذهبية…وحين رفعت بصري إلى السماء كان كل واحد في اتجاه..
???????
حتى صاحبي لم يعد…كان قد خرج قبل قليل…سألت لحظة الساعة المعلقة وسط الصالة، والتي توقفت عقاربها برهة ثم سألت الغد…ولم يأت.
بحثت عنه في الدروب في الأزقة والزوايا في الطوابير المتراصة في « الموقف »وفي الغابات وفي شوارع المدينة المزدحمة، في الممرات وجنب الحدائق، في الدهاليز فوق الأرض وتحتها، بحثت طويلا طويلا…في الصياح والعويل والفحيح، سألت عنه الأيام الماضية التي لم أظفر منها بشيء، وسألت عنه العائدات المقبلات التي لن أترك فيها شيء، وهذه بدايتها، سألت كل غريب ومقيم، سألت كل قادم وسائح وجائل، قيل بأنه لم يمر من هنا، سألت وسألت… وفي خاتمتها لم أظفر بجواب، لا أحد استطاع أن يكشف لي عنه، ولم يجبني إنسان، كلهم غابوا…ثم راحوا إلى المقبرة….
وتساءلتُ مرة أخرى، أواهُ…قد مات…ومات الطيبون.
???????
في مثل ذلك اليوم….وبعد شرود طويل، حييت « عبدو » وقلت له: لعل « العودُ أحمدُ »، ثم حدجني بنظرة، وقال مغمغما: « لواه العودُ محمدُ »…ثم بدأنا نضحك ونضحك حتى غرقنا في الضحك، ربما لكي لا نصاب بالإحباط والتشتت والضياع الأخير، فقد اختلطت علينا المشاعر…
ثم أردف وهو يبحث ويقلب بعض الكتب، وكأنهُ يريدُ أن يُفاجأني بكتاب جديد ككل مرة، لاعليك يا شاعرنا، الحياة كلها لاتستحق، كل ما يجري شيء طبيعي، لابد من الاندفاع والمشاكسة والاختلاف…ما علينا إلا التجاوُز والتعايشُ « والله يسامح »…وحيثُ هناك ضوء…هناك نور….ثم خرجنا نهرولُ كل في اتجاه، حتى أنني لم أكمل شرب قهوتي، فقد كان « عبدو » مسرعا للمهرجان الذي أعد مواد برنامجه منذ ثلاثة أيام، أعرف بأنه لم يأكل ولم ينم جيدا، وإني أراهُ نموذجا لذلك المثقف الحقيقي، في تميزه وكبريائه وتواضعه وعطائه، سعيدٌ ومتفائل دوما، يشتغل في الظل ويُعينُ الجميعَ في المجال الثقافي والإبداعي، وهو لايبخل على أحد…أغبطهُ على سعة صدره، وإني أراهُ الآنَ يبتسمُ ويملأ زَواياهُ سعادة….
587935 766007Hello. excellent job. I did not anticipate this. This really is a splendid articles. Thanks! 955670
387885 429282Thanks for your time so considerably for your impressive and remarkable guide. I will not be reluctant to endorse your internet internet sites to any individual who ought to receive direction on this difficulty. 360634
Hi there, its nice article regarding media print, we all be aware of
media is a great source of data.
It’s difficult to find well-informed people for this subject, however, you seem like you know what you’re
talking about! Thanks
Hmm is anyone else having problems with
the pictures on this blog loading? I’m trying to determine if its a problem
on my end or if it’s the blog. Any feed-back would be greatly appreciated.
Hello, Neat post. There is a problem with
your website in internet explorer, might test this?
IE still is the marketplace chief and a good part of people will miss your wonderful writing because of this problem.
Its like you read my mind! You seem to know so much about
this, like you wrote the book in it or something. I think
that you can do with a few pics to drive the message home
a little bit, but instead of that, this is great blog.
A fantastic read. I will definitely be back.
Hey! Do you know if they make any plugins to protect against
hackers? I’m kinda paranoid about losing everything I’ve worked hard on.
Any tips?
371679 763189Delighted for you to discovered this site write-up, My group is shopping a lot more often than not regarding this. This can be at this moment surely what I are already seeking and I own book-marked this specific web site online far too, Ill often be maintain returning soon enough to look at on your distinctive weblog post. 470973
It is not my first time to pay a visit this web site, i am browsing this site dailly and obtain nice facts from
here all the time.
This is really interesting, You’re a very skilled blogger.
I’ve joined your rss feed and look forward to
seeking more of your excellent post. Also, I’ve shared
your site in my social networks!
There is certainly a great deal to learn about this topic.
I like all the points you’ve made.
Hi there to all, as I am in fact eager of reading this weblog’s post to
be updated daily. It consists of nice stuff.
I am really enjoying the theme/design of your weblog. Do you ever run into any internet browser compatibility issues?
A handful of my blog visitors have complained about my website not working correctly in Explorer but looks great in Safari.
Do you have any advice to help fix this issue?
589815 548814Hey! Do you know if they make any plugins to protect against hackers? Im kinda paranoid about losing everything Ive worked hard on. Any recommendations? 45643
I am extremely impressed with your writing
skills as well as with the layout on your blog. Is this a paid theme
or did you customize it yourself? Anyway keep up the excellent
quality writing, it’s rare to see a nice blog like this one today.
Thank you for the auspicious writeup. It in fact was a
amusement account it. Look advanced to more added agreeable from you!
However, how could we communicate?
Hey there just wanted to give you a quick heads
up. The text in your article seem to be running off
the screen in Safari. I’m not sure if this is a format issue or something to
do with browser compatibility but I thought I’d post to let you know.
The design look great though! Hope you get the
problem solved soon. Thanks
I got this website from my pal who told me about this site and at
the moment this time I am browsing this web site and reading
very informative articles here.
805020 646463Howdy! Do you know if they make any plugins to safeguard against hackers? Im kinda paranoid about losing everything Ive worked hard on. Any recommendations? 644487
Hi there, just became aware of your blog through Google, and
found that it is truly informative. I am gonna watch out for brussels.
I will be grateful if you continue this in future.
Lots of people will be benefited from your writing.
Cheers!
If you are going for most excellent contents like I do,
just visit this site everyday because it provides feature contents, thanks
Hi there, i read your blog from time to time and i own a similar one and i was just curious if
you get a lot of spam remarks? If so how do you prevent
it, any plugin or anything you can advise? I get so much lately it’s
driving me insane so any help is very much appreciated.
134538 67513Actually instructive and superb structure of articles, now thats user friendly (:. 159206
865781 314946Im not positive exactly why but this internet website is loading extremely slow for me. Is anyone else having this concern or is it a issue on my end? Ill check back later and see if the problem still exists. 190955
WOW just what I was searching for. Came here by searching for vpn reviews
837113 658248I saw a great deal of internet site but I believe this one contains something unique in it in it 42754