كريم مهران.. قصة الرجل الايراني الذي مكث أزيد من 18 سنة في قاعة الانتظار بالمطار

4198 مشاهدة

أمر غريب للغاية، ولكن هذا ما حدث بالفعل، انها قصة الرجل الإيراني مهران كريم الناصيري أثناء تواجد في أحد المطارات، والتي تحولت لفيلم فائق النجاح فيما بعد.

مهران كريم الناصيري، والمعروف أيضا باسم السيد الفريد مهران، مكث في صالات الانتظار رقم واحد في مطار شانتي بول بباريس في غشت 1988 وحتى يوليوز من عام 2006، وقبل أن يحدث هذا الأمر بعشرين عام لم يكن هناك شيء غير طبيعي في حياة مهران.

 ولد مهران في إيران وسط عائلة متوسطة الحال وعاش طفولة طبيعية، وحين بلغ الثلاثين من عمره ذهب للدراسة في جامعة بالمملكة المتحدة، وعاد بعد ثلاث سنوات، ولكن أثناء رحلة العودة وجد نفسه ممنوعا من دخول إيران نظرا لتوجهاته السياسية، ولمدة أربع سنوات ظل الرجل ممنوعا من دخول أي دولة أروبية، لكن في عام 1981 وبعد أن استقر به المطاف في بلجيكا، تدخل المبعوث الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بلجيكا لحل أزمة مهران وأصبح لديه حق السفر لأي دولة أروبية.

وبعد أن قضى مهران طيلة هذه المدة في بلجيكا قرر السفر مرة أخرى إلى المملكة المتحدة وقد أخفى هذا القرار عن أسرته وخصوصا أن والدته كانت تقول له أنه ليس إبنها وأنه إبن ممرضة إسكوتلاندية، وربما كان هذا سببا لسعيه بعد ذلك للحصول على الجنسية الإنجليزية،  وقد غادر مهران إلى المملكة المتحدة مرة أخرى في 1988 ولكن في هذه المرحلة توجه أولا إلى باريس ومن هناك أخذ طائرة متوجهة إلى لندن وهنا تبدأ المأساة، فعندما وصل مهران إلى مطار إيترو لم تكن معه وثيقة اللجوء حيث أيقن وهران ذلك الوقت أنه تعرض للسرقة أثناء رحلته من بلجيكا  إلى باريس، وهناك أصبح عالقا دون امكانية المغادرة، إلا إذا اكتملت أوراقه، لذا كان عليه الرجوع مرة أخرى إلى فرنسا.

عندما عاد مهران إلى مطار باريس، ونظرا لعدم وجود وثيقة اللجوء، تم القبض عليه بتهمة محاولة السفر بطريقة غير شرعية، وقد قضى وقته في حجز المطار لاتهامه بدخول المطار بطريقة غير قانونية، وقد تم إطلاق سراحه فيما بعد، ونظرا لأنه لم يكن يتوفر على أي أوراق أو جنسية فرنسية، لم يكن له الحق بدخول فرنسا، ونظرا أنه ممنوع من دخول إيران نتيجة لتوجهاته السياسية فيستحيل عليه الرجوع إلى إيران، ليصبح المطار هو منزله وموطنه لمدة 18 سنة كاملة.

ربما اذا فكر أحدكم في الأمر قد يجده غاية في الغرابة، اذ يمكن لشخص قضاء يوم أو أسبوع أو شهر عالقا في إحدى المطارات، لكن كيف يمكنه قضاء 18 عاما، وفيما كان يقضي وقته؟ هل يمكنكم تخيل الأمر؟

لقد قضى مهران وقته في قراءة الكتب والجرائد وكتابة تفاصيل تلك التجربة في يومياته الخاصة، فقد أصبحت حقائبه هي الوسادة التي يتكئ عليها، كما أن المطار أمده بكل ما يحتاجه من مرحاض ومكان للاستحمام وحتى خدمة غسل الملابس، وقد كان يتناول طعامه في ركن المطار، كما أنه كان محاطا بجميع المحلات التجارية إذا ما أراد شراء ما يحتاجه، وقد كان مهران في البداية يعتمد على مدخراته الى جانب بعض المساعدات من طرف المسافرين، ولكن بعد مدة إقامته في المطار قام مهران بنشر يومياته، مما عاد عليه بدخل وفير، اذ حصل على مبلغ 250 ألف دولار مقابل تلك المذكرات من شركة للإنتاج السينمائي، هذه الأخيرة التي قامت بإنتاج فيلم يدعى the terminal، استوحت قصته من قصة مهران.

أثارت قصة مهران الصحف في جميع أنحاء العالم مما سهل عليه الحصول على أوراقه مرة أخرى، لكن واجهته عقبات أخرى في بلجيكا مرة أخرى، بعدما منع من مغادرة مطار شانتي كوول، اذ أن القانون البلجيكي يمنع اللاجئ من الرجوع مرة أخرى إلى بلجيكا إذا غادر البلاد برغبته.

بعد خمس سنوات، وفي عام 1995، تحصل مهران على وثيقة اللجوء من السلطات البلجيكية، ووافقت على دخول مهران الى أراضيها بتأشيرة مؤقتة، الا أن مهران رفض هذه المرة بدعوى أن الوثيقة الجديدة جاءت باسم مهران كريم الناصيري الإيراني، في وقت أن الولايات المتحدة الأمريكية منحته الجنسية الأمريكية وأعطته لقب الفريد مهران، كما أنه رفض السفر والعودة مرة أخرى إلى بلجيكا من أجل العيش والعمل هناك، لأن ذلك  يتنافى مع حلمه بالذهاب إلى المملكة المتحدة كما خطط من قبل.

ربما يقول البعض أن مهران كان بامكانه قبول العرض فقط من أجل مغادرة المطار، ثم تغيير اسمه بعد ذلك، وربما يكون هذا منطقيا، ولكن لم يلقى قبولا لدى مهران.

وفي عام 2006 غادر مهران المطار الذي قضى فيه أكثر من 18 سنة، ونقل إلى المستشفى إثر تعرضه لوعكة صحية، وبعدها غادر للإقامة بفندق قرب المطار.

وفي عام 2008 أطلقت فرنسا سراح مهران وتركته يعيش على أراضيها، ولكنه لا يزال غير قادر على الذهاب لأي دولة في العالم وممارسة حقوقه كأي مواطن عادي.

اخر الأخبار :