كوكب في غيابة الجب

4181 مشاهدة

هو كوكب أضاء نوره ذات ليلة بهيجة من خريف عام 1947، اكتسب اللون الأحمر تيمنا بالمدينة الحمراء وزاده أبيض السلام توهجا.

مرت سنوات وعقود بل وأوشك القرن على الانقضاء، ويظل اسم هذا الكوكب يجري في دم كل محب وعاشق لذاك الأحمر والأبيض.

دافع عنه رجال ورحل عنا آخرون بعشقه، "ومن العشق ما قتل"، فهذا العشق تخطى كل الحدود وتجاوز كل المسافات، حتى أضحى تيما وانتماء لا يقبلان القسمة.

ولأن لكل محارب استراحة، كان لزاما أن يخفت نور هذا الكوكب في يوم من الأيام، قبل الانارة من جديد، وبالفعل حل هذا اليوم.

سنة 1996 كانت سنة لأفراح كل مراكشي و"كوكابي"، الا أن أكثر المتشائمين منهم لم يكن يعلم أنها ستكون أيضا سنة لبداية الأحزان.

أحزان ازداد وقعها مع مرور السنوات، وتستمر الى عقدين من الزمن، فحرمت أجيالا من معانقة الفرح الذي عاشه أسلافهم في الماضي القريب.

ويبدو أن انتهاء هذه الاستراحة رهين بأشخاص تقلدوا مهاما تبث بالجلي والملموس لكل صغير وكبير أنهم غير أكفاء لها، رغم أنهم يعتقدون العكس، ويؤمنون به.

ان تاريخ فريق الكوكب الرياضي المراكشي يشهد على مجموعة من الأحداث والمحطات التي بصمت مسار كرة القدم الوطنية والقارية، ولا يختلف اثنان أن القميص الذي حمله كريمو وقيدي والبهجة والدميعي واللائحة طويلة، لم يكن يوما أقل قيمة من المنافسة على الألقاب وحصد التتويجات.

تغيرت الأحوال ودوام الحال من المحال، لكن سيشهد كل "كوكابي" حر أن أشخاصا في غير محلهم تناسوا هذا التاريخ ولم يعيروا اهتماما بالقميص ولا بآلاف المتيمين بحب الفريق، حتى أضحى الكوكب في غيابة الجب.

تأسيس فريق الكوكب المراكشي أو "الكويكة" كما يحلو لعشاقه تسميته، أشرف عليه وطنيون غيورون تحملوا المسؤولية بكل صدق وتفان وحب، وأعطوا العهد بعدم الخيانة، وقد عاهدوا وأوفوا. تعاقبت الأسماء وضل نجم هذا الكوكب صاطعا بازغا في العلالي، لكن اذا أوكلت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة، وساعة الكوكب آنت قبل الأوان، وتتواصل الى اليوم، ففي ظرف عشرين سنة غاب النادي الأحمر عن المشهد الكروي وعجز عن حصد أي لقب، وعوض المنافسة على البطولة أضحى يصارع من أجل البقاء، بل وذاق مرارة النزول الى قسم الظلمات في ثلاث مناسبات والرابعة تلوح في الأفق.

وربما ليس من الصدفة أن تكون السنوات العجاف عاشها الكوكب تحت ظل نفس الأشخاص الذين تقلدوا المسؤولية منذ ثلاثة وعشرين سنة خلت، وعوض رفع اسم النادي رفعت أسماءهم في لافتات مطالبة برحيلهم.

ربما لم يقتنع هؤلاء بعد بفشلهم التسييري، أو ربما لم يكتفوا بعد بما جنوه من مصالح على حساب مصلحة الفريق، أو ربما لم تنجب عاصمة النخيل بعد رجلا ذي أنفة يعيد للكوكب توهجه، كلها فرضيات تدور في خاطر كل غيور عن الكوكب، فرغم أن معظمهم هجر الملعب ولكل سبب وجيه، الا أن حب الحروف الأربع (K.AC.M) ثابت ولن يهجر القلوب الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

أما الأوفياء ممن ساندوا الفريق وتحملوا مشاق السفر والتنقل خلفه أينما حل وارتحل، فقد سئموا من تقبل الهزيمة تلو الأخرى والانكسار تلو الآخر، سلكوا كل السبل، رسالات وبلاغات وتيفوات ووقفات احتجاجية، داخل الملعب وخارجه، كل ذلك لم يكن له تأثير في نفوس المعنيين به، ربما لانشغالهم بأمور أكثر أهمية "بالنسبة لهم".

السؤال الآني الذي يخالج كل مشجع ل"الكويكة" هو متى ينتهي هذا العرض المسرحي الذي يتكرر كل سنة ومن نفس الشخصيات؟ فحتى السلطات بالمدينة تنكرت للنادي والرياضة بصفة عامة، وقراراتها التي لم تكن يوما في صالح ممثلها الأول والأوحد في البطولة الاحترافية، خير دليل على ذلك.

وفي انتظار الفرج الذي سيتحقق لا محالة، يجب أن يعلم كل من قصر يوما في حق هذا النادي أن رجاله وأبناءه الأوفياء سيعودون، لما لا وهم مسلحون بصبر يوسف ومؤمنون بأن بعد كل ابتلاء يأتي الانصاف.

اخر الأخبار :