كيف لعب مولاي حفيظ العلمي دورا محورا في خدمة همّيّ الملك محمد السادس: البطالة والصحراء
1061 مشاهدة
أمران يشغلان بال الملك محمد السادس: 1ـ الحد من بطالة الشباب المغربي 2 ـ سيادة المغرب وصحرائه. لعب فيهما وزير وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي دورا محوريا في الآونة الأخيرة، رغم كثرة الضربات التي تلقاها من الأقرباء والأعداء. كيف كان دور مولاي حفيظ العلمي في كل محور؟
أولا وقبل الخوض في نظرة مولاي حفيظ العالمي لمحاربة البطالة، يجب التذكير بأنه استطاع بعدما تم تحميله إلى جانب وزارته مسؤولية ملف تنظيم المونديال 2026 بما له وما عليه من اعتراف ملكي بفشل النموذج التنموي المغربي مقابل مواجهة ثلاث قوى اقتصادية عالمية أمريكا وكندا والمكسيك، مسؤولية كان من المفروض أن يتحملها وزير الشبيبة والرياضة الطالبي العلمي وفريق متكامل من الخبراء المختصين في البنى التحتية والفوقية ومهندسي بناء المركبات الرياضية ومدبري قطاع السياحة،
تم تحميل الملف لوزير وحيد مختص في الاستثمار والصناعة كون الملك يعرف مستوى وزرائه ورجالاته وحمل أهم ملف لديه إلى أفضلهم. واستطاع بقدراته على الإقناع وكفاءته في التفاوض التي اكتسبها من مشواره كبزنيسمان أن يوصل المغرب إلى آخر مرحلة للتصويت كنا نضمن خلالها أصوات أغلب الدول الإفريقية والمشرقية.. غير أننا وخلال تلك المرحلة النهائية اكتشفنا حلفاء/أعداء من نوع خاص، السعودية والإمارات اللذين اجتهدا في استقطاب أصوات أصدقاء المغرب ضد المغرب. ورغم ذلك ترك وزير الاقتصاد صورة مشرفة عن المنافسة الشريفة والقوية التي أداها المغرب. وعاد بنظرة ثاقبة لمحاربة البطالة كيف؟
برنامج التكوين المهني الذي طالب به الملك محمد السادس بقي عالقا لمدة طويلة بيد حكومة غير متناسقة، بعد أن رفضه مرتين مطالبا بإمداده بمخطط براغماتي واقعي قابل للتطبيق قبل اجتماع الأسبوع الماضي بداية أبريل 2019 حيث قدم وزير التربية والتكوين سعيد أمزازي خارطة طريق لما سمي "مدن للمهن في الكفاءات" في كل جهات المملكة بمبلغ 3.6 مليار درهم.
غير أن مولاي حفيظ العلمي كان قد سبق هذه الخارطة بخطة ذكية، حيث قام بجرد المقاولات المغربية خصاصها في عدد المناصب ونوعية البروفايلات المطلوبة، في محاولة تكوين نفس العدد من الشباب العاطلين حسب الخصاص لضمان تشغيل %100. وخلال السنوات الماضية، كان الوزير الوحيد الذي خاض حرب أرقام مع أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط من حيث عدد مناصب الشغل التي خلقت وزارته، لا لأن باقي الوزراء متفقون مع الحليمي من حيث الأرقام إنما لأنه الوزير الوحيد الذي استطاع خلق فرص شغل بجلب عدد لابأس به من الاستثمارات في مجال تصنيع أجزاء السيارات، وفي مجال تصنيع أجزاء السيارات كرحلته مؤخرا إلى كندا حيث التقى زعماء عمالقة صناعة الطيران في محاولة إقناعهم بجلب فرص شغل للمغرب، أهمهم وزير الاقتصاد الكندي على هامش الملتقى الكندي للطيران بمونريال. واستثمارات لم تحظ بنفس النجاح أو بنفس الپروپاكاندا مثل قطاع النسيج، وأخرى.
ثانيا كيف لعب مولاي حفيظ العلمي دورا لصالح مغربية الصحراء رغم الضربات: لكسب ملف مغربية الصحراء قرر الملك محمد السادس إنهاء سياسة الكرسي الفارغ وإقامة علاقات متماسكة وتحالفات مع أكبر عدد من الدول ـ حتى المعارضة منها لوحدة المغرب الترابية.
عودته للاتحاد الإفريقي ولقاؤه بالرئيس زوما لجنوب إفريقيا كان أول خطوة، ثم جولاته الإفريقية للانفتاح على بلدان القارة سياسيا واقتصاديا بالمبادرات التجارية والبزنيس، وافق الملك محمد السادس على هذا الأساس على صفقة رجل البزنيس مولاي حفيظ العلمي لبيع شركة التأمين ساهام للشركة الجنوب إفريقية سانلام لمالكها أخ زوجة الرئيس الجنوب إفريقي..
صفقة قد تتبعها صفقات أخرى وورشات عمل تقرب بين البلدين. غير أن هذه الصفقة لقيت موجة سخط بسبب قانون تم تمريره من طرف وزير المالية السابق المطرود محمد بوسعيد حيث ألغى الضريبة على ثمن بيع مقاولات مغربية للخارج ألغي معها مبلغ 420 مليون درهم ضريبة كان ليؤديها المشتري سانلام للخزينة العامة، طالب مولاي حفيظ العلمي بفتح تحقيق في الأمر ليخلي ذمته، تحقيق لم يستجب له رئيس الحكومة العثماني ولا مديرية الضرائب وتم دفنه من طرف الحكومة والبرلمان في صمت.
ثم بعدها جاء تقريع الملك محمد السادس لوزيره مولاي حفيظ العلمي حيث اتهمه بخدمة مصالحه قبل مصلحة البلد وذكره بجنسيته المزدوجة الكندية.. وحيث أن العلمي يعتبر أكفأ وزير لدى الملك حمله أضخم الملفات حجما وحساسية، قيل أن التقريع له علاقة بإسراع مولاي حفيظ العلمي في إنهاء صفقة بيع ساهام في الوقت المناسب الذي ضمن له أرباحا جيدة، رغم تحفظ كان قد يغير مزاج القصر اتجاه البيع…
ثم يوم الثلاثاء 2 يناير خرج الملياردير عثمان بنجلون مدير البنك المغربي للتجارة الخارجية يقذف العلمي بتهمة اللاوطنية لأنه باع شركته لبلد معارض للوحدة الترابية.. مع أن الصفقة كانت طبعا بموافقة ملكية وأنها لصالح الوحدة الترابية لأنها تفتح باب البزنيس مع بلد لا نملك معه أي مشترك وأن سياسة القطيعة والكرسي الفارغ لم تأت بأي نتيجة لعقوده مضت. فالسياسية لا تحل دائما بالسياسة والديبلوماسية إنما قد تحل بتبادل مصالح البزنسيس ثم بالانفتاح الثقافي الذي يلين مواقف الدول المعارضة.
كثرة الضربات ضد هذا الوزير والبزنيسمان لم توقفه قبل عن سفرياته مؤخرا إلى الهند لجلب استثمارات كبار رجال الأعمال الهنود للمغرب وكندا لإقناع كبار رجال أعمال صناعة الطائرات، ولا أوقفته اليوم عن الجولات التي يقوم بها في كل جهات المملكة للتحضير للمنتدى المغربي للتجارة يومي 24 و25 أبريل 2019. جولات لا يقوم بها غيره من المسؤولين إلا أيام الحملات الانتخابية.. ففرق بين مسؤول يتحرك لأجل البقاء في منصبه بأصوات المواطنين، وبين مسؤول لا يهمه منصب وزير بقدر ما يهمه خدمة بلده بما يملك من كفاءة ومحاولة خدمة المواطنين.
*باحث في الشؤون السياسية – كلية الحقوق
جامعة محمد الخامس