التنقزب=نقابة + حزب
1054 مشاهدة
في الدول العربية، تعد الاحزاب سواءا سياسية اوغير سياسية مصرح لها ام سرية، سواءا تدخل الانتخابات اوتقاطعها، وحتى النقابات اكبر مجمع للتفاهات، فهي جزئية جبرية، و عميقة في باطنها، مناضلة في ظاهرها، متواطئة في بعدها الاخر، و بعيدة كل البعد عما تدعي انها تدافع عنه، ولقد بدأت في بداياتها في استقطاب اي شخص، سواء كان متمدرسا اوغير، متحزبا او غير… ثم ارتفع السقف لاستقطاب الطلاب الجامعيين واقحامهم في المظاهرات والشغب، ثم السجون، لتتوالى الاحداث بدمج المعلمين وشحنهم لظروفهم الصعبة وتحزبيهم يساريا، ومنحهم التفرغات، امام عزوف المواطنين، ومع الانفتاح على العالم كانت الاحزاب والنقابات مضطرة لرتفع السقف للبحث عن الاطر العليا وحتى الاستقطاب من خارج الاوطان في بلاد الغربة مع إغراءات كبيرة وحماية، ثم امام تنامي العزوف النقابي و السياسي، تمت مخرج جديد و سر تمت إضافته وهو الادعاء الاشتغال بحقوق الانسان، من اجل رفع جودة الاستقطاب من اجل البقاء، ثم ماذا بعد؟؟
لكن في الجوهر بمجرد أنْ ينتقل أحدُهم إلى التحزب والتنقب يترك خلفه المنطق، والموضوعية، ولائحة المطالب الاصلية للاشتغال باجندة محددة، بحثا عن الراحة والسفريات و اغتنام الفرص في ظل غياب العقل والفكر الرزين، والتخلي عن المعرفة الإنسانية بكل اشكالها، ويدخل المتنقزب (للجمع بينهما) عقله في سبات عميق، ويتقدم صوْب عالم جديد كله غرف مغلقة، كأنه يقوم بزيارة ساحرة لعالم السحر والسحرة، تتصاعد أمامه أبخرة ملونة في الاصل و في هواءِ غرف الاجتماعات الملوّثة بدخان سجائر مع أصوات مبهمة لا تدري إنْ كانت ضحكات الشياطين أم صرخات الجن!
الحزب والتحزب في رأيي حالة من السبات المتناقضة مع تغييب الاحساس بالواقع، وهو تدبّر للاحداث ومجرياتها بعيدا عن الواقع، وللمتأمل في مواقف المتنقزبين يجد حالة من النسيان والتناسي والهيمان لاتفهم، وبرمجة خاطئة للعقل والادراك الحقيقي المبني على العلم في حضرة المنطق التي وهبنا إياها الخالق، و التنقزب هو حقيقة اصبح عبادة بالعقل، هي تفاهات بخلفيات تبدأ بالاغراء وتنتهي بالاغراء واستسلام للاخر والعيش في سبات يحققه حد التصوف للمكتب الوطني وفي التقرب من رغبات الامناء و من يسير في فلك الموالات على طريقة الصوفيين، وادعاء حب الوطن ورموزه كالعلم والنشيد و"العملة" ولغة التدريس…، وتحدثنا هذه النقابات والاحزاب(التنقزبات) بكلام غير مفهوم، من أجل كسب الولاء، و التحزب عندهم حرية في الاعتقاد قد يبدأ بالإيمان وينتهي بالشك ، وقد يبدأ بالإيمان وينتهي بالشك، لكن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه عاشقو التنقزب هو الامساك بخناق مرحلة معيّنة من عمر المتابعين والارتماء في احضان الشباب، واعتبارها روح المرحلة من اجل الاستمرارية في الحياة، من اجل الانخرط في المراحل الجديدة، وكلنا يعلم ان
المتنقزبين في الواقع يعيشون حالة مرضية أفرزتها معاناة الفقر الحاجة تمكنت من تغييب الوعي في التحدث عن مشاكلها، واحلال أفيون الشعب مكانه وهو التنقزب كوليد عنه، ثم محاولة اقناع معتنقيه أنه الحزب الصحيح او النقابة الصحيحة، وكانه رسالة ونداء الحق إلى البشر كافة، والمتنقزبون خصوم للثقافة الإنسانيةالحرة، وينظرون بريبة إلى الآخر، ويشككون في افكار الغير، ويغرسون سيوفهم في المختلفين معهم، ويرمون غيرهم بالخيانة، فجلهم منفصلون عن العصر، ومنكبّون على كتب لنين وستالين في الخفاء، وكتب اخرى تفصلهم عنها مئات السنين الضوئية، يستخرجون منها ما ينوم المتنقزبين، ويضعون صغائر الامور أمام محاوريهم وينفخون فيها، فيخسرون من أول جولة، جلهم جيش من الجراد الذي يأكل الأخضر واليابس، ويأتي على التربة الخصبة فيجردها من اخضرارها، وجمالها، وبكورتها، وينزع عنها كل فرص الحصاد ولو بعد حين، بل ما يزيد الطين بله، احتواء بعضهم لحقوق الإنسان، فينبذها بشكل اخر، ويؤكد الأفضلية لغيرها، فلا تنظر حولك ولا تجد إلا فسادا وسفريات للخارج والتحالف في السر مع الفساد وتلقي رشاوى…
المتنقزبون جنود أوفياء لثقافة الحزب والامين العام، والنقابة هي وليدة لهما، بعيدا عن الاهداف المسطرة في اول الامر وحاجيات المجتمع، واغلبهم خصوم أشراس للعقل والدين المعتدل والتسامح، وباحثون في بطونهم عن كل ما يتصادم مع العصر و استغلال المتضررين اينما وجدوا والركوب على مطالبهم، وجلهم عباقرة في حوارات الكراهية و سب الحكام والحكومات التي يغازلونها في الخفاء، وغايتهم البرلمانات، وبعضهم انعزاليون في طوائفهم و اجتماعاتهم… ويعمد المتنقزب ان يحضر أمامك صفحات لا نهائية من أقوال للاخرين ومواقف شخصيات، أما عقله هو فلا حاجة به إليه، وفقهاء حقوق الانسان يُفتون من أجله، وامناءه يشفعون لأخطائه، اكتب تحقيقًا عن مصادر الاحزاب وانتهاكاتها لحقوق الانسان وارساء العبودية للامين العام، ونهب أموال الموالين وعن مصدر تموليهم، وتسميمهم وتزوير الانتخابات الداخلية واختيار اعضاء المكاتب الوطنية بالرشوة من اجل المصلحة العليا، وستجد الويلات، لان امكانياتهم لا تسمح لهم بقراءة أكثر من ثلاثة سطور ثم تنفصل كهرباء الفكر من العقل…كان عقول المتنقزبين ترتدي النقاب، فلن ينام المتنقزبين عن اوامر الحزب، فعالمهم معجون بالجهل والكراهية للفكر والعقل، لذا فعندما تضاعفت أعدادهم أفسحت المجال للتنقزب أن يستمر خانقا الموظفين والمسؤولين على حد سواء، ففي كنفهم ينبت سوس البغضاء، والتمذهب، والطائفية، واحتقار الغير، وصعود الصغائر والتفاهات، يستطيع المرء ان ياتي بآلاف الأمثلة والنماذج على عبقرية المتنقزبين في العثور على التفاهات واعتبارها من صُلب الحزب والنقابة، وأن الثقافة والحضارة والكتاب والتطور والتمدن والتسامح والعقلانية والموضوعية تقف في ذيل قائمة اهتمامات المتنقزبين، لقد جعلونا أضحوكة في الغرب، عندما يقومون بزيارات تمثيلية للخارج بحجم الجهل الذي يظهر عليهم، وجلهم لا يثقن لالغات ولافنون ولايعرف للحياة الحرة معنى، وصنعوا لنا خصوما في كل مكان، وفتحوا صفحات مجهولة في تاريخ قديم، وقدّموها على أطباق من ذهب لكل من يريد أن ينال من النهضة وللعلم.
في النهاية، يعتقد البعض ان الاحزاب لها قيمة مضافة فعالة، وهي احدى الخدع الاعلامية والامبريالية التي تركها المستعمر، بل يعيش المتنقزبون على سعادة غيرهم واصطياد الشباب، من اجل الربح والسفر والتعويضات، بعيدا عن ادعاتهم، ويؤزمون اوضاع البلاد العربية من اجل رفاهيتهم… هذا هو وجهة نظري فيمن نسميهم المتنقزبون، حقيقة هؤلاء ينقسمون إلى عدة فئات تبرر سببب دخلوهم وانغماسهم وانخراطهم فى بوتقة هذا الفكر بهذه الطريقة البشعة التى لا تسمح لعقلوهم أن تفكر أو تعمل وجميع هذه الفئات يتمتعون بالجهل وعدم الاطلاع او أدنى درجات العلم:
· 1 : موظفون واطر في حالة انطواء وحلة انعزال تام عن المجتمع لا قيمة له ولا فائدة ولا علاقة مع احد يعيش وكأنه ميت لا صديق ولا جليس، ولا ثقافة فى أى شيء، فيقع فريسة لدعاة التنقزب و حقوق الانسان فيتحول لشيء له قيمة فى نظره، حيث هذه القيمة تكون فى الدفاع عن حقوق الانسان حسب فكرهم.
· 2 : موظفون واطر حالة مرض نفسي كبير يحتاج للشهرة والوصول صنع أى كيان لنفسه فى المجتمع، وعلامات هذا المرض النفسي تظهر عليه بشكل متاخر، فهو يريد التحكم والسيطرة على أصحابة، يعشق القيادة وتنفيذ الأوامر والطاعة كصفات وبذلك يكون قد أشبع مرضه النفسي.
· 3 :شباب موظفين يمرون بمرحلة انتقالية فى حياتهم للخروج من متاهة المخدرات والشهوات، فيصطادهم هؤلاء فى حالة الضعف العقلى، ويحشدون عقلهم بالأفكار الهدامة التى تخرب ولا تعمر، فيتحول بكل سهولة ويكون لقمة سائغة وقطعة عجينة يتم تشكيلة.
لكن لو حاول المتنقزبون مع شخص مثقف او اطار واع لن يفلح أبدا مهما فعلوا، ومن هنا نعلم جميعا فائدة العلم والمعرفة والثقافة التى هى من أهم أساسيات بناء أى إنسان لينجح هذا الانسان فى بناء مجتمع مدنى حقيقي وحقوقي بعيدا عن المطبلين…واخيرا ليس في القنافيذ املس كما يقال فالامر عام.