أعوان السلطة أو الجيش الاحتياطي لوزارة الداخلية يعيشون بإحسان المواطنين

3008 مشاهدة

 

 

يعاني “الجيش الاحتياطي” لوزارة الداخلية من ظروف عمل قاسية، ومن حيف كبير في قيمة الأجر الشهري، ومن الحرمان من العديد من الحقوق التي يتمتع بها جميع موظفي وزارة الداخلية في مختلف الدرجات.

وأمام هذه الوضعية الاجتماعية والإدارية “الهشة” لأعوان السلطة، تزيد متاعبهم من خلال حرمانهم من التعويضات الشهرية الخاصة عن التنقلات، والمحددة في 250 درهما، مع العلم أن الأجرة الشهرية لا تتجاوز 3000 درهم.

ولعل ما يزيد من الظلم الذي يتعرض له أعوان السلطة هو غياب أي اطار قانوني يؤطر هذه المهنة، وبذلك فان الكثير يعتبرها عادة توارثها الأجداد وصارت عرفا وسط المجتمع لا يمكن الاستغناء عنه.

وزيادة على ضعف الراتب الشهري، فان عون السلطة لا يملك توقيت عمل محدد، فهو يعمل صباحا ومساءا، في الأعياد الوطنية والدينية وكدا العطل الموسمية، ولا تقتصر مهامه على المهام الادارية فحسب وانما المتعلقة أيضا بمختلف الأمور المتعلقة بالمنطقة التي يشغلها انطلاقا من نظافة الحي الى مراقبة المخالفات في مجال البناء وغيره، مرورا بالحملات الانتخابية.

هذا الحيف جعل الكثير من هؤلاء يبحثون عن طرق أخرى لتعويض ذاك النقص في أجرتهم الشهرية، وذلك انطلاقا من استغلال السلطة الممنوحة لهم، والمكانة التي يحتلونها داخل المجتمع، باعتبارهم الوسيط بين المواطن ورجل السلطة.

في هذا الملف ، سنتطرق إلى أعوان السلطة كجيش احتياطي تابع لوزارة الداخلية، يعاني من حيف كبير، لكن وانطلاقا من السلطة الممنوحة له، أفرغ ذاك الحيف على المواطن، وصار الوسيط بل والمتحكم في علاقة الساكنة برجال السلطة، وذلك بطريقة مكنت أعوان السلطة من تجميع ثروة مهمة، والتحكم في دواليب السلطة، بشكل يعود بالنفع عليهم، بل واستغلالها بشطط في مواجهة المواطنين، بما فيها وسائل الإعلام، وهنا نذكر بحادث اقتحام مقر الإذاعة الجهوية مراكش، قبيل أيام من طرف عون سلطة وفرد من القوات المساعدة كانا في حالة سكر طافح، حيث طالب الأول من الإعلاميين وضيوفهم الذين كانوا حينها بالمقر الإدلاء ببطائق تعريف هوياتهم، وذلك في خرق تام للقانون وفي عرقلة كبيرة للخدمة الإعلامية، وهناك نماذج كثيرة لعرقلة عمل الصحفي من طرف أعوان السلطة بمدينتنا مراكش.

 

الأجور الهزيلة للجيش الإحتياطي لوزارة الداخلية… يفتح الباب لاستغلال السلطة من أجل الاغتناء

  أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الثلاثاء الأخير من شهر يناير الماضي بالبرلمان، على أن الوزارة تولي اهتماما بأعوان السلطة لتحسين وضعيتهم وفتح آفاق الترقية للمستحقين منهم إلى فئة خلفاء القياد.

  وقال لفتيت، في معرض رده على سؤال حول ” الوضعية الإدارية لأعوان السلطة ” تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، إن ” اهتمام وزارة الداخلية بأعوان السلطة لا ينحصر في تحسين وضعيتهم المالية والإدارية والاجتماعية فحسب، بل يتعداه إلى فتح آفاق الترقية للمستحقين منهم إلى فئة خلفاء القياد “.

  وذكر الوزير، في هذا السياق، بكون مساعدي السلطة ينقسمون، إلى فئتين، أولها فئة مساعدي السلطة الحضريين الذين يتمتعون بجميع الحقوق المخولة لموظفي الدولة، مستعرضا على سبيل المثال استفادة هذه الفئة من مكافآت الأقدمية والتعويضات العائلية، والتأمين الإجباري والتكميلي عن المرض.

  وأشار لفتيت إلى أنه بخصوص الفئة الثانية الخاصة بمساعدي السلطة القرويين الذين يخضعون لوضعية خاصة على اعتبار أنهم، وبخلاف مساعدي السلطة الحضريين، لا يتفرغون كليا للعمل الإداري، ولا يخضعون لعامل السن عند التعيين أو الإعفاء، موضحا أنه يمكن لأفراد هذه الفئة، إلى جانب الخدمات التي يؤدونها لفائدة الإدارة، التعاطي لبعض الأعمال الحرة كالفلاحة والتجارة وغيرها، مع العلم أنهم يستفيدون من التعويضات والمقتضيات القانونية المعمول بها باستثناء نظام التقاعد.

كما أكد على دور أعوان السلطة، وحرص وزارة الداخلية المستمر على العناية بأوضاعهم، مبرزا أنه تم منذ سنة 2011، تحسين الوضعية المادية لهذه الفئة، بالإضافة إلى امتيازات أخرى، كما تتم ترقية المستحقين منهم إلى فئة رجال السلطة، حيث تم خلال سنة 2017 ترقية 16 منهم إلى درجة خليفة قائد.

ما جاء به وزير الداخلية، جاء جوابا على الأسئلة المتعلقة بوضعية أعوان السلطة من شيوخ ومقدمين، بسبب الأجور الهزيلة التي يخصصها لهم قطاع الداخلية، مما يدفعهم إلى البحث عن سبل أخرى لتوفير ما يكفيهم من المال حتى يضمنوا لنفسهم عيشا كريما، بل وللاغتناء، لدرجة أن الكثير منهم صار يمتلك العديد من المنازل، والبقع الأرضية، وضيعات فلاحية.

 

أجور هزيلة… تدفع أعوان السلطة إلى البحث عن وسائل بديلة

غضب كبير يسود بين صفوف مجموعة من أعوان السلطة، وذلك بسبب بقاء وضع المقدمين والشيوخ على ما هو عليه، يعملون في كل القطاعات الوزارية  دون اعتراف ولا بطاقة مهنية، هذا ناهيك عن ضعف أجورهم والتأخر في صرف التعويضات الاستثنائية والإقصاء من الاستفادة من السكن الاجتماعي.

وسبق أن تعالت الأصوات كاشفة معاناة هذه الفئة من الأعوان في مواجهة ما أسمته “ظلم الإدارة والمواطنين على حد سواء”، على اعتبار أنهم يعملون 24 ساعة في اليوم ويخضعون لتعليمات جميع الإدارات من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إذ يتكفلون بتنفيذ برنامج “تيسير” للتحويلات المالية المشروطة في إطار الحد من ظاهرة الانقطاع المدرسي.، مرورا بوزارة الصحة مع نظام المساعدة الطبية “راميد”، وصولا إلى وزارة العدل، التي تعول عليهم في إيصال التبليغات والاستدعاءات إلى أصحابها، خاصة في المجال القروي.

وما يزيد من الاحتقان بين صفوف أعوان السلطة، هو أن جميع أجهزة الوزارة الوصية طورت وسائل عمل رجالها، في حين بقي أعوان السلطة كما كانوا زمن الحماية، رغم أن كل الإدارات تحتاج إلى خدمات المقدمين والشيوخ، لكنها ترفض أن تتعامل معهم باعتبارهم مواطنين يكفل لهم الدستور حق المساواة أمام القانون، كما هو الحال مع القطاع الحكومي المكلف بورش السكن الاجتماعي والبنوك وغيرها من المؤسسات التي تدير لهم ظهرها بداعي أننهم لا يتوفرون على عمل دائم”.

الوضع هذا، جعل هاته الفئة تفكر في استعمال السلاح الذي بين يديها، سلاح السلطة، من أجل البحث عن وسائل أخرى لجلب المال، من بينها التوسط بين المواطن ورجال السلطة مقابل عمولة، أو التشجيع على خروقات في القانون والتساهل في ذلك دون علم رجال السلطة، مقابل مبالغ مالية أيضا.

وهنا نذكر، بتورط مسؤولين في قضايا تتعلق بالبناء العشوائي، التزوير، والرشوة، والتوسط، الفساد… وقضايا أخرى تعج بها محاكم مدينتنا مراكش التي يحفل تاريخها بهذا النوع من القضايا….

 

من أجل المال…. أعوان سلطة متورطون في قضايا خرق القانون

توصلت جريدة مراكش الاخبارية، بالعديد من الشكايات الموجهة إما لوالي جهة مراكش أسفي، أو الوكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية، وذلك بخصوص ملفات يشتكي فيها مواطنون تعرضهم للنصب والاحتيال من طرف أعوان سلطة، أو بتواطئهم في قضايا تتعلق بتسلمهم رشاوى من أجل التساهل في خرق القانون، لدرجة أن منهم من قضى عقوبة حبسية بخصوص ذلك.

وفي هذا السياق، توصلت جريدة مراكش الإخبارية، بنسخة موجهة إلى وكيل الملك بابتدائية مراكش، وذلك بخصوص تعرض سيدة للنصب والاحتيال من طرف عون سلطة بمنطقة سيدي يوسف بنعلي مراكش.

وحسب الشكاية، فقد اتهمت سيدة عون سلطة بمنطقة سيدي يوسف بنعلي بتعريضها إلى النصب والاحتيال، وذلك بعد أن طلب منها مبلغ 4000 درهم، من أجل إعداد وثائق إصلاح منزلها الكائن بدرب الشعبة الفوقانية، حيث قدمت له المبلغ المذكور، في حين انه تماطل عن إمدادها بالوثائق والرخصة اللازمة، لتقصده مرة أخرى من اجل أن تستفسره حول الموضوع، فأذن لها بالبناء، حتى من دون تلك الوثائق.

وبعد مدة، تضيف الشكاية، على أن المعنية بالأمر، تفاجأت بشكاية قدمت ضدها من طرف العون المشار إليه اعلاه، حيث يتهمها فيها بكونها شرعت في القيام بإصلاحات بدون أي ترخيص، وهو ما جعلها تلتجئ إلى القضاء لأخذ حقها من ذاك العون.

وبويركان ضواحي مراكش، تقدم مواطن ( اٍ.س ) منذ حوالي شهرين، بشكاية الى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش عن طريق محام بهيئة مراكش، يتهم فيها عون سلطة برتبة شيخ بالجماعة ذاتها بالنصب عليه في مبلغ مالي قيمته 7 الاف درهم.

وجاء في التفاصيل أن الضحية كان قد تلقى وعدا من قبل المعني بالأمر من أجل تنصيبه كعون سلطة بالقيادة مقابل مبلغ مالي، وأنه قد وقع عليه الاختيار لشغل هذه المهمة، غير أن "الشيخ" توارى عن الأنظار بعد أن تمكن من المبلغ، ليعود مرة أخرى لطلب المزيد، الأمر الذي دفع بالضحية الى الشك في الأخير، ما استدعى رفع شكاية ضده لدى المحكمة الابتدائية.

وطالب دفاع المتهم من النيابة العامة المختصة، بفتح تحقيق عميق حول هذه القضية والاستماع الى الشهود الذين تابعوا اطوار هذه القضية التي تم توثيقها من قبل صاحب الشكاية بتسجيل المكالمات الهاتفية التي دارت بين الطرفين.

وفي نفس الشق، توصلت مراكش الإخبارية بشكاية أخرى من مواطن ينحدر من منطقة العزوزية بمقاطعة المنارة مراكش، موجهة إلى وزير الداخلية، ويشتكي من خلالها عون سلطة برتبة شيخ بالملحقة الإدارية سيدي غانم.

وتقول الشكاية التي نتوفر على نسخة منها على أن العون المذكور، لجأ إلى استغلال السلطة الممنوحة له، من اجل جني الأموال منها انطلاقا من التشجيع على البناء العشوائي، شأنه شأن عدد من أبنائه الذين يحملون صفة أعوان سلطة بملحقات إدارية أخرى بمدينة مراكش.

وقدمت هاته الشكاية نموذج دوار خليفة بريك بمقاطعة جليز، والذي جنا منه هؤلاء أموالا طائلة باتوا على إثرها من كبار أصحاب العقارات بالمدينة.

حالة أخرى شهدتها احدى الملحقات الادارية بتراب مقاطعة المنارة، حين كان مواطن ينتظر دوره بين طوابير المواطنين الذين يرغبون في اعداد بطاقة الراميد، وذلك الى ان حل دوره، حيث قدم جميع الوثائق اللازمة لاعداد هاته البطاقة، الى جانب الاستمارة التي تقدمها المصالح المعنية لهذا الغرض، والتي لم يتمكن المعني بالأمر من ملئها، وذلك لعدم تمكنه من الكتابة، وهو الشيء الذي استغله احد الموظفين الذي كان بمعية عون سلطة، حيث فرض على ذاك المواطن اداء مبلغ 20 درهم كمقابل لملئ تلك الاستمارة، وهو الشيء الذي لم يتقبله المذكور، ليصرخ انه لا يمتلك ذاك المبلغ، وانه لن يقدم اية رشوة، وهو ما جعل الثلاثة يدخلون في نقاش حاد، الى ان تدخل اشخاص اخرون لحل الأمر.

وقد أكدت مصدرنا، على ان معظم المواطنين الذين يرغبون في بطاقة الراميد يؤدون مبالغ ابتداء من 20 درهم لذاك الموظف والعون، وذلك من أجل ملئ الاستمارة الخاصة بهاته البطاقة، حيث يستغل الاثنين عدم تمكن بعض من المرتفقين من الكتابة، لتجميع تلك المبالغ.

أعوان سلطة آخرين، كانوا محل شكايات قدمت ضدهم، بخصوص تسلمهم رشاوى، آخرها، قضية عون سلطة بجماعة تسلطانت الذي أفرج عنه بحر الأسبوع الماضي، بعد قضائه لعقوبة حبسية تعادل 4 أشهر، وذلك بعد أن ثبت تورطه في تسلم مبلغ 400 درهم من طرف مواطن، من أجل ان ييسر له عملية بناء بشكل غير قانوني.

 

التجنيد الإجباري…. مورد آخر لاغتناء أعوان السلطة

بعد سنوات من إلغائها، إجتمعت الحكومة المغربية يوم 20 غشت 2018، في ذكرى ثورة الملك والشعب على جدول أعمال يتضمن نقطة واحدة تتمثل في إعادة العمل بنظام الخدمة العسكرية الإجبارية، في قرار له أهمية كبيرة، وانعكاسات مهمة على مختلف فئات الشعب المغربي، شباب الطبقة الشعبية على الخصوص، كما يرى مهتمون.

وفي هذا السياق، فقد كلفت وزارة الداخلية أعوانها من شيوخ ومقدمين بإعداد لوائح أولية للشباب المعنيين بقرار الخدمة العسكرية، خاصة المنقطعين عن الدراسة الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 25 سنة.

هي مهمة جديدة ستلقى على عاتق أعوان السلطة رغم أنهم في غنى عنها، أمام المهام الكثيرة المنوطة بهم، إلا أنه ومن الواضح، أن العديد من أعوان السلطة، لن يقفوا عاجزين أمام مهمتهم الجديدة، بل وقد يحولونها إلى مصدر آخر لجني المزيد من الأموال.

فبالرغم من أهمية قرار التجنيد الإجباري في نظر الكثير، إلا أن العديد من الأسر المغربية لم تتقبل بعد هذا الموضوع، بل وتخاف من أن يتم إرسال ابنائها إلى إحدى الثكنات العسكرية للتجنيد، وهو نفس الشيء بالنسبة للأبناء، الذين يتوجسون من هذا الأمر.

مهتمون بالشأن المحلي لمراكش، يتخوفون من تولي مهمة جرد لوائح الشباب المعني بالخدمة الإجبارية من طرف أعوان السلطة، حيث سيكون المقدم أو الشيخ، هو المسؤول الأول والأخير عن هاته المهمة، وذلك بالنظر لمعرفته الشاملة بعدد الشبان المتواجدين في كل حي، المتزوج منهم، والذي لا زال يدرس، والمنقطع عن الدراسة، وبالتالي، فلا أحد سيكون على دراية كما الشيخ والمقدم، وذلك بحكم احتكاكهما اليومي، بما يحصل داخل نفوذهما الترابي.

الشباب الذي يحاول التهرب من هاته الخدمة، أكيد سيعمل ما في جهده من أجل التهرب منها، حتى وإن كان ذلك عبر شراء سكوت وتستر عون السلطة، الذي ثبت في الكثير من المرات خرقه للقانون، وبالتالي خرقه من جديد في مجال التجنيد الإجباري، لن يكون بالشيء الغريب علينا.

شراء سكوت وتستر عون السلطة على الشباب الذي لا يود أن يلج الخدمة العسكرية رغم توفر الشروط فيه، حتما سيدر مداخيل مهمة على أعوان السلطة، وهو ما سيفرغ قانون التجنيد الإجباري من فحواه الذي تريد منه الدولة تحقيق العديد من المقاصد، انطلاقا من السلطة التي منحتها لأعوانها.

 

حماة البلاد والعباد.. أعوان السلطة أجور هزيلة و امتهان للتسول

لا يمكن لأي أحد أن يغيب الدور الأمني الكبير الذي يقوم به اعوان السلطة بجميع مراتبهم ( شيوخ ومقدمين )، كما أنه لا يمكن أيضا ان تتحدث عن أي وثيقة أو أي عمل كيفما كان نوعه بمنطقة معينة دون موافقة الأعوان، هذه الفئة التي لها سلطة كبيرة في جميع الاشياء، حتى رؤسائهم يحررون تقارريهم بناء على شهاداتهم المستقاة من اعمال ميدانية جبارة.

غير أنه بالرغم من تورط هذه الفئة في عدة فضائح كبيرة، خلقت جدلا كبيرا في اكثر من مناسبة على المستوى الوطني، وتسبب في احراج كبير لوزارة الداخلية، وخاصة حينما تعلق الأمر بالرشوة وانتشار البناء العشوائي، واستغلال النفوذ، وتحريف الحقائق، وتغليط الرأي العام والمسؤولين والتزوير، وغيرها من الفضائح الكبيرة…الا أن هذه الفئة من الموظفين الذين كتبت اسمائهم في سجلات اعوان وزارة الداخلية بقلم "الرصاص"، تؤدي مهام أمنية كبيرة رغم معاناتها في صمت دون أي مساعدة تذكر من قبل المسؤولين.

 "مراكش الإخبارية،" كانت لها فرصة كبيرة للتواصل مع عدد من اعوان السلطة بمناطق متفرقة بجهة مراكش اسفي، وذلك من أجل استقاء مزيد من الحقائق حول الوضعية الاجتماعية لهذه الفئة، ومقارنتها بحجم المهام الملقاة على عاتقها، اضافة رصد أهم الاشكالات الاجتماعية الكبيرة التي تعاني منها.

وأجمع عدد الذين التقينا بهم أنهم يفكرون في مغادرة هذه المهنة التي لا مستقبل فيها، وكذا مطالبة الدولة بضرورة صرف تعويضاتها دون أي تماطل، حيث اصبح عدد كبير من هذه الفئة يجدون صعوبة كبيرة في توفير لقمة العيش لابنائهم، وهم قريبون من امتهان التسول.

هذا الوضع الذي بات غير محتمل للكثيرين، اصبحوا متذمرون بشكل كبير، ويناشدون وزارة الداخلية من أجل ايجاد حل سريع، لإنقاذهم من الفقر والهشاشة، وانقاذ ابنائهم من التشرد، من خلال التفاعل مع مطالبهم الاجتماعية.

والى ذلك، فقد سبق للعشرات من هذه الفئة ان قامت بتنظيم تظاهرات احتجاجية على هذا الوضع امام البرلمان، وفي مدن مختلفة، غير ان مطالبهم قوبلت بسياسة ما وصف ب"صم الاذان"، الأمر الذي خلق استياء عارما في صفوف اعوان السلطة، ويطالبون بضرورة ادماجها في الوظيفة العمومية، من أجل انهاء معاناتهم، خاصة الذين يعملون في العالم القروي، حيث المعانات بالجملة، دون أي اهتمام يذكر من قبل المسؤولين في العمالات و الاقاليم.

 

أعوان سلطة يعيشون بإحسان المواطنين

لم يقتنع المقدمون والشيوخ و” لعريفات” بالتبرير الذي قدمه أكثر من وزير داخلية، أنه بحكم طريقة اشتغالهم بدوام 24 ساعة على 24 ساعة، فإنه لا يمكن إدماجهم في سلك الوظيفة العمومية، المقنن بساعات عمل محدودة بين 32 و35 ساعة في الأسبوع، ما جعلهم يحتجون في أكثر مناسبة لأنهم محرومون من الترقية الداخلية في السلاليم، ويعانون حيفا كبيرا.

وشدد اعوان السلطة على أن ادماجهم في الوظيفة العومية هول الحال الانسب من أجل انها معاناتهم الكبيرة، وحتى يتسنى هذا لابد لوزارة الداخلية ان تتحلى بالشجاعو الجرأة.

وقال أحد اعوان سلطة في تصريح ل «مراكش7»: «لا نطالب بأكثر من العيش الكريم، لأننا مللنا من إكراميات وإحسان المواطنين ومن ضغوطات القياد والتعسفات.. نريد أن نعرف ما لنا وما علينا وبعد ذلك، فمرحبا بالمحاسبة»، مبديا استغرابه من استفادة العديد من القطاعات والفئات في الآونة الأخيرة من الزيادة في الأجور وتحسين وضعياتها دون أن يشمل ذلك أعوان السلطة، رغم المجهودات الجبارة التي تقدمه هذه الفئة لجميع الأجهزة الأمنية.

 

المقدمين والشيوخ يوفرون المعلومة من مالهم الخاص

 

ورغم ارتفاع المهام الجسام الملقاة على عاتق المقدمين والشيوخ، بمراقبة المشتبه تورطهم في التحضير للعمليات الإرهابية، بالإضافة إلى الإخبار بوجود البناء العشوائي، والمساعدة على إلقاء القبض على الفارين من العدالة خاصة في البوادي والجبال، وتنشيط الحياة السياسية في الانتخابات، بتوزيع بطاقات الناخبين، ومتابعة حركية المهاجرين، فإنهم لم يحظوا بالعناية اللازمة.

كما انه هذا الكم الكبير من المعلومات التي توفره هذه الفئة للمسؤولين الذين ينعمون في خيرات البلاد، والتي يمكن لها ان تحل لغز جرائم أو الوصول الى ارهابيين، وا حل نزاعات اجتماعية، يتم توفيرها من خلال المصروف اليومي الذي من المفروض أنه رزق الابناء دون أي تعويض يذكر.

كما أن جميع التنقلات التي تقوم بها هذه الفئة، خاصة في العالم القروي، باستعمال الدراجة النارية، فهي على حساب اعوان السلطة بعد توفير البنزين، حيث ان الحصص التي توفرها القيادات لهم، تظل هزيلة وغير كافية.

 

أعوان سلطة وسيلة لدى وزارة الداخلية

تقوم فئة عريضة من أعوان السلطة بمهام موظفين مرتبين في السلمين 10 و11، وتكليف البعض منهم أيضا ممن لهم شهادات جامعية عليا، بتسيير مكاتب عدة لا تخلو من أهمية داخل العمالات والملحقات الإدارية، ومكاتب الحريات العامة، ومصالح الشؤون الداخلية بالنيابة، عند الاقتضاء، والشأن نفسه مع مصالح الشؤون الإدارية، نظير مصلحة الأجانب ومكاتب الضبط والجوازات.

و يمارسون كل هذه المهام، بسبب الخصاص المهول في الموارد البشرية بجل الملحقات الإدارية بالإدارة الترابية، كما أن مهام، تتشابه، والمهام التي يقوم بها موظفون سامون بالإدارة الترابية محليا وجهويا ووطنيا، دون أن يستفيدوا من إطار قانوني يؤطرهم، ويحفظ كرامتهم الإدارية وكرامة أسرهم، ويبعد عنهم شبهات الارتشاء والفساد والتسول والحكرة والذل والإقصاء.

لكن أعوان السلطة، الذين يعرفون ” الشاذة والفائدة” حول المواطنين خاصة المتحزبين والنقابيين ونشطاء حقوق الإنسان، استشاطو غضبا لأن وزارة الداخلية تنظر اليهم نظرة دونية حاطة من الكرامة، معتبرا إياهم كائنات بشرية، ليست كباقي الموظفين، عليهم واجبات كثيرة على مدار الساعة، لكن ليست لهم حقوق، ولا يحق لأي كان أن يجهر للدفاع عن حقوق هذه الفئة التي تستغل أيما استغلال في الزمن الانتخابي.

وفي سياق متصل بهذا الموضوع الذي مازلت جهات عليا وطنية تطرحه بقوة على وزارة الداخلية حتى تجد له الحلول المناسبة، فاٍن اعوان السلطة مصممون على تحدي وزارة الداخلية التي لم تبدي أي مشاورات معقولة لتحسين وضعية اعوان السلطة الاجتماعية.

 وكانت فعاليات برلمانية، قد دعت إلى ضرورة الإسراع في إخراج القانون الأساسي الخاص بهذه الفئة إلى حيز الوجود، هذا القانون الأساسي الذي ظل حبيس رفوف وزارة الداخلية، مشيرة إلى أن أعوان السلطة بالمجال الحضري و القروي "بنيت على أكتافهم وزارة الداخلية" حيث عانوا لعقود من تهميش و إقصاء على جميع المستويات، لذا وجب الاستجابة لملفهم المطلبي خاصة إخراج القانون الأساسي الخاص بهم إلى حيز الوجود، ثم الإدماج في الوظيفة العمومية و الزيادة في التعويضات  و الاستفادة التفضيلية من السكن . مضيفة أنه بالرغم من الدور السياسي والإداري الحساس الذي يلعبه أعوان السلطة بالمغرب، فإنهم لا يجازون على أعمالهم الجبارة التي يقومون بها و ذلك بشهادة كل المغاربة .

 

 

 

اخر الأخبار :