ربورتاج: العزلة والتهميش يحولان حياة سكان ود امنان بالحوز الى جحيم….
1723 مشاهدة
الوصول اليه كان مغامرة محفوفة بالمخاطر، والحديث إلى اهله شبيه برواية تعود الى العصور القديمة، لا شيء لديهم من وسائل التكنولوجيا الحديثة، اللهم من غادر المنطقة نحو المدينة، جالبا منها بضعا من تلك الوسائل.
دوار امنان بمنطقة تاشديرت التي تقع بين أعالي اقليم الحوز، كان وجهتنا، حين اشتد الطوفان الأخير، وحاصرت الأمطار كل الدواوير المتشتتة على سفوح وقواعد جبال الحوز، حيث ان الوصول اليه، كان شبه مغامرة قد تؤدي بالتهلكة لكل من قصد ذاك المكان.
جريدة مراكش الإخبارية، انتقلت الى عين المكان، لتنقل لكم بضعا من معاناة سكان واهل تاشديرت، عل المسؤولين يرأفون لحالهم، وعل الجمعويون يلتفتون إليهم، عوض التباهي بصور لأعمال فارغة من الحس الجمعوي، وذلك عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الإجتماعي.
ومراكش الإخبارية عبر صفحتها هاته تسرد إليكم سفرها نحو تاشديرت الذي كان رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث صادفت الجريدة في طريقها قنطرة قد تأخذ روحك عوض ان تقلك الى الضفة الأخرى، ومدرسة بدون اسوار، ومصحة بدون طبيب او ممرضة، لتصير مجرد بناية خالية لا تسمن ولا تغني من جوع.
طريق الموت
على بعد كيلومترات من منتج امليل السياحي، يتواجد دوار واد امنان، منطقة سياحية بامتياز، لكن استغلالها سياحيا، يحتاج الى الكثير، والى التفاتة مهمة من المسؤولين والقائمين على شؤون المنطقة.
ويقع واد امنان بمنطقة تاشديرت التي تعاني من عزلة حادة، فالبكاد تم ربطها بالكهرباء، وبطريق معبدة، وذلك بعد سنوات من الحاح بعض الفعاليات الجمعوية بواد امنان، على ربط المنطقة بالماء والكهرباء، وطريق تسهل تنقلهم مابين امليل ودواويرهم.
وحسب احد الفاعلين الجمعويين بتاشديرت، فانه ورغم تعبيد الطريق المؤدية الى المنطقة، الا ان العديد من الدواوير لا زالت تعاني من العزلة، وذلك لبعد الطريق الرئيسية عن دواوير المكان، الى جانب صعوبة مرور وسائل النقل منها، وذلك لوعورة المسالك الطرقية بها، حيث يضطر المواطنون لقطع العشرات من الكيلومترات الوعرة من اجل الوصول الى الطريق الرئيسية، مشيا على الاقدام، وذلك لعدم توفر وسائل النقل بالمنطقة، اضافة الى صعوبة استعمال تلك المسالك التي قد تعرض حياة المواطنين الى الخطر ذهابا او ايابا.
ويضيف نفس المتحدث، انه وحتى بعد انشاء الطريق الرئيسية، يعاني اهل تاشديرت من عدم وجود وتوفر وسائل النقل، وبالتالي يجدون انفسهم مجبرين على قطع المزيد من الكيلومترات الاخرى، للوصول الى منطقة امليل حيث تتواجد وسائل النقل، وهي معاناة كبيرة تتحملها ساكنة تاشديرت بشكل يومي، خصوصا الذين ترتبط حياتهم بادوية ينبغي اقتناؤها بشكل يومي من الصيدليات، او الذين يشتغلون باماكن اخرى، او اولئك الذين يودون استعمال الهاتف لانعدام الشبكة بتاشديرت.
الشبكة والانترنيت حلم مؤجل ليوم غير معلوم
من الواضح ان اهل تاشديرت كتب عليهم التهميش والعزلة الى أجل غير معلوم، وان استعمال الهاتف وشبكة الانترنيت حلم مؤجل لميعاد لم ولن يحل ابدا، امام التماطل الكبير الذي يعرفه مشروع تزويد المنطقة بشبكة الاتصالات والانترنيت.
وحسب احد المواطنين بتاشديرت، فبعد سنوات من الانتظار، تم الافراج عن مشروع تزويد المنطقة شبكة الاتصالات والانترنيت، ينصدم السكان بتعثر المشروع، وذلك لسبب الشركة المكلفة بالاتصالات.
وفي هذا السياق، يقول نفس المتحدث في تصريح له لجريدة مراكش الإخبارية، ان الشركة التي ظفرت بصفقة تجهيز مكان اطلاق الشبكة "الريزو"، قامت بما اوكل اليها في الوقت المتفق عليه، حيث وضعت الحجر الاساس لذاك المشروع، واعدت المكان الذي ستطلق منه الشبكة، حيث يتواجد واحد منها بالقرب من واد امنان، والاخر بالنقطة التي تتواجد ما بين منتجع امليل السياحي ومنطقة تاشديرت، الا ان الشركة المكلفة باطلاق الشبكة، لم تباشر بعد أشغالها، حيث ان المسؤول عنها اكتفى بزيارة المكان منذ ما يزيد عن 4 اشهر، دون ان يعود اليه بعدها، مما حال دون تحقيق حلم ساكنة تاشديرت، في حصولها على خدمة الاتصالات كحق ينبغي ان تتمتع به كغيرها من المغاربة، وخاصة ان الهاتف والانترنيت بات يلعب دورا مهما في حياة الانسان.
تلاعبات في مشاريع صرفت من أجلها الملايين
أكدت مصادر خاصة لجريدة مراكش الإخبارية، ان هناك مشاريع خصصت لها ميزانية مهمة من طرف المجالس المختصة، الا ان هناك تلاعبات خطيرة حالت دون تحقيق تلك المشاريع على الوجه المطلوب.
وفي هذا السياق، اشارت مصادرنا، إلى ان مشروع قنطرة بواد امنان عرف تجاوزات خطيرة، ولم يتم انشاؤه وفق المتفق عليه، حيث ان اشغاله لم تنتهي بعد رغم مرور الأجل المتفق عليه، هذا الى جانب كون القنطرة لم تنجز بالشكل الذي يتطلبه مرور العربات والمواطنين، إذ ان الامطار الاخيرة التي شهدتها المنطقة مؤخرا كانت كافية على اغراق القنطرة التي لم تنتهي اشغالها بعد هذا ناهيك ان كان الامر يتعلق بالفضيان، الذي كثيرا ما تشهده اعالي الحوز في كل شتاء.
ومن جانب آخر، استغرب مصدرنا، من طريقة تفويت العديد من المشاريع التي تشهدها المنطقة، وبالحوز بشكل عام، والتي يتم تفويتها الى شركات خارج تراب المنطقة وجهة مراكش اسفي بشكل عام، حيث ان معظم المشاريع التي تتعلق بالتجهيز والبناء يتم تفويتها لشركة بمدينة اكادير، في حين ان الحوز والجهة يعجان بالشركات المختصة في ذاك الميدان.
مدرسة تهدد حياة التلاميذ
المدرسة، المكان الذي ينبغي ان يكون اكثر الامكنة امانا لتلاميذ من اجل تلقي العلم في ظروف مناسبة، من الواضح انها ليست سوى حلم بالنسبة لتلامذة وساكنة تاشديرت، الذين وجدوا أنفسهم امام اطلال مدرسة، بعد انهيار سورها، وتصدع جدرانها، وتشقق اسقفها.
وحسب تصريح تلميذة بواد امنان، فإن دخولها الى قسم مدرستها صار بالنسبة اليها مغامرة قد لا تنجو منها، خاصة امام كمية الامطار التي تشهدها المنطقة مع كل فصل شتاء والبنية المهترئة لمدرستها، حيث اضافت التلميذة فاطمة الزهراء، على انها ومعظم زميلاتها وبقية التلاميذ في قسمها، يجتمعون وسط القسم، مخافة انهيار الجدران، هذا الى جانب كونهم يعيشون رعبا حقيقيا، مع نزول كل حبة مطر، حيث تأمرهم استاذتهم على مغادرة القسم، رغم عدم اتمام دروسهم، مما يجعلهم يضيعون الكثير من زمنهم المدرسي بسبب اقسامهم التي تهدد بالانهيار في كل لحظة.
مواطنون: الجريحة دات لينا كلشي وبغاونا نصاوبو المدرسة من جيوبنا…
"الجريحة دات لينا كلشي، ابغاونا نصاوبو المدرسة من جيوبنا …..محشوماش عليهم… نكني نكا غير الفقرا، ارنتصوار غير طرف نوغروم، ارنزدار انعدل اكدار لمدرسة"، عبارة مرفوقة بالدموع رددها احد سكان تاشديرت في تصريح له لجريدة مراكش الاخبارية، وذلك على خلفية اجتماع نظمته جمعية بواد امنان مع السكان، من اجل التوصل الى حل لانقاذ مستقبل ابناء المنطقة من الهدر المدرسي الذي صار شبحا يهددهم بفعل انهيار سور المدرسة الوحيدة التي يحج اليها كل موسم دراسي، العشرات من التلاميذ من مختلف دواوير منطقة تاشديرت.
وقال المواطن المشار اليه اعلاه، ان سوء احوال الطقس التي عرفتها تاشديرت مؤخرا، تسببت في هلاك غلة التفاح وجوز الهند الذي يعتمد عليه سكان المنطقة كأساس في معيشتهم، وبالتالي، فمطالبتهم بالمساهمة في بناء المدرسة، بالنسبة إليهم شيء يفوق طاقتهم، اذ ان الكثير من الاسر بالكاد توفر قوتها اليومي بسبب اللعنة التي حلت عليهم بفعل التساقطات المطرية التي جرفت غلة اشجارهم.
واقترح حل مساهمة الاسر في بناء سور المدرسة وتدعيم جدرانها واسقفها، بعد ان امتنعت الجهات المسؤولة في التدخل وانقاذ ما يمكن انقاذه في تلك البناية المتهالكة، حيث وبالرغم من كون العديد من الفعاليات الجمعوية وجهت عدة طلبات للمجلس المنتخب، الا ان الاخير لم يسجل اي تدخل، رغم ان الأمر قد يتسبب في حدوث كارثة قد تعرض حياة ومستقبل هؤلاء التلاميذ للخطر.
ممرضة شبح بمستوصف واد امنان
مستوصف شبه خالي من الأطر الطبية طيلة ايام الاسبوع، هذا هو حال المستوصف المتواجد بمنطقة تاشديرت على مستوى واد امنان، حيث قلما يتم تسجيل حضور الممرضة المسؤولة به، والتي قد تأتي في بداية الأسبوع، لتتغيب عن المستوصف ابتداء من يوم الخميس.
وحسب احد سكان واد امنان، فان ممرضة المستوصف تتغيب كثيرا عن مهامها، رغم ان اهل المنطقة في امس الحاجة للاطر الطبية، وذلك لاصابتهم بالكثير من الامراض المرتبطة ببرودة الطقس، مما يجعلهم مضطرين الى التنقل الى مستشفيات اخرى، وبالتالي مضاعفة معاناة مرضى المنطقة.
واضاف نفس المتحدث، أنه وبالرغم من الشكايات المقدمة ضد هاته الممرضة، الا انها لا زالت تتعنت في الغياب، وكأن اياد خفية تحميها، لتشتغل يومين الى ثلاثة ايام في الاسبوع، أما في فصل الشتاء، فقد لا تلتحق ابدا بمكان عملها، مما يجعلها مجرد موظفة شبح تتقاضى اموالا عن مهام لا تقوم بها.
وفي هذا السياق، فقد وقفت جريدة مراكش الاخبارية على غياب هاته الممرضة عن مرفقها، وسط الاسبوع، مما جعل العديد من النساء يعدن ادراجهن رغم ان ذاك اليوم تزامن مع موعد تلقيح رضعهن.
المرضى هم من يتنقلون الى سيارة الإسعاف
كلما تعمقت في امور تاشديرت، كلما اكتشفت الكثير من الأشياء الغريبة، والتي لن تخطر لك في بالك، والحال هنا يتعلق بسيارة الاسعاف، فعوض ان تنتقل عند المرضى لنقلهم الى المستعجلات القريبة، انقلبت الاية ليصير العكس.
وفي هذا السياق، صرح احد سكان تاشديرت لجريدة مراكش الاخبارية، ان المرضى يضطرون الى التنقل الى حيث تتواجد سيارة الاسعاف، وذلك لعدة اسباب اولها، انعدام شبكة الاتصالات، مما يقطع الاتصال بالاسعاف، اضافة الى وعورة المسالك الطرقية بالمكان.
وحسب نفس المتحدث، فسيارة الاسعاف، تتواجد على مستوى دوار واد امنان، في حين ان هناك العديد من الدواوير الاخرى تتبتعد عن المكان المذكور بالعشرات من الكيلومترات، وهو ما يشكل مأساة كبرى للساكنة.
ومن جانب آخر، فقد اشارت مصادرنا، الى ان احدى الجمعيات تتكفل بصيانة سيارة الاسعاف التي تم توفيرها مؤخرا للمنطقة، الا انه قلما يتم استعمالها، وذلك لعدة اسباب ذكرناها سالفا.