مكتب الضبط!

توجهت اليوم، وأنا المواطن البسيط المقتنع بأهمية المشاركة المواطنة، إلى مكتب الضبط بجماعة تمصلوحت، حاملا في يدي مراسلة تعكس قناعتي الراسخة بحقوقي الدستورية، وخاصة الحق في الحصول على المعلومة. دستور 2011، لمن لا يزال يتذكره، كرس هذه المبادئ العظيمة، لكن يبدو أن بعض الإدارات لا تزال تعمل وفق « دستور » آخر، لم يطلع عليه سوى بعض المسؤولين.
ما إن وضعت قدمي داخل مكتب الضبط حتى فوجئت بأن الموظف المسؤول يطلب مني التوجه إلى مدير المصالح، دون أي توضيح لسبب هذا الإجراء غير المعتاد.. وبما أنني جئت فقط لتسجيل مراسلة، وهو إجراء إداري روتيني لا يحتاج إلى تأشيرة من مجلس الأمن الدولي، فقد استغربت هذا السؤال. لكن المفاجأة الأكبر كانت عندما أخبرني هذا المسؤول أن عليّ التوجه إلى مدير المصالح أولًا. لماذا؟ لا أحد يعلم!
وبالفعل، امتثلت لهذا الطقس الإداري الغريب وتوجهت إلى السيد مدير المصالح، الذي استقبلني بابتسامة ودية مقرونة بعبارة سحرية: « انتظر قليلا حتى أتصل برئيس المجلس للتأكد من قبول المراسلة أو رفضها ». هنا توقفت للحظة، محاولا استيعاب هذه القاعدة الإدارية الجديدة: المراسلات تمر أولا عبر بوابة « القبول » قبل تسجيلها، وكأننا لسنا في إدارة عمومية بل أمام بواب « فيلا » خاصة يقرر من يدخل ومن يمنع!
موضوع المراسلة كان واضحا: قرار هدم السوق الأسبوعي في تمصلوحت وتحويله إلى مكان بعيد، رغم أن تكلفته الأصلية بلغت حوالي 800 مليون سنتيم. لكن بدل أن تناقش هذه المسألة بجدية خصوصا اقترحت فيها حلا يمكن في رأي ان يساعد المجلس وفق فلسفة الديمقراطية التشاركية، وجدت نفسي أمام مسلسل إداري طويل، أشبه بمسرحية بيروقراطية عبثية.
بعد رفض تسلم المراسلة، لم أستسلم كعادتي، بل توجهت إلى مكتب البريد لإرسالها على نفقتي الخاصة، بتكلفة بلغت 40 درهما، لأتمكن من إيصالها إلى الجهة المعنية. يا للمفارقة! أكتب مراسلة لتنبيه رئيس الجماعة من تبديد المال العام، فأجد نفسي مضطرا لدفع مالي الخاص من أجل إيصالها!
يبدو أن بعض المسؤولين لم يستوعبوا بعد أن مكتب الضبط ليس مكانا لـ »انتقاء » المراسلات، بل هو فضاء تسجل فيه الطلبات والمراسلات وفق القانون، لا وفق مزاج رئيس المجلس أو تعليماته الهاتفية (ممنحقوش يسول ولا يعرف هو معندوش الصفة هو غير مواطن). فإلى متى ستظل بعض الإدارات تستهين بحقوق المواطنين، وتحول أبسط الإجراءات إلى مغامرات بيروقراطية مضحكة – مبكية؟