وصف وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الموسم الفلاحي الحالي بالمتغير لكونه تميز بأمطار مبكرة شملت جل مناطق المملكة خلال شهر أكتوبر تلتها فترة عجز امتدت من نونبر إلى فبراير مع تباين واضح بين المناطق، وتسببت في محدودية المساحات المزروعة من الحبوب الخريفية التي لم تتجاوز 3.2 مليون هكتار.
وأكد احمد البواري، في جواب على أسئلة تقدم بها نواب برلمانيون حول “تقدم الموسم الفلاحي الحالي”، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أن الوضعية المطرية تحسنت ابتداء من شهر مارس بفضل التساقطات الهامة والثلوج التي كان لها وقع إيجابي على الوضع الفلاحي في مختلف مناطق المملكة، حيث بلغت التساقطات المطرية إلى غاية 29 أبريل 2025 حوالي 295 ميليمتر أي بانخفاض قدره 20 بالمائة مقارنة مع معدل سنة عادية في 30 سنة، وبارتفاع 15 بالمائة مقارنة مع الموسم الفلاحي الفارط.
وأضاف الوزير أن حقينة السدود الموجهة لأغراض فلاحية بلغت 5.31 مليار متر مكعب مقابل 4.38 مليار متر مكعب خلال الموسم الماضي، أي ما يمثل نسبة ملء تناهز 38 بالمائة مقابل 31 بالمائة، وهو ما شكل هذا العام بوادر خير للفلاحين أنعشت آمالهم في العودة إلى دورة جديدة من الأعوام الممطرة والخروج من دوامة سنوات الجفاف.
ويضيف “لقد تم في هذا الموسم تسجيل تحسن في وضعية الغطاء النباتي بشكل كبير مما ساهم في الرفع من مردودية أهم الزراعات الخريفية في المناطق الملائمة على وجه الخصوص وإعطاء دفعة قوية للزراعات الربيعية وخصوصا القطاني والحبوب الزيتية، كما ستساهم كثافة الغطاء النباتي في تحسين وضعية القطيع الوطني وإغاثة الماشية المتضررة من توالي سنوات الجفاف”.
وفيما يخص تقدم سير الموسم الفلاحي، فقد تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات أهمها بيع حولي 740 ألف قنطار من البذور المختارة للحبوب الخريفية بزيادة 10 بالمائة مقارنة مع الموسم الفارط ودعم 1.3 مليون قنطار من الأسمدة الأزوطية وبيعها بأسعار منخفضة لفائدة 78 ألف مستفيد، كما بلغت المساحة المؤمنة من الحبوب والقطاني والزراعات الزيتية حوالي 661 ألف هكتار من أصل 1 مليون هكتار المبرمجة.
وتترجم هذه التدابير، حسب قول الوزير، مدى الحرص على مواكبة الفلاحين ودعمهم والوقوف إلى جانبهم، خاصة في ظل الظروف المناخية الصعبة التي أصبحت تفرض اتخاذ إجراءات هيكلية لدعم أداء القطاع الفلاحي وإعادة تحفيز التشغيل الفلاحي، مما سينعكس إيجابا على وضعية الأسر بالعالم القروي.
وأفاد البواري أن نجاعة التدابير المتخذة لمواكبة الموسم الفلاحي وبفضل التساقطات المطرية الأخيرة، تمكن من تسجيل بوادر موسم فلاحي إيجابي مقارنة بالسنوات السابقة، حيث من المتوقع أن يصل محصول الحبوب الرئيسية هذه السنة 44 مليون قنطار بزيادة قدرها 41 بالمائة مقارنة مع الموسم السابق. هذه التوقعات تترجم صلابة ومناعة القطاع الفلاحي ومثابرة الفلاحين ومختلف الفاعلين في القطاع.
وصرح الوزير أن مساحة الزراعات الخريفية الكبرى بلغت 11.3 مليون هكتار منها 10 بالمائة مسقية موزعة على 2.6 مليون هكتار من الحبوب وحوالي 400 ألف هكتار الزراعات الكلئية و100 ألف هكتار من القطاني، أما فيما يخص الزراعات الربيعية فقد بلغت المساحة المزروعة حوالي 158 ألف هكتار منها الحمص 35 بالمائة الذرة 47 بالمائة نوار الشمس 13 بالمائة اللوبيا الجافة 5 بالمائة.
وحققت الزراعات السكرية قفزة نوعية بالنظر للوضعية المائية في بداية الموسم حيث بلغت المساحة المزروعة بين الشمندر السكري أزيد من 35 ألف هكتار أي 75 بالمائة من المساحة المبرمجة، كما تم غرس 1155 هكتار من القصب السكري.
أما الخضراوات فقد تم إنجاز 91 بالمائة من البرنامج المسطر للخضراوات الخريفية أي حوالي 97 ألف هكتار، وبلغت المساحة المنجزة من الخضراوات الشتوية 65 ألف هكتار أي حوالي 90 بالمائة من البرنامج المسطر، أما الخضراوات الربيعية فقد ساعدت الظروف المناخية في تسريع البرنامج لحد الآن تم إنجاز 49 بالمائة بين 15 مارس و15 يونيو، أي حوالي 35 ألف هكتار.
وقد مكن تنفيذ البرنامج من طرف مصالح الوزارة والتزام الفلاحين رغم الصعوبات المتعلقة بالوضعية المائية من إنتاج كميات كافية من مختلف الخضراوات لتغطية احتياجات الاستهلاك الداخلي.
أما الحالة النباتية للورديات والأشجار المثمرة عموما تبقى واعدة وتبشر بموسم جيد خلال العام المقبل، كالزيتون والحوامض والنخيل.
أما بالنسبة للإنتاج الحيواني، وبالنظر لسنوات الجفاف المتتالية التي عرفتها المملكة التي كان لها تأثير كبير على القطيع الوطني بجميع أصنافه، فقد وضعت الوزارة برنامجا استعجاليا طموحا مبني على عدة محاور متكاملة وشاملة من أجل ضمان استمرار تزويد الأسواق مع العمل على إعادة هيكلة القطيع للعودة إلى المستويات الكفيلة بتغطية الحاجيات الوطنية من اللحوم.
وأكد البواري أن القرار الملكي السامي الداعي لعدم القيام بشعيرة ذبح الأضاحي كان له الأثر الإيجابي على استقرار أسواق الماشية واللحوم مما سيسمح بتخفيف الضغط على القطيع الوطني خلال السنوات المقبلة.
وعلى الرغم من تحسن الظروف المناخية لا يزال قطاع المواشي في حاجة إلى الدعم والمواكبة لتحقيق أهداف العودة للسيادة الغذائية في قطاع اللحوم الحمراء، لهذا تواصل الوزارة تنزيل برامج دعم القطاع وتعمل الحكومة على برنامج خاص يمتد لثلاث سنوات يرتكز على مشاريع تضامنية موجهة لتطوير تربية المواشي حيث تم الإعداد والمصادقة على 65 مشروع للفلاحة التضامنية تشمل جميع الجهات يستفيد منها أكثر من 25 ألف مستفيد باستثمار إجمالي يناهز 490 مليون درهم.
وأكد الوزير أن الأداء الجيد لمختلف سلاسل الإنتاج وارتفاع إنتاج الحبوب وتحسن المراعي سينعكس بتحقيق نسبة نمو إيجابي من المتوقع أن يبلغ 5.1 بالمائة مقابل ناقص 4.8 خلال الموسم الفارط، كما أنه يبشر باستعادة دينامية التشغيل بالقطاع الفلاحي المتأثرة جراء توالي سنوات الجفاف، مؤكدين بذلك قدرة الصمود بالقطاع التي تم بناؤها على مدى سنوات من خلال تنزيل مختلف الاستراتيجيات الفلاحية.
