البيجيدي يتأقلم مع المشهد السياسي الاستراتيجي

2016 مشاهدة

البيجيدي يتأقلم مع المشهد السياسي الاستراتيجي

زيارة الوفد الامريكي الاسرائيلي.. وسر تحول حزب العدالة والتنمية بالدرجة 180…!
اثار حضور مسؤولين ينتمون لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الاسلامي، مراسم استقبال الوفد الأمريكي الاسرائيلي المشترك بالمطار، في شخص عمدة الرباط وكذا توقيع أمينه العام بصفته رئيسا للحكومة، على عدد من الاتفاقيات مع الوفد، اثار ردود فعل مختلفة حيث ذهب المحللون مذاهب شتى في تفسير موقف الحزب، من الجلوس على مائدة واحدة مع وفد يضم اسرائيليين، فهناك من راى أن الحزب تراجع عن مواقفه المبدئية كحزب ذي توجهات قومجية، من القضايا العربية عموما وقضية فلسطين خصوصا، وهو الذي طالما دغدغ عواطف المغاربة بشعاراته المغرقة في المثالية، للوصول إلى سدة الحكم وعندما وصل وذاق طعم السلطة، تعرض لعملية التدجين وبالتالي راجع مواقفه تجاه عدد من القضايا، ما يعني انه تحول الى حزب براغماتي رأى من الحكمة، الابتعاد عن استغلال المقدس المشترك لجميع المغاربة، واختار ممارسة السياسة بعيدا عن اقحام الدين واستغلاله، وبالتالي اصبح حزبا عاديا لا يختلف عن بقية الاحزاب الوطنية.
واذا كان الامر كذلك فانه ينسجم مع الفطرة السليمة للمجتمع المغربي المسلم، اذ لا مجال للمزايدة كون هذا أكثر تدينا من الاخر « ولا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى »، فالدين لله والوطن للجميع.
انه وجه من اوجه الاستثناء المغربي وان تحول الحزب ب180درجة، عن بعض مواقفه السابقة امرطبيعي وليس غريبا، فالتربة المغربية يصدق في حقها قوله تعالى « والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الانكدا »، فهي لا تنبت إلا طاهرا وطبيعة المغاربة اعتدالية وسطية لا تهضم المذاهب المتطرفة سواء كانت يمينية محافظة اويسارية ثورية.
بالعودة إلى التاريخ ينتفي كل استغراب في هذا الباب، اذ كل المذاهب التي وفدت على المغرب من المشرق خلال العصور السالفة، اتخذت في النهاية طابعا مغربيا وتم تدجينها من قبل المغاربة، فالسلفية المغربية غير سلفية المشرق فهي تمتاز بكونها سلفية وطنية، تم تسخيرها لمحاربة الاستعمار وأعطت قادة وطنيين من حجم علال الفاسي والشيخ المكي الناصري والمختار السوسي وسيدي عبد الله كنون وغيرهم، من الذين ابلوا البلاء الحسن في مقاومة الاستعمار، بينما سلفية المشرق لم تكن وطنية بل انها تواطات مع الاستعمار.
ان موقف حزب العدالة والتنمية من عملية إعادة العلاقات مع اسرائيل، جاء نتيجة ممارسته لتدبير الشان العام لسنوات ولفهمه أن الملكية المغربية ملكية وطنية مواطنة، تستند في رؤيتها للامور إلى التاريخ لاستشراف المستقبل، كما انها تمتلك من عناصر التحليل للرؤى والابعاد الاستراتيجة، ما لا يملكه غيرها وذلك هو سر قوة المغرب عبر التاريخ وهي منحة ونعمة ربانية ولكل ذي نعمة حسود كما يقال.

اخر الأخبار :