مراكش تستغيث…فمن يغيث⁉ الجزء 2
1041 مشاهدة
مراكش تستغيث..فهل من مغيث…؟! (2)
تحدثت في مقالة سابقة عن معاناة مدينة مراكش، كمدينة سياحية بامتياز يعتمد معظم ساكنتها في عيشهم اليومي، على ماتدره هذه المهنةعلى القطاعات التي لها ارتباط بالسياحة.
واذا كنت قد تحدثت في التدوينة السابقة عن الآثار السلبية لجائحة كورونا، على قطاعات معينة كوكالات الاسفار والفنادق والرياضات، التي تعاني الامرين جراء هجران السياح الاضطراري لها، وفشل الحكومة في تدبير الازمة، فإن هناك قطاعات مماثلة لها ارتباط بالسياحة تعاني من نفس الآثار، ياتي في مقدمتها بطبيعة الحال قطاع الصناعة التقليدية، الذي يعرف كسادا مخيفا لنفس الأسباب، انعكست اثاره السلبية على الأوضاع الاجتماعية لفئة عريضة من الحرفيين، الذين يشتغلون في هذا المجال ويعيشون مما تدره عليهم تجارة المصنوعات التقليدية.
وحيث أن مراكش تعتبر قبلة سياحية بامتياز وتحظى بالنصيب الاوفر من السياح عن غيرها من المدن، فقد عرفت في السنين الاخيرة رواجا ملحوظا في هذا النوع من التجارة، مما شجع عددا من الحرفيين على الهجرة الجماعية، إلى المدينة الذين وفدوا عليها من مختلف المدن التي تتميز منتوجاتها التقليدية بالجودة، كفاس واسفي وغيرهما من المدن التي تمتاز بالمصنوعات الجلدية والخزفية، حيث أستثمروا اموالا مهمة في هذا القطاع، كما اشتروا اواكتروا عددا من المحلات التجارية والبازارات، علما ان هذا القطاع يستوعب نسبة هامة من اليد العاملة، اما مباشرة اوغير مباشرة تعيش اليوم بطالة حقيقية، الأمر الذي يتطلب دعما استعجاليا لها وكذا إعطاءها الأوكسوجين الضروري لاستمرار حياتها والحفاظ على كرامتها في نفس الوقت.
كما انه لايجب اغفال فئة اجتماعية تعيش اوضاعا هشة، اضحت اليوم تستوجب الالتفات اليها، ويتعلق الأمر بالاشخاص الذين يعتمدون في معيشهم اليومي على ممارسة فن الحلقة بجامع "لفنا"، فهذه الفئة تعيش حاليا أوضاعا مزرية، بعد ان أصبحت ساحة جامع لفنا تشكو فراغا وهجرانا لمرتاديها التقليديين، بفعل الحجر الصحي من جهة وهاجس الخوف من انتقال العدوى الذي غالبا ما يكون السبب فيه هو الاختلاط من جهة ثانية.
وأخيرا هناك فئة أخرى تعيش منذ مارس الماضي بطالة فعلية، هي فئة أصحاب العربات التي تجرها الخيول "الكوتشيات"، حيث تعتبر هذه المهنة التقليدية والارستقراطية في نفس الوقت، مصدر رزق لعدد من المواطنين الذين يمارسون هذه المهنة التي يفوق عدد الخيول المسخرة لها أزيد من 500 فرس اضطر معظم مالكيهم إلى بيعها، نظرا لما يكلفهم علفها من مصاريف لا طاقة لهم على توفيره في هذه الظروف.
جملة القول فانه أن كانت هناك عدد من المدن السياحية المغربية تعيش عموما اوضاعا مماثلة، فان مدينة مراكش تعتبر الأكثر تضررا لانها تعيش بالأساس على السياحة دون غيرها، وهو ما يستدعي التفكير مستقبلا في ايجاد بدائل أخرى تلائم موقعها الجغرافي، كمدينة تحسب على قطب الجنوب وتلائم كذلك بيئتها الطبيعية للحفاظ على خصوصيتها الايكولوجية الخالية من التلوث الصناعي مما يستهوي أنصار البيئة للقيام بزيارتها.