
قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة مَحمد عبد النباوي إن تطبيق الاعتقال الاحتياطي يتطلب المحافظة على الموازنة بين متطلبات حماية حقوق وحريات الأفراد المشتبه فيهم والمتهمين من جهة، وضرورات مكافحة الجريمة وحماية النظام العام وضمان أمن وسلامة المجتمع من جهة أخرى.
وأشار في الكلمة التي ألقاها بمناسبة ندوة علمية حول موضوع "الخطأ القضائي في مجال الاعتقال الاحتياطي"، نظمتها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية الخميس 12 دجنبر 2019 بمدينة مراكش، إلى انه "إذا كانت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تحمي حرية الأشخاص، فإنها في نفس الوقت أباحت للقانون الحد منها وتأطيرها"، ذلك من أجل الحفاض على النظام العام.
وأورد في ذات السياق أن الدستور المغربي مضى على هَدْيِ المواثيق الدولية، مشيرا إلى "الفصل 23 منه المقتضيات الواردة في المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية"، وأسند للقانون تحديد أسباب وشروط إلقاء القبض والاعتقال والمتابعة الجنائية للأشخاص.
وقال: "استفاض القانون في تحديد هذه الشروط والأسباب في التشريعات الجنائية وقانون المسطرة الجنائية على الخصوص. وقد أسند للنيابة العامة ولقضاة التحقيق سلطة تقدير الاعتقال الاحتياطي، وللمحاكم سلطة النطق بالعقوبات، بما فيها السالبة من الحرية". ولذلك فإن أعضاء النيابة العامة وقضاة التحقيق– يقول عبد النبوي – يوجدون على علاقة مستمرة مع تدبير موضوع سلب الحرية الشخصية، عن طريق الأمر تدبير الاعتقال الاحتياطي.
وقال مسترسلا في حديثه عن الإعتقال الإحتياطي أن الخطأ يضل واردا "في سائر الإجراءات وعبر كل مراحل الدعوى القضائية. وهو ما دعا الدستور المغربي إلى إقرار مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، وتخويل المتضرر الحق في الحصول على تعويض بشأنه".
في ذات الكلمة شدد عبد النبوي على أن "رئاسة النيابة العامة، تضع ترشيد الاعتقال الاحتياطي ضمن أولويات السياسة الجنائية". وأضاف مستدركا "غير أن هناك العديد من الأسباب التي تحول دون عقلنته وضبط حالات اللجوء إليه. وهي أسباب ترتبط في جزء كبير منها بالخيارات القانونية للسياسة الجنائية التي تتجلى في محدودية بدائل الاعتقال بالنسبة للنيابة العامة". موردا أن هذه الأخيرة لا تتوفر من البدائل إلا على الكفالة المالية أو الشخصية.
وفي ختام كلمته أورد قائلا: "أن تقدير سلامة قرار النيابة العامة بالاعتقال الاحتياطي، لا يرتبط بمآل الحكم الصادر عن المعتقل بالبراءة، ما دام أن قرار الاعتقال تم وفقا للضوابط القانونية المنظمة له". موضحا "أنه لئن كانت النيابة العامة مسؤولة عن التقيد بالضوابط القانونية التي تؤطر سلطتها في الاعتقال، فإن نقاشاً طرح حول مدى إمكانية إثارة مسؤولية الدولة عن أعمال قضاتها، في الحالة التي ينتهي فيها الاعتقال بحكم بالبراءة". مؤكدا على "أن تقييم قرار النيابة العامة بالاعتقال لا يرتبط بمآل الدعوى. لأنه يتم لأسباب أخرى، ليست كلها تتعلق بقيمة وسائل الإثبات المتوفرة في الدعوى، كانعدام ضمانات الحضور والخطورة على النظام العام أو على سلامة الأشخاص أو الأموال"
![]()







