أمام أعين السلطات… تفشي البناء العشوائي واحتلال الملك العام….. بالعزوزية
1715 مشاهدة
تحتل قضية التعمير محور اهتمام مشرعي كل دول العالم، إذ أنها تمس بالحضارة والبناء الذي وصفه ابن خلدون في كتابه المقدمة بأنه " أول صنائع العمران الحضري وأقدمها "؛
فمجال السكنى والتعمير يطرح عدة مشاكل على أرض الواقع بحكم ارتباطهما المباشر بالحاجيات اليومية والأساسية للسكان، وبالتحولات التي يعرفها المجتمع، وبالنظر إلى أهمية هذا المجال الحيوي ودوره في توفير السكينة والراحة للمواطن.
فالدولة تتدخل لوضع أسس عمرانية وقانونية ألزمت مراعاة قواعدها، وذلك بسبب النمو الديمغرافي الكبير الذي شهده المغرب وتنامي ظاهرة الهجرة القروية نحو المدن، وذلك بشكل واكبه انتشار التجزئات العشوائية والبناء الغير القانوني، مما خلف واقعا عمرانيا مشوها أفرز مشاكل لا حصر لها على عدة مستويات وأخل بشروط ومتطلبات التنمية العمرانية المتوازنة.
ولمواجهة هذا الوضع كان لا مناص من إصدار قانون للحد من الأفعال المخلة بقانون التعمير والبناء، فقواعد التعمير لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا تمت حمايتها برقابة فعالة وتدابير زجرية لتفادي كل المخالفات قبل وقوعها، فإعداد وتنظيم قطاع التعمير بكامله يتم باحترام رخصة البناء والتجزئ الشيء الذي يساهم بشكل كبير في عملية تنمية وتنظيم المدينة.
وفي هذا السياق، نتناول في مقالنا هذا، قضية البناء العشوائي وظاهرة احتلال الملك العام والفوضى الخطيرة التي تعيش على وقعها منطقة العزوزية بمقاطعة المنارة مراكش، فوضى عارمة تؤرق البعض، ويتساهل معها البعض الآخر، في حين استغلها آخرون من أجل الاغتناء….
منطقة العزوزية…. نقطة سوداء
تعد منطقة العزوزية التابعة للملحقة الإدارية سيدي غانم بمقاطعة المنارة، من النقط السوداء بعاصمة النخيل، وذلك نظرا لما تعرفه من مشاكل واختلالات بنيوية تراكمت على مدى سنوات، إذ رغم أنها تضم عددا هاما من السكان، يتجاوز عددهم 40 ألف نسمة، إلا أنها مازالت تعاني من ضعف البنيات التحتية وغياب المرافق العمومية، وضعف وسائل النقل، إضافة إلى عدم تنفيذ برنامج إعادة هيكلة الدواوير المجاورة وغيرها من المشاكل التي تؤرق سكان المنطقة.
من الصعب حصر المشاكل التي يتخبط فيها سكان الملحقة الإدارية لسيدي غانم، وخاصة منطقة العزوزية، التي رغم أنها تحتضن عددا هاما من سكان مراكش والمرافق، إلا أن المسؤولين أرادوا أن تبقى الأمور على حالها، في الوقت الذي أصبح هناك وعي اجتماعي في صفوف السكان، من خلال إحداث عدد لا بأس به من جمعيات المجتمع المدني التي ما فتئت تعمل جاهدة على أن ينعم سكان العزوزية بقليل من الكرامة.
تفشي البناء غير المرخص بالعزوزية
البناء العشوائي أو غير المرخص، ظاهرة انتشرت بشكل كبير بمنطقة العزوزية، وذلك بشكل يخالف القانون ويفضح تواطؤ السلطات في هذا الباب.
فالعديد من التجزئات السكنية تغيرت معالمها، بعد أن عمد العديد من المواطنين الى التغيير من واجهات منزلهم، وذلك إما بفتح "كراجات" بها، أو الاستيلاء على الفضاءات الخضراء التي كانت مخصصة لها، أو بتمديد شرفات شقق سكنية، بل والى فتح أبواب جديدة بعمارات سكنية.
كل ذلك يحصل أمام مرأى السلطات بالمنطقة التي لم يسبق لها وان تحركت في هذا الباب، تاركة اياه مفتوحا على مصراعيه، وكأنما هناك تواطؤ منها مع من يرتكب تلك المخالفات.
التجزئات التي تم فيها تعويض بعض الاسر التي تم ترحيلها الى العزوزية، تضم تصاميم تهيئة بها مساحة 3 أمتار تم تخصيصها كفضاء أخضر أمام كل منزل، إلا أن العديد من المستفيدين لم يحترموا تلك المساحة، بل وأجهزوا عليها، مستغلينها كمساحة إضافية في منازلهم، أو في محلاتهم التجارية التي تم فتحها في ظروف مشبوهة على مستوى عدد من المنازل.
احتلال الملك العام…. أم الكوارث بالعزوزية
عرفت منطقة العزوزية التابعة لمقاطعة المنارة مراكش، مؤخرا توسعا عمرانيا مهما، رافقه افتتاح مجموعة من المحلات التجارية، خاصة المقاهي والمخابز، ومؤسسات التعليم الخصوصي.
منطقة العزوزية التي كانت فيما مضى مجرد امتداد قروي، صارت اليوم محط انظار العديد، وذلك بفضل المشاريع التي منها ما انجز ومنها ما لا يزال في طور الانجاز.
هذا التوسع بمنطقة العزوزية، رافقته عدد من المظاهر، والتي من بينها ظاهرة احتلال الملك العام، التي صارت آفة عجزت السلطات عن ايجاد حل لها رغم الحملات التي تقودها في هذا الصدد بين الفينة والأخرى.
وفي هذا السياق، نقدم نموذج مقهى بأحد أهم الشوارع الرئيسية بمنطقة العزوزية، حيث لم يقتصر على احتلال كل الرصيف، ولا على تحويل حتى المكان المخصص لمرور السيارات والدراجات الى مركن خاص بوسائل نقل زبائنه، بل فقد عمد صاحبه الى استغلال عمود كهربائي منصوب باحدى جنبات الرصيف، وتحويله الى ملكية خاصة، عبر وضع لوحات اشهارية عليه، بل وتحويله الى وسيلة لثتبيت الغطاء الخارجي للمقهى.
والامر هنا لا يتوقف عند هذا المقهى فقط، وانما هناك العديد من النماذج بالعزوزية، من مخابز ومؤسسات للتعليم الخصوصي، بل وحتى بعض المواطنين.
المخابز تزايد اعدادها على غرار المقاهي بالمنطقة، ومعظمها يحتل الملك العام، ولا يترك شبرا لمرور المارة، بل ويتسبب في الازدحام حتى على مستوى الاماكن المخصصة لمرور السيارات والدراجات، وذلك في فوضى تقف أمامها السلطات دون تحريك أي ساكن، اللهم المبادرة التي تم تسجيلها مؤخرا بعد هدم مرآب خاص بصاحب فيلا بأحد أحياء العزوزية، وذلك بعد أن تناوله موقع مراكش 7 ضمن مقالاته السابقة.
ورغم ان السلطات شنت مؤخرا حملات لتحرير الملك العام، الا أنه وللأسف، لم تكن هاته الحملات شاملة، بل شنت ضد البعض واستثنت البعض الآخر، وذلك بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام حول المعايير التي تحددها السلطات لمحاربة هاته الآفة.
أسواق عشوائية تتسبب في اختناق شوارع بالعزوزية….
محيط معظم المساجد بمنطقة العزوزية وما يجاورها من دواوير تحول إلى أماكن يستحيل على الدراجات والسيارات المرور منها، ومن يكاول ذلك، سيلقى عقابا من طرف الباعة الجائلين ومحتلي تلك الأمكنة.
لقد صار المرور ممنوعا على أصحاب السيارات والدراجات في مجموعة من الشوارع بالمنطقة، وذلك لاستيلاء الباعة الجائلين عليها، وخاصة أصحاب العربات المجرورة بالدواب، مما ساهم في تكريس الطابع القروي الذي لن تتخلص منه المنطقة مهما ناشد مسؤولو مراكش العالمية والدولية والسياحة والحفاظ على البيئة.
فالعربات المجرورة بالدواب، والباعة الجائلون يتسببون في أزمة بيئية حقيقية في المكان، فبالإضافة الى انبعاثات وحدات الحي الصناعي الخانقة، يتسبب هؤلاء في انتشار الازبال بسبب ما يخلفونه من بقايا الخضر والفواكه التي يبيعونها بتلك الاسواق العشوائية، بل حتى انتشار دوابهم بين حاويات الازبال، يساهم في نثر النفايات حول الحاويات، وذلك بشكل يصعب من مهام رجال النظافة، مما يصعد من مشاكل البيئة التي تعرفها العزوزية….
وأمام هذا الوضع ينتظر غيورين على هذه المنطقة تدخل السلطات الولائية لتصحيح الأمر، ومعالجة المشاكل والاختلالات التي تعرفها العزوزية، التي ستكون مستقبلا قبلة مهمة، وخاصة مع مشروع المحطة الطرقية التي لا زالت بها الأشغال جارية.