
في تطور صادم قلب موازين الكثير من السرديات المزيفة، كشفت خاصية تحديد الموقع التي فعلها إيلون ماسك على منصة إكس حقيقة حسابات شهيرة ظلت تهاجم المغرب ورموزه وتدّعي أنها مستقلة وناطقة باسم “الشعوب”. الحقيقة كانت أكثر فجاجة: أغلب تلك الحسابات تبث من قطر والجزائر، وليس من دول بعيدة ولا من مواقع محايدة كما كانت تدعي. سقطت الأقنعة، واتضح أن الهجمات لم تكن رأيا حرا، بل حملة منظمة وممولة تستهدف تشويه صورة المغرب وزعزعة ثقته بنفسه في لحظة إقليمية حساسة.
سنوات وهذه الحسابات توزع الاتهامات والمغالطات وتختبئ خلف شعارات مزيفة. كانت تُقنع البعض بأنها “منصات خارجية مستقلة” تنقل الحقيقة، بينما هي في الواقع أدوات دعائية تخدم أجندات إقليمية معروفة بعدائها للمغرب. ومع انكشاف مواقعها الحقيقية، تبين أن الكثيرين داخل المغرب وخارجه وقعوا ضحية هذه المسرحية الإعلامية التي حيكت بإتقان.
وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الحملات تشتغل بلا هوادة، ظل الإعلام العمومي المغربي يتعامل معها ببرود لا يليق بحجم التحديات ولا بمستوى الهجمات. ابتعد عن التجنيد الوطني، وغاب عن أداء وظيفته الطبيعية في الدفاع عن البلاد والتصدي للحملات المعادية. ترك فراغا مريبا استغلته الآلة الدعائية الخارجية لسنوات كي تتغلغل في الراي العام وتبث خطابها السام بلا رقيب.
على النقيض من ذلك، وقف الإعلام الخاص، وخصوصا المقاولات الإعلامية الصغرى، بسلاح محدود وإيمان كبير وجرأة وطنية نادرة، سدا منيعا في وجه هذه الحملات. من دون دعم ولا ميزانيات، لكنها بإرادة وطنية صلبة، استطاعت هذه المنابر أن تكشف الحقائق وتفند الأكاذيب وتفضح الجهات التي تتربص بالمغرب. أدت واجبا وطنيا حقيقيا، وكانت على الخط الاول للدفاع، حين غابت مؤسسات يُفترض أن تقوم بالأمر نفسه.
اليوم، وبعد انفضاح خيوط المؤامرة وانكشاف مواقع بث الحملات العدائية، يصبح الالتفاف حول القضايا المصيرية للوطن واجبا لا يحتمل التأجيل. المغرب يواجه خصوما يوزعون الحقد ويستثمرون في الفوضى، في الداخل والخارج على حد سواء. مواجهة هؤلاء تستلزم إعلاما يقظا، متماسكا، متجندا، يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
ما حدث ليس مجرد سقوط أقنعة، بل درس حقيقي: الخطر لم يكن بعيدا، بل كان قريبا ويُبث من منصات منظمة خارج الحدود. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يتطلب الدفاع عن المغرب وضوحا، شجاعة، والتحاما وطنيا يحصّن الراي العام ويضع حدا لكل من يحاول المساس بالوطن ورموزه.






