
شهد البرلمان المغربي، يوم الاثنين 3 نونبر 2025، جلسةً مشتركةً تاريخية بين مجلسي النواب والمستشارين خُصصت لتدارس القرار الأممي رقم 2797 بشأن قضية الصحراء المغربية.
وقد ألقى رئيس مجلس المستشارين كلمة مطولة اعتُبرت من أبرز الخطابات البرلمانية في هذا السياق، إذ جمعت بين عمق التحليل السياسي ودفء الحس الوطني، مُجسّدةً لحظة إجماع وطني جديدة حول القضية الأولى للمملكة.
اعتراف دولي يكرّس السيادة الوطنية
في مستهل كلمته، عبّر رئيس مجلس المستشارين عن فخره واعتزازه بما تحقق للمغرب من نصرٍ دبلوماسيٍّ جديد، مؤكداً أن القرار الأممي 2797 يمثل تتويجاً لمسارٍ طويل من النضال الوطني والسياسي امتد لخمسين سنة، منذ ملحمة المسيرة الخضراء المجيدة إلى اليوم.
وقال في هذا الصدد إن هذا القرار الأممي «فتحٌ جديد» كرّس بشكل واضح مشروعية الموقف المغربي وأكّد أن الحل النهائي للنزاع المفتعل لا يمكن أن يكون إلا في إطار السيادة الكاملة للمملكة ومن خلال مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007.
إشادة بالقيادة الملكية والرؤية المتبصّرة
وأكد رئيس مجلس المستشارين أن هذا الاعتراف الأممي لم يكن ليُترجم على أرض الواقع لولا القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، الذي قاد منذ اعتلائه العرش مسيرة دبلوماسية متأنية ومتصاعدة، قائمة على الوضوح والواقعية والثقة في عدالة الموقف المغربي.
وأضاف أن الملك وضع منذ خطابه التاريخي في نونبر 1999 أسساً جديدة لمعالجة ملف الصحراء، قائمة على الإنصاف والموضوعية والواقعية، وهي المبادئ التي حوّلت المسار المغربي إلى نموذج يحتذى به في المنتظم الدولي.
لحظة وطنية تواكب الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء
واعتبر المتحدث أن تزامن صدور القرار الأممي مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء يحمل رمزية عميقة، ويعكس استمرارية المشروع الوطني في استكمال الوحدة الترابية وتثبيت السيادة المغربية على كامل ترابها.
وقال إن هذا التلاقي الزمني بين ملحمة المسيرة الخضراء والقرار الأممي يؤكد أن التاريخ يواصل كتابة فصول جديدة من عهد الوفاء بين الشعب وعرشه، بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد.
دعوة لاستثمار القرار في تعزيز التنمية والوحدة
وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أن هذا التحول الدولي لا يقتصر على تكريس مغربية الصحراء، بل يفتح آفاقاً جديدة للسلم والاستقرار في المنطقة المغاربية والإفريقية، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق بانتصار طرف على آخر، بل بانتصارٍ لقيم الحكمة والتفاهم والعيش المشترك التي دعا إليها الملك محمد السادس.
كما عبّر، بصفته أحد أبناء الأقاليم الجنوبية، عن مشاعره الوطنية الجياشة، مؤكداً أن التنمية التي تعرفها الصحراء المغربية تمثل تحولاً حقيقياً في حياة الإنسان والمكان، وأن هذه الربوع تحوّلت من مناطق كانت تواجه التحديات إلى فضاءات منتجة للفرص والازدهار.
الوحدة الوطنية ركيزة النصر الدبلوماسي
وشدّد رئيس مجلس المستشارين على أن كل ما تحقق من إنجازات ومكاسب دولية هو ثمرة للتلاحم الوطني والإجماع الشعبي الذي جسّدته تضحيات المغاربة، وفي مقدمتهم أبناء الأقاليم الجنوبية، الذين ساهموا في الدفاع عن الوحدة الترابية داخل المؤسسات وخارجها، وفي الميدان التنموي والسياسي.
وأكد أن القرار الأممي لا يمثل نهاية المسار، بل بداية مرحلة جديدة تؤسس لعهد من التعاون والتكامل بين دول المنطقة، داعياً إلى استثمار هذا الزخم لإحياء روح الاتحاد المغاربي على أسس من السلم والازدهار المشترك.
الدبلوماسية البرلمانية امتداد للدبلوماسية الرسمية
وفي ختام كلمته، شدد رئيس مجلس المستشارين على الدور الحيوي للبرلمان المغربي في مرافقة الدبلوماسية الرسمية، مبرزاً أن الدبلوماسية البرلمانية مطالبة اليوم بتعزيز حضورها الإقليمي والدولي للدفاع عن مصالح المغرب وقضاياه العادلة.
ودعا إلى تحويل هذا النصر السياسي إلى دينامية مؤسساتية وتنموية جديدة داخل الأقاليم الجنوبية، تكريساً للثقة الملكية في المؤسسات المنتخبة، وتجسيداً لروح الوطنية الصادقة التي تميز الشعب المغربي في دفاعه عن قضيته الأولى.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن قضية الصحراء المغربية ستظل عنواناً للوحدة الوطنية، ومصدر فخر واعتزاز لكل المغاربة، ورمزاً للرؤية الملكية الحكيمة التي جعلت من المغرب نموذجاً في الاستقرار والقيادة الرشيدة والتنمية المتوازنة.







