
وأنا أتصفح موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، استوقفني مقطع فيديو يوثق لحظة وصول والي أمن مراكش بالنيابة إلى القاعة الكبرى التابعة للمركب الإداري والثقافي، بمناسبة تنظيم ما يسمى “مناظرة المجتمع المدني”. لحظة كان يفترض أن تكرس لهيبة المؤسسات وتنظيم الفعل المدني في إطار من الرصانة والمسؤولية، لكنها تحولت إلى مشهد هزلي لا يليق بمقام المناسبة ولا بمقام من حضرها.
فبينما صدحت بعض النسوة بالزغاريد والصلاة على النبي ترحيبا بحضور والي أمن مراكش بالنيابة وهو أمر يمكن تفهمه في سياق بروتوكولي اجتماعي، جاءت الطامة حين تدخل أحد منتحلي صفة الصحافة، ذاك الذي اشتهر بتطفله الدائم على مختلف الأنشطة والتظاهرات، حاملا هاتفه، ليطالب النسوة بإعادة الزغاريد والصلاة على النبي مرة أخرى، في مشهد يختزل انحدار الذوق المهني إلى درك التهريج، ليتحول هذا الصحفي المزور إلى “نگافة” محترفة، بل “لحاس كابة” من درجة فارس. ليثبت أنه لو سلك طريق “تنگافت” لكان أكثر صدقا مع نفسه ومع الناس، بدل أن يختبئ خلف صفة صحفي وهو يمارس كل ما يناقضها.
الصحافة ليست زغاريد ولا مدحا ولا تصويرا عشوائيا، بل هي مساءلة، نقد، وجرأة في قول الحقيقة، وما جرى ليس مجرد سلوك فردي، بل هو عرض لمرض أعمق ينخر الجسم الإعلامي المحلي، ومراكش اليوم، لا تحتاج إلى “نگافين” ينتحلون صفة صحفيين، بل إلى أقلام حرة تنقل الحقيقة وتدافع عن الصالح العام بجرأة واحترام، فالمهنة التي كانت تعرف يوما بمهنة المتاعب صارت اليوم عند البعض مهنة المناسبات، وهذه هي المصيبة الحقيقية.







