
في مشهد يختزل التناقضات الصارخة بين الخطاب السياسي والممارسة الواقعية، اهتزت مدينة مراكش هذا الأسبوع على وقع فضيحة غير مسبوقة، بعد أن اعتقلت مصالح الأمن اثنين من أبناء مستشارة جماعية بمجلس مقاطعة سيدي يوسف بن علي، المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار، الحزب الذي يقود الحكومة الحالية.
الاعتقال لم يكن اعتباطيا ولا نتيجة وشاية، بل جاء بناء على أدلة دامغة، توثق تورط الإبنين في أحداث الشغب التي شهدتها منطقة سيدي يوسف بن علي، بحر هذا الأسبوع، فالإبن الأول متورط في الهجوم وتكسير واجهة مقر بنك بالمنطقة، في سلوك إجرامي لا يمت بصلة لأي شكل من أشكال الاحتجاج السلمي. أما الإبن الثاني، فقد تم توثيقه وهو يعتدي على عنصر أمن بواسطة حجر كبير، وهي وقائع خطيرة قد تكيف قانونيا ضمن الجنايات، ما يرفع سقف العقوبة إلى عشرين سنة، لكن والحالة هاته اقترنت بظرف الليل فالعقوبة تصل حتى المؤبد.
وهنا يطرح السؤال نفسه، وبحدة، هل كان هؤلاء يحتجون ضد أمهم، بصفتها منتخبة محلية؟ أم ضد الحزب الذي تنتمي إليه، والذي يتصدر المشهد الحكومي؟ أم أن الأمر أبعد من ذلك، ويتعلق بانفصام تام بين ما يقال في الخطابات السياسية وبين ما يمارس داخل البيوت؟.
كيف يمكن لمستشارة جماعية، يفترض أنها تمثل صوت المواطن، أن تعجز عن تأطير أبنائها؟، كيف لحزب يرفع شعارات التنمية والكرامة أن يجد نفسه في قلب فضيحة أخلاقية وأمنية بهذا الحجم؟، وهل من المقبول أن يتحول أبناء المنتخبين إلى أدوات تخريب وفوضى، في الوقت الذي يفترض أن يكونوا قدوة في الانضباط والمسؤولية؟.
العدالة اليوم أمام اختبار حقيقي، والمواطن ينتظر أن يرى القانون يطبق على الجميع، دون استثناء، ودون تمييز، لأن من يعتدي على الأمن، ويخرب الممتلكات، لا يستحق سوى المحاسبة الصارمة، وتشديد العقوبة، مهما كان إسمه، أو نسبه، أو انتماء والدته السياسي.







