
تتزايد المخاوف في الأوساط المتخصصة بالأمن السيبراني من تنامي ظاهرة الحسابات الوهمية على شبكات التواصل الاجتماعي، بعدما تحولت إلى وسيلة لتأطير النقاشات الرقمية ودفعها نحو مسارات مشبوهة ، أبرزها التحريض على العنف وخطاب الكراهية.
ويرى خبراء أن محاولات بعض الأحزاب والهيئات المدنية للتواصل مع الشباب المنخرط في حركة “جيل Z” مازالت رهينة مقاربات تقليدية، بعيدة عن دينامية الفضاء الرقمي الذي يتسم بسرعة انتشار الرسائل وتعدد أشكال التأثير.
وأكد متخصصون أن هذه المقاربة باتت غير كافية خاصة مع دخول أطراف مجهولة تستغل المطالب الاجتماعية وتحورها لتخدم أجندات بعيدة عن جوهر الحراك مما يجعل التحدي أكبر من مجرد إجراءات تقنية أو أمنية ليصل إلى مستوى “اختراق فكري” يصعب تتبعه في غياب آليات صارمة للرصد وهوية رقمية موثوقة.
وأوضح حسن خرجوج خبير في الأمن السيبراني ، أن الحسابات الوهمية لم تعد تقتصر على الهجمات المعلوماتية التقليدية بل صارت تشتغل على توجيه الأفكار نفسها ، وأبرز أن عددا كبيرا من هذه الحسابات تدخلت في احتجاجات بمدينة سلا حيث عملت على تضليل المحتجين عبر بث تحذيرات وهمية من الاعتقال في نقطة تجمع متفق عليها مما أدى إلى تفريقهم نحو أحياء أخرى.
و وفق خرجوج، فإن إشكالية هذا النوع من التدخل تكمن في غياب القدرة على تحديد الجهة التي تدير تلك الحسابات مقترحا اعتماد منصات بديلة مثل “ديسكورد” للتواصل بين الفاعلين والاحتجاجيين بدل الاكتفاء بمقاربات تقليدية ، كما شدد على ضرورة وضع معايير رقمية لتمييز الحسابات الحقيقية عن الوهمية من خلال منع أي خطاب محرض على الكراهية داخل المنصات.
و من جانبه ، أكد الطيب الهزاز وهو خبير في الأمن السيبراني ، أن المعطيات الميدانية تكشف عن نشاط منظم لعدد من الحسابات الوهمية داخل منصات مثل “تلغرام” و”ديسكورد”، إلى جانب مجموعات وصفحات على “الفيسبوك ” ، وأوضح أن هذه الحسابات تنهج أسلوب التلاعب بالتعليقات والمنشورات لدفع النقاشات في اتجاهات متطرفة.
ويرجح الهزاز أن يكون وراء هذه الحسابات تنسيق بين جماعات معارضة محظورة وجهات أجنبية مشيرا إلى رصد موقع رقمي أنشئ تحت اسم “جيل Z” يروج لنداءات طلب دعم خارجي وهو ما يشكل مؤشرا إضافيا على طبيعة هذا التوجيه.
وشدد المتحدث على أن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية لكون تتبع هذه الحسابات يواجه صعوبات تقنية مرتبطة بإخفاء الهوية واللجوء إلى منصات يصعب مراقبتها بشكل مباشر.







