
أصدر رئيس النيابة العامة منشورا موجها إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك بمختلف المحاكم، يوضح فيه المقتضيات القانونية المرتبطة بحماية الحياة الخاصة للأفراد، خصوصا في ظل القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
المنشور أبرز أن القانون الجنائي المغربي يمنع بشكل صريح التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها، وذلك استنادا إلى مقتضيات الفصول 447-1 إلى 447-3. ويشمل هذا المنع كل أشكال التسجيلات، سواء عبر الوسائل الإلكترونية أو التطبيقات الذكية أو الأجهزة التقليدية.
لكن في المقابل، أشار المنشور إلى أن المشرع سمح باستعمال هذه التسجيلات في بعض الحالات الاستثنائية، إذا كانت تشكل وسيلة ضرورية لإثبات واقعة جرمية أو لحماية الضحايا، شريطة أن يعرض الأمر على القضاء للبث فيه وفقا للضمانات القانونية. فالقانون يمنح الأفراد الحق في حماية حياتهم الخاصة، لكنه أيضا لا يغفل ضرورة التوازن مع متطلبات العدالة وكشف الجرائم.
وجاء في المنشور أن التسجيلات التي يجريها أحد الأطراف في حوار خاص قد تشكل في بعض الحالات دليلا للإثبات أمام القضاء، خاصة إذا تعلق الأمر بجرائم تمس السلامة الجسدية أو كرامة الأشخاص، وهو ما ينسجم مع التوجهات الدستورية التي نص عليها الفصل 24 من دستور 2011 حول حماية الحياة الخاصة.
وأكد رئيس النيابة العامة أن القضاة هم المخولون بتقدير مدى حجية هذه التسجيلات، مع ضرورة الموازنة بين حماية الحقوق الدستورية للأفراد وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب. كما شدد على أن استعمال هذه الوسائل ينبغي أن يظل في إطار ضيق واستثنائي، وألا يتحول إلى قاعدة عامة تهدد الحق في الخصوصية.
ويأتي هذا التوضيح في سياق تزايد الجدل المجتمعي والقانوني حول مدى شرعية اعتماد التسجيلات الخاصة كوسائل إثبات، خاصة في قضايا العنف ضد النساء، حيث غالبا ما تكون هذه التسجيلات الوسيلة الوحيدة لإثبات الأفعال المرتكبة.
ومن شأن هذا الاجراءة ان تضع النيابة العامة حدا للبس القائم بخصوص الموضوع، مؤكدة على ضرورة احترام الحياة الخاصة، مع الإبقاء على إمكانية استعمال التسجيلات كدليل، متى تعلق الأمر بحماية الحقوق الأساسية للضحايا وتحقيق العدالة.






