
خلال نهاية الأسبوع الماضي، كنت محظوظا لحضور مبارتين في ظرف 24 ساعة فقط، الأولى أقيمت على أرضية مركب مولاي عبد الله بالرباط في حلته الجديدة المبهرة، والثانية بملعب مراكش الكبير، بعد خضوعه لإصلاحات استغرقت 18 شهرا و42 مليار سنتيم، حيث كانت هذه الفرصة بمثابة اختبار حقيقي لمقارنة وضعية اثنين من أكبر الملاعب في المغرب، لكن لم أكن أتوقع أن أجد هذا التباين الشاسع بينهما، من الإصلاحات التي خضع لها ملعب مراكش إلى التجهيزات الحديثة في مركب مولاي عبد الله، إذ كانت النتيجة محبطة إلى حد كبير.
مركب مولاي عبد الله : “الاستثمار في الصيانة والتحديث”
في اليوم الاول، قررت التوجه إلى الرباط لحضور المباراة التي جمعت بين المنتخب المغربي ومنتخب النيجر يوم الجمعة الماضي، لحساب الجولة السابعة من التصفيات الافريقية المؤهلة إلى كأس العالم 2026، في افتتاح مركب مولاي عبد الله، وكانت المفاجأة كبيرة، بمجرد دخولي إلى الملعب، شعرت بالراحة والتقدير للأجواء، التي كانت تعكس فعلا مستوى متقدما من العناية بالصيانة والتحديث.
المرافق كانت في حالة ممتازة، بدءا بمرافق الملعب المتميزة وكذا الطرقات المؤدية له، مرورا بالنظافة التي كانت ملحوظة في كل مكان، كما كانت التجهيزات التكنولوجية في حالة مثالية، والإضاءة الحديثة كانت توفر رؤية واضحة ورائعة لكل زاوية في الملعب، إضافة إلى ذلك، كان الاهتمام بالتفاصيل واضحًا في المرافق الخاصة بالجمهور، على غرار الممرات، والمراحيض، والأماكن الخاصة بالاستراحة، إضافة إلى توفير كل ما يحتاجه المشجع من أجل متابعة المباراة في ظروف رائعة، كلها كانت في مستوى يليق بملعب من الطراز العالمي.
ملعب مراكش : إصلاحات مبتورة
منذ تدشينه سنة 2011، خضع ملعب مراكش الكبير لعدة إصلاحات وتجديدات، ومع ذلك فإن الوضع الحالي لهذا الملعب لا يعكس الصورة التي ينبغي أن يكون عليها ملعب ضخم من هذا النوع، خاصة مع استضافته للعديد من البطولات الدولية والمباريات الهامة، حيث وفور وصولي إلى الملعب يوم السبت الماضي، لمتابعة اللقاء الدولي الودي بين الكوكب والنجم الساحلي التونسي، كانت هناك علامات واضحة على أن الإصلاحات كانت “جزئية” أو “غير مكتملة”.
الملعب نفسه بدا مهدما في بعض أجزائه، تآكلت أجزاء من المدرجات، كما وقفت عند نقص في الصيانة في بعض المرافق الحيوية مثل دورات المياه والمراحيض، التي كان يستحيل ولوجها، إضافة إلى المدرجات التي كانت متسخة، مما أثر بشكل واضح على راحة الجمهور، دون اغفال الوضعية الكارثية لمنصة الصحافة، التي هجرها ممثلو وسائل الإعلام، بعدما جعلوها أضحوكة في يوم اللقاء، إذ كان الانطباع الأولي أن الملعب يحتاج إلى صيانة شاملة تتجاوز مجرد عمليات التجميل.
أين تذهب الأموال الطائلة التي تنفق على الإصلاحات ؟
الاختلاف الكبير بين الملعبين يثير العديد من التساؤلات حول كيف يتم تخصيص الأموال والموارد للصيانة والتطوير في كل من هذه المنشآت، على الرغم من أن ملعب مراكش خضع لعدة إصلاحات، إلا أنه يبدو أنها كانت سطحية وغير كافية لضمان استدامة الملعب في حالة جيدة، بل إن الفارق بينه وبين مركب مولاي عبد الله يظهر وكأن هناك تباينا كبيرا في الأسلوب المتبع في إدارة كل منشأة، في حين أن مركب مولاي عبد الله يظهر التزاما حقيقيا بالصيانة المستمرة والتحديث، حيث يبدو أن ملعب مراكش لم يكن يحصل على الاهتمام المطلوب للحفاظ على معاييره العالية.
شتان بين ملعبي الرباط ومراكش
ما لا يمكن إنكاره هو أن الوضعية المتردية لملعب مراكش الكبير تؤثر بشكل مباشر على التجربة الرياضية للجماهير، فالملعب المتهالك لا يمكن أن يوفر بيئة مريحة وآمنة للمشجعين، بل وقد يقلل من جاذبيته كوجهة لاستضافة الأحداث الكبرى، في المقابل، مركب مولاي عبد الله، بمرافقه الحديثة والمحدثة، يضمن تجربة رياضية لا تنسى للمشجعين واللاعبين على حد سواء.






