
مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2025/2026، عادت إلى الواجهة معاناة العديد من الأسر والتلاميذ بمؤسسة مجموعة مدارس البساتين أولاد با بجماعة السعادة، نتيجة اختلالات بنيوية متراكمة حولت الدخول المدرسي إلى مصدر قلق بدلًا من كونه انطلاقة تربوية عادية.
وتعود جذور المشكلة إلى تعثر ورش بناء القاعات الدراسية منذ أكثر من ثلاث سنوات دون أي تدخل فعلي لاستكمال الأشغال أو تعويض البناء المفكك ببناء صلب يضمن شروط السلامة والجودة، حيث فرض هذا التعثر على المؤسسة اعتماد صيغة التوقيت الثلاثي، اذ يتناوب ثلاثة أساتذة على قاعة واحدة، في ضرب واضح لمبدأ تكافؤ الفرص وتقليص غير مبرر لزمن التعلم.
وفي هذا السياق، أثار هذا الوضع غضب الأمهات والآباء الذين عبروا في أكثر من مناسبة عن رفضهم تقليص الزمن المدرسي لأبنائهم، غير أن الاحتجاجات والمراسلات السابقة لم تجد أي صدى يذكر، ما أدى إلى استمرار تفاقم المشكلة مع مرور المواسم الدراسية.
ومع بداية الموسم الحالي، وجدت المؤسسة نفسها أمام أزمة أكبر بعد تقليص بنيتها التربوية، مما نتج عنه تفييض أستاذتين وإعادة انتشار باقي الأطر بين المركزية والوحدات الفرعية. هذه الخطوة خلقت ارتباكًا في الاستقرار المهني والاجتماعي لنساء ورجال التعليم، وأثرت بشكل مباشر على جودة العملية التعليمية.
كما أصبحت الأقسام الدراسية مكتظة بشكل غير مسبوق، إذ تجاوز عدد التلاميذ في بعض الفصول 48 تلميذًا وتلميذة، مع استغلال قاعة الإطعام المدرسي للتدريس واضطرار المتعلمين إلى الجلوس ثلاثة أو أربعة في الطاولة الواحدة. هذه الظروف غير التربوية وصفها متتبعون بأنها تمس بسلامة التلاميذ وكرامتهم، وتؤكد غياب رؤية استباقية لتدبير الدخول المدرسي.
ولم يعد المشكلة مجرد ظرفية مرتبطة بالموسم الحالي بل تحول إلى أزمة بنيوية مزمنة تكشف خللًا في التخطيط وغياب الحكامة، خاصة أن الاكتظاظ يتكرر بشكل دائم داخل المؤسسة. وهو وضع يتعارض مع ما ينص عليه الدستور من حق في تعليم جيد وظروف ملائمة، ويخالف القانون الإطار 51.17 والمذكرة الوزارية 039/17 التي تحدد الطاقة الاستيعابية للقسم في 30 تلميذًا كحد أقصى.
كما يطرح هذا الواقع تساؤلات حول التزامات المغرب الدولية في مجال الحق في التعليم، سواء فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو باتفاقية حقوق الطفل التي تنص على ضرورة ضمان تعليم ابتدائي مجاني وذي جودة في بيئة آمنة ومحفزة.
وفي ظل هذه الوضعية، طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، بالتدخل العاجل لتعديل البنية التربوية للمؤسسة واستكمال بناء القاعات مع احترام الطاقة الاستيعابية القانونية وضمان شروط العمل اللائق للأطر التربوية. كما دعت إلى فتح تحقيق في أسباب تعثر ورش البناء وترتيب المسؤوليات الإدارية والمالية، والكشف عن مآل مشروع تعويض البناء المفكك باعتباره مشروعا وطنيا، وذلك من أجل ضمان الحق في تعليم جيد وظروف تربوية سليمة.






