
في تدوينة لاذعة، انتقد الإعلامي المراكشي محمد سراج الضو ما آلت إليه الأوضاع الحضرية في مدينة مراكش خلال السنوات الأخيرة، معتبرا أن المدينة، التي يتم تسويقها كعاصمة للسياحة المغربية ووجهة جاذبة للاستثمار العقاري، تعيش مفارقة صارخة بين صورتها البراقة والواقع المعيشي لسكانها.
وحسب سراج الضو، فإن مراكش تتحول تدريجيا إلى ما يشبه “قرية كبيرة” حيث تتجاور الفنادق المصنفة والإقامات الفاخرة مع أحياء إسمنتية ودواوير تفتقر إلى أبسط شروط العيش الحضري. ويصف المشهد بالتناقض الفج، إذ تجد طرقات متآكلة، وحدائق جرداء مهملة، وفضاءات عامة غير مهيأة، إلى جانب شبكة نقل متقادمة وغياب شبه كلي للمسابح العمومية. أما المراكز التجارية، فيرى أنها متواضعة ولا تختلف كثيراً عن القيساريات التقليدية.
ويضيف الإعلامي أن ما يلفت الانتباه أكثر هو التوسع المطرد للمقاهي ومحلات التدليك ومطاعم الشواء، مقابل انتشار المتسولين والمشردين في مختلف أحياء المدينة، وهو ما يعكس خللاً بنيوياً في تدبير الفضاء العام.
في السنوات الأخيرة، يوضح سراج الضو أن المشاريع السياحية والفندقية تزايدت بوتيرة متسارعة في الضواحي، بينما تباطأ بشكل واضح خلق فضاءات عمومية منظمة داخل النسيج السكني. الأسر، بحسب تعبيره، تضطر إلى البحث عن متنفس لأطفالها في رقع عشبية عشوائية أو مساحات إسمنتية، في ظل غياب حدائق مهيأة أو ملاهٍ حقيقية. أما عند نزول الأمطار، فإن أحياء المدينة تغرق خلال دقائق معدودة، ما يكشف هشاشة البنية التحتية وغياب أنظمة صرف فعالة، رغم أن المدينة تعيش حالة جفاف مزمن منذ أكثر من ست سنوات.
ويقارن الإعلامي بين مراكش ومدن مغربية أخرى مثل الرباط وطنجة وأكادير، التي شهدت قفزات نوعية في تأهيل الفضاء العمومي وربط الأحياء بشبكات من البنيات الثقافية والاجتماعية، في حين بقيت مراكش – على حد وصفه – خارج منطق التخطيط الحضري المندمج، وكأنها فضاء تسويقي للسياحة فقط، لا مدينة متوازنة تراعي التزاماتها تجاه ساكنتها.
ويؤكد أن هذا الخلل يتجلى بوضوح في الأحياء السكنية التي تنمو بسرعة دون أن ترافقها تجهيزات حقيقية، حيث توجه الأراضي التي كان من الممكن تخصيصها للمرافق العمومية إلى مشاريع عقارية مغلقة، ما يعكس اختلالا في ترتيب الأولويات ويعيد إنتاج التفاوتات المجالية بشكل متكرر.
أما ما يُقدم كإصلاحات، فيصفه سراج الضو بأنه لا يتجاوز غالبا التدخلات التجميلية السطحية: ترقيع الحفر، تبليط الأرصفة بشكل متفرق، غرس أعشاب موسمية، أو صباغة الواجهات استعدادا لتظاهرات أو زيارات رسمية. وهو ما يلخصه المثل المغربي “العكر على الخنونة”، حيث يتم تغطية الخلل العميق بمساحيق مؤقتة.
ويستحضر الإعلامي تجربة مؤتمر المناخ “كوب 22” عام 2016، حين ازدهرت المدينة مؤقتاً لتواكب الحدث العالمي، لكنه يعتبر أن تلك اللحظة كانت استثناءً عابرا، إذ سرعان ما تدهورت الأوضاع البيئية وانتشرت النفايات، في ظل تحكم المضاربات العقارية في توسع المدينة على حساب الأبعاد الاجتماعية والبيئية، وغياب رقابة فعالة أو رؤية استراتيجية واضحة.
ومع اقتراب مواعيد دولية كبرى، مثل كأس إفريقيا للأمم 2025 ومونديال 2030، يطرح سراج الضو سؤالاً محوريا: هل مراكش، بوضعها الحالي، مؤهلة فعلا لتمثيل المغرب حضاريا؟ ويشدد على أن المعايير الدولية لم تعد تقاس بعدد الفنادق أو فخامة الإقامات، بل بمدى عدالة توزيع الفضاء العمومي وتوفر المرافق وجودة الحياة لجميع الفئات.
ويختم الإعلامي تدوينته بلهجة حادة، مؤكدا أن مراكش تحتاج إلى “رجة حضرية شاملة” تعيد ترتيب الأولويات لصالح سكانها، وتنقل مقاربة التهيئة من منطق الواجهة إلى منطق العدالة الحضرية والتنمية المتوازنة. ويضيف أن مجلس فاطمة الزهراء المنصوري لم يقدم، حتى الآن، الإضافة المرجوة، معتبرا أن اختزال إصلاح المدينة في ترقيع بعض الشوارع وتعبيد أخرى هو استبلاد لساكنة مراكش وللمواطن المغربي، ومشددا على أن هذه الممارسات لا يمكن تبريرها إلا من طرف من سماهم بـ”المطبلين” المستفيدين من المجلس الجماعي.
https://www.facebook.com/611437815/posts/10161781007882816/?mibextid=rS40aB7S9Ucbxw6v






