
استحضارا للتوجيهات الملكية السامية التي شددت على ضرورة تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، كما ورد في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة 2025، والذي أكد فيه أن “لا مكان اليوم ولا غدا لمغرب بسرعتين: مغرب مزدهر ومندمج، وآخر يعاني من الهشاشة والتهميش”، عبّر منتدى كفاءات إقليم تاونات عن انشغاله العميق باستمرار مظاهر التفاوت المجالي والخصاص التنموي الذي يطال الإقليم، رغم ما يزخر به من مؤهلات بشرية وطبيعية وثقافية.
وبحسب المعطيات الرسمية، فإن نسبة الفقر متعدد الأبعاد في بعض المناطق الجبلية ومن بينها إقليم تاونات تتجاوز 14% مقابل 6.8% على المستوى الوطني، في حين أن أكثر من 35% من ساكنة الجبال والمناطق النائية تواجه صعوبة في الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية. كما يسجل الإقليم خصاصا مهولا في قطاع الصحة، إذ لا يتجاوز عدد الأسرة 1.3 لكل عشرة آلاف نسمة، والأطباء 1.33 لكل عشرة آلاف نسمة، والممرضين 5.8 لكل عشرة آلاف نسمة. ويستمر مشكل الهدر المدرسي في مستويات مقلقة، إلى جانب النزوح القسري نحو المدن الكبرى بسبب انعدام فرص الشغل والتكوين وضعف البنية التحتية.
وانطلاقا من مقتضيات الدستور، لاسيما الفصل 31 الذي يلزم الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بتيسير الولوج إلى الخدمات الأساسية، والفصل 139 الذي يدعو إلى إشراك المواطنات والمواطنين في إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية، دعا المنتدى إلى جملة من المطالب المستعجلة، أبرزها تسريع وتيرة إنجاز البنيات التحتية الأساسية وعلى رأسها الطريق السريع فاس-تاونات، والطريق الوطنية تاونات-الحسيمة، والطريق الوطنية تاونات-وزان، إضافة إلى القناطر والسدود وباقي الطرق الإقليمية، والإسراع في بناء نواة جامعية بالمدينة بعد التراجع عن برمجتها في 2018. كما شدد على ضرورة تعزيز المستشفى الإقليمي والمراكز الصحية بالأطباء المختصين والموارد البشرية الكافية، وإيجاد حلول عاجلة لأزمة العطش في بعض الجماعات رغم توفر الإقليم على سبعة سدود كبرى وتلية.
وطالب المنتدى بإطلاق مشاريع تنموية مهيكلة ومستدامة، منها إنشاء حي صناعي بتاونات وتشجيع المستثمرين على خلق فرص شغل، مع مراجعة ميثاق الاستثمار بما يشجع على توجيه المشاريع نحو المناطق النائية عبر تحفيزات مالية وضريبية، وتمكين المقاولات المحلية من النمو والمشاركة في التنمية. كما شدد على ضرورة إرساء عدالة مجالية حقيقية تنهي الفوارق الصارخة بين المدن الكبرى والمناطق الهامشية، وتفعيل الديمقراطية التشاركية عبر إشراك الكفاءات المحلية في صياغة السياسات التنموية، إضافة إلى تقييم نجاعة السياسات العمومية السابقة ومساءلة الجهات المسؤولة عن تعثراتها، وتبني مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المناطق الجبلية والمهمشة.
وأكد منتدى كفاءات إقليم تاونات أن الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش يشكل خارطة طريق واضحة للمسؤولين، ويدعو إلى الانتقال من المقاربات التقليدية إلى أخرى مجالية مندمجة ومبتكرة تراعي الخصوصيات المحلية وتحقق عدالة توزيع المشاريع. كما جدد استعداده الدائم للانخراط الفعال والمسؤول في كل المبادرات التنموية الجادة، داعيا إلى حوار مفتوح مع كافة المتدخلين من أجل بلورة استراتيجية تنموية تضع الإنسان في صلب الأولويات.






