
تتكرر في مدينة مراكش، تلك المدينة العالمية التي تستقبل ملايين السياح سنويًا، مشاهد يومية مؤلمة تخص إخواننا المرضى العقليين الذين يعيشون وضعية إنسانية مأساوية تثير الكثير من الأسى والتساؤل حول مدى الاهتمام الحقيقي بهذه الفئة الضعيفة.
فبينما يظلّ الفقراء والمتسولون هم محور الكثير من الاهتمام والتضامن، نجد المرضى العقليين في مراكش يعانون من إهمال شديد، فهم بلا حول ولا قوة، يمشون أحيانًا حفاة وعراة، متسكعين في الشوارع بين نظرات الناس القاسية، وهم في الواقع يشكلون خطرًا على أنفسهم أولًا ثم على المواطنين.
ورغم المجهودات التي تبذلها الشرطة في حدود إمكانياتها، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في وزارة الصحة التي تضع هؤلاء المرضى في آخر اهتماماتها، وهو ما يتجلى في غياب التشخيص الطبي السليم والرعاية الصحية المتخصصة لهم.
لا تكاد تمر فترة قصيرة دون سماع أخبار عن جرائم خطيرة يرتكبها أشخاص من هذه الفئة غير مشخصين طبيًا أو محرومين من الرعاية، كما حصل مؤخرًا في قضايا مثل بن أحمد وولاد يوسف، مما يطرح سؤالا حاسما عن مسؤولية الجهات الحكومية والمنتخبة تجاه هؤلاء المواطنين.
فهل يعقل أن يُترك هؤلاء المرضى خارج دائرة الرعاية والكرامة الإنسانية؟ أليس من حقهم أن تتوفر لهم مستشفيات متخصصة وكبيرة في كل جهة تضمن لهم العلاج والاهتمام اللازم؟
إن هؤلاء المرضى ليسوا محبوسين في سجون الجسد فقط، بل في سجون العقل، وهو سجن أشد قسوة، يؤلمهم ويعذبهم يوميًا، ويجعلهم ضحايا الإهمال واللامبالاة.
إنها صرخة موجهة إلى المجتمع والجهات المسؤولة تدعو إلى تحمل المسؤولية، وإعطاء هؤلاء المرضى حقهم في الرعاية والحماية، قبل أن تتكرر المآسي وتزداد معاناة هذه الفئة الضعيفة التي تستحق حياة كريمة وإنسانية.






