تعرف مدينة مراكش في الآونة الأخيرة عودة ظاهرة السرقة للتنامي بشكل مخيف، حيث لم تعد تقتصر على الأحياء الشعبية، وتلك المجاورة لها كما كان من قبل، بل باتت تعرفها كذلك الأحياء الراقية وبعض المناطق السياحية، واحيانا الأماكن الحساسة، ما يثير مخاوف الساكنة وكذا الوافدين عليها.
وتعود الأسباب وراء عودة هذه الظاهرة للارتفاع، إلى عدة عوامل، بما فيها ارتفاع نسبة البطالة، وكذا ظاهرة التعاطي للمخدرات، إضافة إلى غياب الدوريات الأمنية في بعض المناطق، دون اغفال إحدى العوامل المهمة، المتعلقة بغياب عناصر الخبرة المتخصصة في مواجهة الأساليب الإجرامية المتطورة، والتفريط في أفراد الفرق الأمنية المتخصصة في مكافحة العصابات بولاية أمن مراكش.
وتعد مكافحة الجريمة المنظمة، وخصوصا السرقات التي تنفذ بطريقة احترافية، خاصة المتعلقة بالنشل، أكثر المشاكل التي تواجهها المصالح الأمنية بمراكش، ما يتطلب خبرة عالية ومعرفة دقيقة بأساليب عمل اللصوص، حيث أن قلة الكفاءات المتخصصة في تحليل الأنماط الإجرامية، وتتبع العصابات، وجمع المعلومات الاستخباراتية، يحد من القدرة على مواجهة هذه الظاهرة.
وتعتبر فرق مكافحة العصابات، ركيزة أساسية في أي استراتيجية أمنية فعالة لمواجهة الجريمة المنظمة، حيث يتميز أفراد هذه الفرق بتدريب خاص يؤهلهم للتعامل مع المواقف الخطيرة، وجمع الأدلة، وتفكيك الشبكات الإجرامية، لكن التفريط في بعض عناصر الخبرة التي راكمت تجربة كبيرة ضمن هذه الفرقة، على غرار أسماء معينة من قبيل، أحمد بكير وحسن عبد الله وحسن الدراجي، إضافة إعادة توجيههم لمهام أخرى لا تتوافق مع خبراتهم، يؤدي حتما إلى ضعف في القدرة على ردع العصابات الإجرامية، حيث يجد اللصوص بيئة خصبة لتوسيع أنشطتهم، مما يزيد من معدلات السرقات وتنوعها.
ومن شأن الارتفاع المهول لعمليات السرقة في الفترة الأخيرة، خاصة التي تستهدف السياح والوافدين على المدينة الحمراء، أن يسيء لصورة مراكش، ويهدد القطاع الذي تنبض به “السياحة”.
ولا يقلل هذا الوضع، من الجهود المبذولة من طرف ولاية أمن مراكش، تحت قيادة الوالي بالنيابة محمد مشيشو، الذي يقوم رفقة باقي الفرق بعمل جبار للحد من ظاهرة الإجرام بمختلف أشكالها، وذلك بالرغم من التعقيدات وتطور أساليب العصابات الإجرامية، حيث تم التمكن من تفكيك العديد من الشبكات الإجرامية، وإحباط محاولات السرقة، والقبض على الجناة في وقت قياسي.
وتستدعي هذه الوضعية وفق ما كشف أحد المختصين، تقييم شامل للاستراتيجيات الأمنية المتبعة، مع الاستعانة بعناصر الخبرة خاصة على مستوى فرقة محاربة العصابات بولاية أمن مراكش، و التركيز على تأهيل أفرادها على أحدث التقنيات وأساليب مكافحة الجريمة المنظمة، والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، التي تساعد على الكشف عن الجرائم وتتبع المجرمين، والأهم من ذلك، مع تعزيز ودعم الفرقة المذكورة بالموارد البشرية والمادية اللازمة، وتمكينها من أداء مهامها بكفاءة، كما يجب أن تتكامل هذه الجهود الأمنية مع برامج اجتماعية واقتصادية تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للجريمة، مثل البطالة والفقر والتهميش، قصد خلق بيئة مجتمعية أكثر أمنا واستقرارا.
