
تناسلت الأخبار بشأن والي جهة مراكش- أسفي عامل عمالة مراكش، وتداولت نبأ إعفائه من منصبه وتعيين خلف له، فيما تصر السلطات المعنية على لزوم الصمت حول ما يشغل الناس من مواقف واجبة، إعمالا للمبدإ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.
ولن يفتي أحد على أجهزة الدولة ما يحق لها المساءلة به وترتيب المحاسبة عليه، ولا الحلول محلها لترتيب الجزاء وتوقيع العقوبة أو حتى تكييف القضية وتحرير صك الاتهام، غير أنه من المسؤولية الأخلاقية النظر باتساع ولو بعينين مغمضتين، إلى واقعة نحر الأضحية يوم العيد خلافا لما أهاب به أمير المؤمنين من الكف عن الأضحية هذه السنة لظروف المغرب التي لا تخفى عن شعبه الوفي، وذلك في سياق يجب على السلطة أن تمارس فيه صلاحيات الدولة.
إن الولاة والعمال ومعهم مسؤولون سامون ووزراء وموظفون كبار، صاروا خلف فئات من المجتمع تتقمص أدوارا لا تؤهلها لهم مستوياتهم لا الاجتماعية ولا الثقافية ولا الفكرية أو الفقهية العلمية، بل أن أوضاعهم الاعتبارية لا تجعلهم في مقدمة الصفوف التي أصبحوا في أولها ومن خلالها تسلقوا إلى مراكز أسدلوا فيها على أكتافهم البرانس وتخيلوا أنهم يمتطون صهوات الجياد وفي كفوفهم الصولجان.
وهؤلاء فرث مجتمع لكنهم، تسلطوا بنفوذ اكتسبوه بشتى حيل التزلف والتسلق والنفاق متوسلين بالشعوذة والوساطة والسمسرة، ينتهجون كل سبيل لا تهمهم فيه سوى محطة الوصول لنهاية الطريق ولو كان المرور على الجثت والقبور وطئاً بلا هوادة على الرفات.
وانكمشت السلطة بقبضة هؤلاء، فغُلَّتْ يدُها وشُلَّت حركتُها وانقاد الرأيُ لمن لا رأيَ له، فتحكمتِ الدهْماء في القرار حينما سيطر اللُّبس بالزيف والخداع على مظاهر الحياة التي لم يعد الناس يميزون من خلالها وداخلها بين ما يختص به “المخزن” من غيره سواء في الاحتفال أو الإقامة أو المعمار أو المطايا وشتى الطقوس.
وبعض الذين تعوزهم الإمكانيات المادية للتظاهر بمظاهر الأسياد علية القوم من “دار المخزن”، لم تعوزهم “الجبهة” لادعاء ما ليس لهم فيه نسب ولا لهم به قرابة، فيتطاولون تسبقهم صدورهم بحناجر مبحوحة تلفظ كلمات مؤثرة تُسَهِّل بانتحال الصفات كل طريق وتُيَسِّر بالاحتيال كل أمر، ولهم مما يفعلون مشاهد وفصول مبثوثة بالصورة والصوت في مواقع عديدة “لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.
فالمساءلة يجب أن ترقى لجماعات تجاوزت قدرها وتخطت حدودها وبلغت مبلغ المطالبة العاجلة والملحة لردها الى حجمها حيث لا ما يؤهلها لما تتبوأه من مراكز وما تقتعده من كراسي وما تتقدم إليه من مجالس وتتموقع في صفوفه بين الأعيان.
وإن أهم ما ينبغي به محاسبة كل شخص ليس وفقط من أين لك هذا من العقار والمنقول وكل مال، إنما أيضا من أين لك هذا الجاه والأبهة والعظمة والمنصب وما تدعيه من تفوق على السلطة ورجالها، وكذا ما تحتال به من استيحاء المراسيم الرسمية للاحتفالات والاستقبالات والطقوس المخزنية؟؟!!!!






