
ما وقع على هامش اجتماع المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة يوم السبت 31 ماي 2025 بمدينة سلا، ليس مجرد مشهد عابر بل علامة صارخة على الانهيار الأخلاقي الذي بات ينخر العلاقة بين بعض السياسيين ومنتحلي الصفة الصحفية. فقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق لحظة مهينة، ظهر فيها شخصان يقدمان نفسيهما كصحفيين وهما يتوسلان أحد منتخبي الحزب من أجل مبلغ مالي، قبل أن يباغت الشاب مرافقته بخطف ورقة نقدية من فئة 200 درهم من يد المنتخب، في سلوك وصفه المتتبعون بالمخجل والمهين للمهنة.
هذا المشهد، الذي هز الرأي العام، أعاد إلى الواجهة واحدة من أكثر الظواهر خطورة داخل المجالس المنتخبة، توغل جيش غير مهني من المنتسبين للصحافة في الفضاءات السياسية تحت غطاء التغطية الإعلامية، بينما الحقيقة أنهم مجرد أدوات للابتزاز أو التلميع المدفوع الأجر، وهو ما يتطلب وقفة صارمة من المنتخبين والسياسيين قبل الجهات التنظيمية.
ففي عدد من الجماعات الترابية، وخصوصا التي يقودها منتخبون من أحزاب الأغلبية ، تحولت ورقة 200 درهم، المعروفة في الأوساط ب”الزرقلاف”، إلى عملة رائجة بين مسؤولي المجالس وحملة البونجات من منتحلي الصفة الصحفية، تُمنح مقابل الصمت أو تغطية موجهة، في إطار عرف غير مكتوب أصبح يشوه المهنة ويسيء إلى صورتها أمام الرأي العام.
ظاهرة حملة البونجات هذه، التي تجد حاضنة سياسية ومالية داخل بعض المجالس المنتخبة، أفرغت العمل الصحفي من مضمونه المهني والأخلاقي، وكرست مشهدا عبثيا يُفرق فيه المواطن بين الصحفي الحقيقي والمتسول الإعلامي فقط من خلال ما إذا كان يحمل ميكروفونا أم لا.
هذا الواقع المؤسف يفرض دق ناقوس الخطر، ويفرض على المنتخبين الكف عن رعاية هذه الفئة التي تسللت إلى المهنة بدون أي تكوين أو مرجعية، بل وجعلت من الميكروفون وسيلة ابتزاز سياسي وتجاري. كما يتوجب على الجهات الوصية، وعلى رأسها المجلس الوطني للصحافة ووزارة الاتصال، التدخل العاجل لإعادة هيبة المهنة وتنظيفها من كل من دنسها.





