
✍️ : بقلم محمد الشباني الادريسي
رجوع الكوكب إلى مجرّته ليس مجرد خبر رياضي يُتداول بين عناوين الصحف أو منصات التواصل. بل هو ارتجاف قلبٍ ظلّ ينتظر لسنين، ودمعة حنينٍ تأبى أن تسقط إلا في محراب العشق المراكشي القديم، هناك… في ملعب الحارثي، حيث وُلدت الحكاية.
لقد طال الغياب، وذبلت الذاكرة الكروية شيئاً فشيئاً مع كل موسم يُلعب بعيداً عن الديار، بعيداً عن المدرجات التي كانت تنبض بحناجر العشّاق، وعن مدرجات كانت تحفظ ألقاب الأبطال كما تحفظ الأم أسماء أبناءها. ملعب الحارثي لم يكن يوماً مجرد أرضٍ ذات خطوط بيضاء، بل كان مسرحاً أسطورياً حيث امتزج العرق بالفخر، والهتاف بالأمل، والانتماء بالتاريخ.
فريق الكوكب المراكشي، هذا النجم الأحمر الذي طالما زاحم كبار الكرة المغربية، يعود اليوم إلى مسرحه الطبيعي. وكم هو مؤثر أن تتقاطع العودة مع موعدٍ عزيز على القلوب: مباراة في كأس العرش ضد نهضة بركان، المسابقة التي يعرفها الكوكب جيداً، وقد تزيّن اسمه على صفحاتها الذهبية ستّ مرات، كواحد من أنجح الأندية المغربية في تاريخها. وكأن الزمن ذاته قرر أن يصالح المدينة مع ذاكرتها، أن يرد الجميل لقلوب ظلّت تنبض باسم الكوكب رغم كل العثرات
عودة الكوكب إلى ملعب الحارثي هي أكثر من مجرد استعادة جغرافيا. إنها عودة الروح إلى الجسد، وعودة الطيف إلى ظلاله، وعودة النبض إلى قلب المدينة. إنها رسالة رمزية تقول: “من الصبر يولد المجد، ومن الوفاء يُكتب الخلود”.
وللجماهير، التي لم تخن يوماً، ولم تساوم على حبها، فإن هذه العودة بمثابة لقاء العاشقين بعد فصول طويلة من الفراق. ستعود الأعلام لتُرفرف، وستُرتّل أسماء اللاعبين كما تُرتّل الأناشيد، وسيهتز الحارثي مرة أخرى تحت أقدام الوفاء، لأن المجرّة لا تكتمل دون كوكبها… والكوكب لا يُضيء إلا حين يكون في مداره الطبيعي.







