محمد موهوب يفصل في العلاقة بين السياسة والفن

1914 مشاهدة

محمد موهوب يفصل في العلاقة بين السياسة والفن

حل الأستاذ والفيلسوف محمد موهوب، مؤخرا، ضيفا على برنامج « فن وسياسة » الذي يداع على أمواج الإذاعة الجهوية لمراكش، من أجل الخوض والتفصيل في العلاقة بين هذه الثنائية من منظوره الخاص وتصوره الموضوعي كباحث ومثقف وعالم.
وكان أول ما استحضره الأستاذ موهوب في حديثه حول العلاقة بين السياسة والفن، هو تدريسه لمادة الفلسفة فيما سبق، واعتبر أنها ممارسة للسياسة في حد ذاتها، مشيرا أن الفلسفة نشأت كبديل عن واقع متردي في القرن الرابع الميلادي، وأحال في هذا الباب على موقف أفلاطون آنذاك، في مجتمع استبدادي استعاض منه المجتمع الآتيني بما يسمى « حكومة الثلاثين »، حيث أن من بين الحكام الذين حكموا آثينا في مرحلة من مراحله، كان بعض أفراد عائلة أفلاطون، وهو أمر جعل هذا الأخير يعرف السياسة عن قرب، ويقول « بمقتضى الشباب كنت مؤهلا لأن أخوض في الشأن السياسي وقرابتي من المدبرين للشأن السياسي كانت عنصرا إضافيا، الكل كان يدفع بي إلى السياسة ولكن عندما وقفت على أن الحكم الاستبدادي والحكم الديمقراطي، اللذان تكالبا كلاهما على أفضل رجل كان الذي هو سقراط في توريطه في قضايا سياسية فاسدة، وقفت على أن المناخ السياسي يلزمه تقليب الأرض وليس فقط إضافة اختيار سياسي وسط باقي الاختيارات ».
وأبرز موهوب أن الفلسفة هي طريقة تدبير سياسي للأوضاع، وأعطى مثالا آخر عن أهمية السياسة مقتبس من مؤلفه « ألكسندر كوري.. العلم والفلسفة والسياسة »، عالمان كبيران أحدهما توماس كون والآخر قرقوبر، يقول توماس « أنا واثق أن لنا نفس التكوين ولا يمكن أن يؤاخذ أحدنا على الآخر مكلبة في تكوينه أو مساره، نحن على نفس الدرجة في التكوين واختلافنا يتجلى في توجهاتنا السياسية وتصوراتنا للمجتمعات التي نريد أن نمارس فيها العلم »، وهذا ما يميز السياسة عن العلم حسب تصور موهوب.
وفي سياق متصل، يرى المؤرخ المراكشي أن الرجل السياسي اذا أراد أن يكون له تصور متجدر ومثين، فيلزمه أن يمدحه من يكون له سند نظري وسند ثقافي وسند معرفي لتصوره السياسي، وأما تصور المثقف فيلزمه أن يقارب موضوعه ويمر عبر محك الواقع والتجربة، سواء تمكن هو من القيام بها أو تمكنت نتائجه وتصوراته من الاختبار الذي يمكن أن يقيمه عليها ويعرضه لها.
أما المواطن، بغض النظر عن كونه مثقفا أو سياسيا، فيلزم أن يكون له اهتمام بوسطه والشأن العام، وحسب تفكير فلسفي فهي « تفكير حاضر في الحاضر »، وهذا الشأن ينقسم لاثنين، يعضده ويمدحه من مصدر نظري وقع أن اقتحم تجربة تمحيص هذا العمل النظري يكون هناك سياسي، وقد خلق الحزب في رأب الصدع بين المثقف والسياسي، وهذا الحزب يعطي للسياسي السند المعرفي رغم عدم توفره عليه، ويزكي الشخص وليس العكس، والسياسة عندما كانت لها تقاليد فإن الأحزاب هي من كانت ترأب الصدع.
واعتبر محمد موهوب أن السياسة هي جزء من وضعية المواطن، وهذا ما كان يتصور في المدن الفاضلة، ومجرد اختيار التصويت على شخص أو لائحة معنية فهو يعني ممارسة السياسة، وهي نواة للتفكير السياسي.
ويضيف أستاذ الفلسفة أن ما يلزم مساءلته الآن في وقت أصبح السياسي يغير قبعته السياسية وولاءه للحزب، في أصلها، بمعنى انسحاب السياسي، فيمكن النظر على مستوى حكومات الدول، انسحاب الأفكار التي تدبر شأن المجتمعات والعلاقة فيما بين مكوناتها، وهو أمر صادم وظاهرة عالمية، بسبب تداخل الأفكار وافتقاد المواطن الثقة في السياسي، وهي تستلزم إعادة النظر في مكونات الدولة، لأن الدول حاليا يدبرها الاقتصاد والمال أكثر مما تدبرها السياسة، فهي تصور للبحث عن مشترك.
وفي سؤال عن عزوف النخبة المثقفة عن العمل السياسي، أكد موهوب أنه يلزم التمييز بين قضايا تهم الشأن العام من قبيل الربيع العربي أو جائحة كورونا، من خلال القيام بنقد ذاتي داخلي يجعل لهم تصور عن الموضوعية بمقتضاه يجب أخذ مسافة للتفكير في الموضوع أو مقاربته، وهذه المسافة عمليا في القضايا الاجتماعية قد تستغرق سنوات للحصول على الأرشيف الخاص بها، وهي مفارقة بين تصور موضوعي لمقاربة الشأن العام بالنسبة للمثقف وجب أن يتحرر منها.
ويرى موهوب أن المثقف يحكم من خلال ما تملكه يده من معطيات آنية ويفترض أن يحاكم ثقافيا من خلال ذلك، لكون هذا الجانب ينقسم إلى شقين، الأول يعيد النظر في تصوره لموضوعيته، والثاني في ترفع المثقف عن الخوض في بعض القضايا.
لكن الأهم بالنسبة للمفكر محمد موهوب هو تحسيس الشباب بأهمية تدبير قضايا المدينة بعيدا عن ممارسة السياسة، اذ لا يوجد مثقف غير مهتم بقضايا شأنه العام، لكنه ينسحب ويرجع إلى الوراء عندما تصبح شروط اللعبة وقواعدها غير واضحة أو تكون مغشوشة منذ البداية.
ويضيف موهوب أن المثقف هو المنخرط في قضايا مجتمعه وبالتالي سيكون معترضا على السياسة التي يفرضها المال، واذا ما تجاوز ذلك الحدود أصبحت اللعبة غير سليمة، وبالتالي من حقه أن يرجع إلى الوراء مع الالتزام بأشياء أخرى، فالمجتمعات المدنية صارت اليوم تخلق بعض البدائل، لأن الأحزاب لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن صار المجتمع المدني يفرض نخب بإمكانها تدبير جميع القضايا.
وختم موهوب النقاش بجواب عن علاقة المثقف والسياسي بالقيم، مؤكدا أن المثقف يعتبر راعيا للقيم غير المتكلسة من خلال محاورتها والوقوف على كيفية تشكلها تاريخيا، لأن القيم هي ما يجمع المجتمع ويعطي معنى للوجود البشري، أما السياسي فهو غير منخرط في قضية القيم والدليل على ذلك أنه يغير ولاءه، منبها إلى أن قضية القيم اليوم عالميا، أصبحت موضع تحول كبير يجعل البشرية تعيش أمام منعطف خطير.

9 commentaires sur “محمد موهوب يفصل في العلاقة بين السياسة والفن

  1. 997476 640953Wow! Thank you! I always wanted to write on my web site something like that. Can I incorporate a portion of your post to my web site? 897694

  2. 70339 786370When I originally commented I clicked the -Notify me when new feedback are added- checkbox and now every time a remark is added I get four emails with exactly the same comment. Is there any approach you will be able to remove me from that service? Thanks! 230765

  3. 898136 716227Hiya! Fantastic blog! I happen to be a day-to-day visitor to your site (somewhat far more like addict ) of this site. Just wanted to say I appreciate your blogs and am seeking forward for a lot more! 803213

  4. 668686 671255A person essentially lend a hand to make significantly articles I may possibly state. That may be the extremely initial time I frequented your website page and up to now? I amazed with the research you produced to create this particular publish incredible. Great activity! 560061

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

اخر الأخبار :