همسات تائه في روما

1950 مشاهدة

همسات تائه في روما

الإسلام في مهد الكاثوليك

احتكت عجلات الطائرة بالمدرج معلنة نهاية الرحلة بأمان بعدما جاوزت ثلاث ساعات و نيف من التحليق. أتممنا إجراءات الدخول، تلقفت حقائبي ثم تهت رفقة زوجتي و ابني ما بين ردهات ذلك الصرح العظيم . مطار روما البهيج أو  » فيوميتشينو  » من أضخم، وأجمل مطارات القارة العجوز. أينما وليت وجهك تصعقك اللغة الإيطالية ، إعتزاز ما بعده اعتزاز بلغة الأمة و ثقافتها، وحضارتها التي تصدع بعبق التاريخ. و بينما كنت مشدوها ألتمس منفذا ينتشلني من هذه المتاهة، استوقفتني لوحة مثبتة فوق قاعة وقد نقش عليها: قاعة للصلاة. وضعت حقائبي، و أشرت لزوجتي باتجاه اللوحة، ثم تسمرنا لبرهة نتأملها. ساقني فضولي لتبين الأمر. فذهلت حين ألفيت رجلا راكعا يصلي.حينها أيقنت حقا أن هذا البلد لم ينل عبثا لقب مهد الحضارات.
توالت الأيام و الشهور، و قررأحد المسؤولين تدشين مقر جديد. صرنا نتفقد المرافق، حتى إذا ما بلغنا الطابق الأرضي لمحت لوحة معلقة على جدار بمحاذاة أحد المكاتب الذي لا تتعدى مساحته ثلاثة أمتار مربعة، وقد دون عليها عبارة مسجد. فهمست للمسؤول بكل أدب أن تستبدل كلمة مسجد بعبارة قاعة للصلاة بالنظر لحجم القاعة، ولانعدام المقومات الأساسية للمسجد. استحسن

 

المسؤول الفكرة ، وأمر بانجاز المطلوب على الفور. لكن دهشتي، وحيرتي ستشتد حينما سيعلق أحد المرافقين قائلا:
في نظري يستحسن أن نستغل هذه القاعة كمكتب، و من أراد الصلاة فليصلي في مكتبه…
امتقع لون المسؤول، و بدا محرجا، فلاذ بالصمت و لم ينبس ببنت شفة و هو يغادر و كأنه لم يسمع شيئا….
حينها ، تقافزت أمامي لوحة قاعة الصلاة بمطار « فيوميتشينو » بروما، فتملكني الضيق، والحنق، وأدركت شساعة البون بين الفريقين.

اخر الأخبار :